مصير غامض لاتفاقات تصدير الدواء التونسي إلى السودان

02 يوليو 2019
تونس تسعى لتطوير صناعة الأدوية (فرانس برس)
+ الخط -

 

تسود حالة من الغموض اتفاقات تصدير منتجات الصناعة الدوائية التونسية إلى السودان، بعد توقيع نحو 10 مصانع أدوية على عقود مع وزارة الصحة السودانية ومصنعين في القطاع الخاص، من أجل تغطية جزء من السوق السودانية بالأدوية والمستلزمات الطبية.

وبمقتضى هذه الاتفاقات، كانت مصانع الأدوية التونسية تنوي نقل جزء من صناعاتها إلى السودان عبر شراكات مع مصنعين محليين، والحصول على حوافز استثمارية وعدت بها الحكومة السودانية قبل إطاحة الجيش نظام عمر البشير قبل نحو ثلاثة أشهر.

وفي إبريل/ نيسان من العام الماضي 2018، وقعت وزارة الصحة التونسية مع نظيرتها السودانية أربع اتفاقيات في المجال الصحي، شملت تطوير المعامل والسياحة العلاجية في السودان، إلى جانب اتفاقية للتعاون المشترك في مجال الصناعات الدوائية.

وقالت سارة المصمودي، رئيسة غرفة مصنعي الدواء في تونس، إن الصناعيين لم يقدموا حتى الآن للغرفة أي بيانات عن مصير الاتفاقات الموقعة، مرجحة تعثرها في ظل الوضع الصعب الذي يمر به السودان حالياً.

وأشارت المصمودي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن ما لا يقل عن 10 مصنعين تونسيين كانوا ينوون نقل خبرتهم إلى السوق السودانية بما يساعد على زيادة صادرات القطاع، مشيرة إلى أن صادرات القطاع بشكل عام زادت خلال 2018 بنسبة 53 بالمائة مقارنة بالعام السابق عليه عام 2017، مسجلة 165 مليون دينار (54.13 مليون دولار).

وأضافت أن تطور الصادرات مرده الطلب على الدواء التونسي وارتفاع معدل التصدير نحو الدول الأفريقية جنوب الصحراء وليبيا أساساً.

ويعمل في قطاع الصيدلة أكثر من 73 مؤسسة توفر نحو 86 ألف فرصة عمل، فيما يعتبر خبراء البنك الدولي أن هذه الصناعة قادرة على مضاعفة فرص العمل الجديدة، في حال إجراء الإصلاحات وتيسير إجراءات الحصول على تراخيص الأدوية والتصدير.

في المقابل يبلغ عدد المصانع العاملة في صناعة الأدوية بالسودان حوالي 27 مصنعاً تنتج 232 صنفاً، من بينها أدوية الضغط والسكري والأزمات القلبية والمضادات الحيوية بأنواعها والالتهابات والملاريا ومخفضات الحرارة.

وتعد القوانين التونسية لصناعة الدواء وتوريده من أكثر القوانين صرامة، إذ تبقي وزارة الصحة على اليد العليا في منح تراخيص الاستغلال والتسويق والمراقبة، فضلاً عن احتكار تصدير الأدوية الذي يتم حصرياً عن طريق الصيدلية المركزية.

والدواء في تونس من أبرز الصناعات الصاعدة على الصعيد العالمي.

وقالت نادية فنينة، المسؤولة عن وحدة تصدير الخدمات الصحية في وزارة الصحة التونسية، إن الوزارة تسعى إلى مساعدة كل مصدري الخدمات الصحية على تجاوز صعوباتهم وتفعيل الاتفاقات الموقعة بما في ذلك في قطاع صناعة الدواء.

وأضافت فنينة لـ"العربي الجديد" أن المناخ السياسي في بعض البلدان يحول دون مواصلة تصدير الخدمات الطبية والأدوية التونسية إلى هناك، معتبرة أن الاتفاقات تظلّ معلقة إلى حين، غير أنها قابلة للتحقق مع توفر الظروف الملائمة.

وتتجه الجهود التونسية نحو رفع قيمة الاستثمارات المخصصة لقطاع الصناعة الدوائية عبر تشجيع إنشاء وحدات صناعية جديدة متطورة، بما يسمح برفع حجم التصدير في السنوات المقبلة عشر مرات عن الأرقام المحققة حالياً.

ووفق بيانات وزارة الصحة، نمت صناعة الأدوية في تونس بمتوسط سنوي قدره 15 في المائة، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي.

ورغم أن أزمات نقص الأدوية والخبز والوقود أجّجت الاحتجاجات التي عجلت بإطاحة المجلس العسكري للبشير في إبريل/ نيسان الماضي، إلا أن هذه الأزمات ما تزال مستمرة في ظل عجز المسؤولين عن إيجاد حلول جذرية لها.

ويعاني السودان من تراجع حاد في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المختلفة بشكل كبير ونقصها في الأسواق.

وكان مجلس الوزراء في عهد البشير قد أجاز في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 خطة حول الصناعات الدوائية تستهدف إنتاج 80 في المائة من قائمة الأدوية الأساسية بحلول عام 2020. وقال رئيس الوزراء آنذاك، معتز موسى، إنّ قضية الدواء من أولويات الحكومة.

وقفزت أسعار العديد من أصناف الأدوية في السوق إلى نحو 300 في المائة خلال الفترة الماضية، بينما يركز الصندوق القومي للإمدادات الطبية (حكومي) على توفير الأمصال والأدوية المنقذة للحياة مجاناً لأقسام الحوادث والطوارئ في المستشفيات.

ووسط تصاعد الأزمة السياسية في السودان بين المجلس العسكري الانتقالي والمحتجين، يكابد أغلب أرباب الأسر في العاصمة الخرطوم ومختلف المحافظات من أزمات معيشية واقتصادية عديدة منها شح العملة الوطنية والتي تجاوزت نحو عام و4 أشهر، منذ تفجّرها في فبراير/شباط 2018، بالإضافة إلى موجات الغلاء المتتالية التي ضربت الأسواق.

ووفق بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء (حكومي)، ارتفاع نسبة التضخم خلال شهر فبراير/ شباط الماضي الى 44.29% بنسبة ارتفاع 1.93%عن شهر يناير/ كانون الثاني الماضي الذي سجل 43.45%، إلا أن خبراء اقتصاد يشككون في شفافية هذه البيانات، في ظل الارتفاع المتواصل في أسعار السلع والخدمات.