ويهدّد هورست زيهوفر وزير الداخلية الاتحادي، وزعيم حزب "الحزب الاجتماعي المسيحي" (المنضوي في الائتلاف) بشكل صارخ بالانحراف في موقفه وسياسته تجاه اللاجئين، بينما تصرّ ميركل على العمل المشترك بالملف على مستوى دول الاتحاد الأوروبي.
ويفترض أن تجترح ميركل حلاً قبل بداية يوليو/تموز المقبل، الموعد الذي أعلن عنه زيهوفر للبدء بصدّ اللاجئين الذين تقدموا بطلبات لجوئهم في دول أوروبية أخرى، عند الحدود الألمانية.
ورغم فترة السماح التي منحت لميركل، يبدو أنّ زيهوفر، يحاول الكسب شعبوياً في ألمانيا، حيث يتحضر حزبه لخوض انتخابات برلمانية في عرينه بافاريا، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بينما ترجح كافة استطلاعات الرأي خسارة حزبه الأكثرية المطلقة في برلمان الولاية، مقابل حصد اليمين الشعبوي عدداً وفيراً من المقاعد.
ويخوض زيهوفر المعركة إعلامياً، بنبرة لا تخلو من الحدة والتصويب على المستشارة وسياستها، إذ قال، لصحيفة "بيساور نويه برسه"، أخيراً، "إذا لم يكن هناك من حلّ أوروبي (لملف اللاجئين)؛ فسوف يتعيّن علينا التصرف على المستوى الوطني"، مضيفاً "لقد تحدّثوا على مدار ثلاث سنوات، وحان الوقت لاتخاذ القرار".
وشدّد على أنّه "لا ينبغي أن يتمكّن اللاجئون من تقديم طلبات اللجوء في عدّة بلدان أوروبية"، مؤكّداً في الوقت عينه، أنّه لن يلغي خطته الشاملة للجوء.
ويحاول زيهوفر التصدّي لتلويح ميركل بإقالته من الحكومة، في حال أقدم على اتخاذ قرار أحادي يحرج ألمانيا أوروبياً، ويتعلّق برفض دخول اللاجئين الذين تم تسجيلهم بالفعل في بلد أوروبي آخر، منطلقاً في موقفه هذا من كونه يرأس أحد الأحزاب الثلاثة المكونة للائتلاف الحكومي، ويفاوض بدعم كامل من حزبه، محذّراً من أنّه "إذا كان عمل وزير الداخلية لا يرضي المستشارة فيجب إنهاء الائتلاف بأكمله".
وعن الوضع المتفاقم مع ميركل، قال زعيم كتلة الحزب البافاري في البوندستاغ، في حديث مع مجلة "دير شبيغل"، "لا أستبعد أن ينهي نزاع اللجوء، المجموعة البرلمانية للاتحاد المسيحي، والأمور الآن مفتوحة على كافة الرهانات".
وبدا زيهوفر مشكّكاً بإمكانية الوصول إلى موقف موحّد، وخط عمل مشترك مع ميركل وحزبها، مضيفاً أنّ "الاتحاد المسيحي سيقرّر مباشرة بعد قمة الاتحاد الأوروبي، المرتقبة في 28 و29 يونيو/حزيران المقبل، بشأن كيفية المضي قدماً، في حال لم تتمكن ميركل من التوصّل إلى حل أوروبي لملف اللاجئين"، متمسكاً بالقول إنّ "حزبه يريد وبسرعة تنفيذ قرار رفض اللاجئين عند الحدود الألمانية".
في المقابل، تلقى ميركل دعم أعضاء حزبها "الحزب المسيحي الديمقراطي"، والذين يرون أنّ زيهوفر يحاول نقل الائتلاف الحكومي إلى اليمين في وجه الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أنّ توجهاته أضعفت الموقف التفاوضي لألمانيا في أوروبا، ومعربين عن خشيتهم من أن تفجر مخططاته الائتلاف الحكومي، من أجل المصالح المحلية البافارية.
ويصف مراقبون "الحزب الاجتماعي المسيحي" بقيادة زيهوفر، على أنّه "الأرنب الذي يحدّق في الثعبان"، بينما يرى آخرون أنّ ميركل باتت مطالبة بإبداء نوع من الليونة، والتخفيف من تصلّب المواقف من دون الانكسار، مشدّدين على ضرورة عدم شلّ حكومة ألمانيا بسبب اللاجئين، مشيرين إلى وجود قضايا أخرى تهم المواطنين الألمان مثل معاشات التقاعد وزيادة الأجور للممرضات وملفات التعليم والبنية التحتية وغيرها.
التباين في المواقف بين شريكي الائتلاف الحكومي، دفع بزعيمة "الحزب الاشتراكي" أندريا ناليس، للتحذير مجدداً من خطورة الأزمة الحكومية، والنزاع المطروح حول سياسة اللجوء، معبّرة عن أسفها للطريقة التي تُدار فيها الأمور.
وفي هذا الإطار، قالت ناليس، للقناة الألمانية الأولى: "يبدو أنّ الحزب البافاري في حالة من الذعر من فقدان الأغلبية المطلقة في انتخابات بافاريا المقبلة"، لافتة إلى أنّ "النزاع المثار حالياً لم يعد يتعلّق بسياسة اللاجئين، بل حول الصراع على السلطة، والمكاسب الداخلية ضمن الحزب الواحد".
وتكشف آخر استطلاعات الرأي التي نشرت أخيراً في ألمانيا، عن تراجع في شعبية ميركل، بحجة سياستها في ملف اللجوء. وأشار استطلاع، أمس الجمعة، نظمه معهد "بوغوف"، إلى أنّ 43% يؤيدون تقديم المستشارة استقالتها، بينما يؤيد 42% بقاءها في منصبها، في حين لم يعبّر 15% من المستطلعين، عن آرائهم بهذا الموضوع.