مصيدة الكبار

04 سبتمبر 2018
+ الخط -
يكثر الأطفال من الأسئلة، فالطفولة مرحلة للتعلم والتدبر، وليس حلاً أن تخرسه. ليس جواباً أن نشبع عقله بالحفظ المجرد وترديد أفكارنا، نحن عملياً نعمل على تجميد الفكر والتدبر في أهم مرحلة ونساهم في محاصرة عقله في صندوق صغير محكم يحيط به قطيع كبير. ليس مجديا أن يفكر الصغار ونحن مجمدو الفكر والعاطفة لنحاول تحريك المياه الراكدة، لنتأقلم على وجود من يسبحون عكس التيار.

استبقاء علامات التعجب وقمع التساؤلات لن يوقف الزمن أو يحدث خللا في دوران الأرض! من العجيب أن نساهم في صناعة إما إمعة أو متطرف صغير ثم نتبعه بالعويل والبكاء! اتركوا الصغار بذوراً نقية لتكبر، فهم يختلفون عن الأشجار فجذورهم تنمو في الأعلى بين القلب والعقل، لن يتوقفوا لأجلنا، فكل محاولات الكبار محكومة بالفشل!

سيجدون مخرجا وسيلتفون على أسوارنا، ويتسلقون أبوابنا ليطلقوا أفكارهم كأسراب طيور تحوم حتى تجد بغيتها.. أحبوهم.. كونوا لهم الرافعة والمعين حتى تُنحت ذكراكم بالمحبة والعاطفة.

ما الفائدة أن يعيش الأطفال أيتاماً بأب وأم؟ ما الفائدة أن يكبر الطفل بين فكي كماشة الأسرة والمجتمع؟ ما الضرر إن أحببناهم كما هم؟..

يدرك الأطفال مكنون قلوبنا إن كان دافع التوجيه والملاحظة محبة فيهم أم محبة في سجنوننا.. إن تمرد فواجه حقيقتك أنك سجين وسجان في آن واحد وإن احتمل منك، فباطنك محبة خالصة.. يأتون إلى الدنيا بفطرة سليمة إلى أن نجرهم معنا إلى صناديق نحتفظ بها لتخنقنا تحت مظلات مختلفة كالدين والعرف والعادات وأشياء كثيرة لانفهمها بل نكتفي بتقليدها.

ذاكرة الأطفال لا يستهان بها، فهي مقبرة تختزل المواقف والمشاعر التي استغل بها الكبار ضعفهم، يدركون كل لحظة مرت بحب أو بكره، سيبحثون عن الانتقام بطريقة أو بأخرى، من الحياة أو ممن حولهم، سينسون زحمة الأسئلة ويتذكرون من حرمهم لذة الاحتواء والبحث عن الإجابة.

دلالات
7B875018-CC3F-46B9-A3DE-684F93E0A72B
صفاء الهبل

روائية وكاتبة يمنية، رئيسة مبادرة (كن إيجابيا) للأعمال الخيرية. صدر لها رواية (قدري فراشة).تعرف عن نفسها: مجرد باحثةٍ عن غيمة لتمرغ فيها مرارة الواقع.مصابة بالمسّ. كلما أمطرت رفعت طرف حرفي ورقصت حتى الإنهاك والتعب.

مدونات أخرى