04 يناير 2019
بين الفطرة والتطرف
تصل دعوات مبطنة إلى المراهقين، من الجنسين، بين فترة وأخرى، لحضور محاضرات دعوية بهدف التلقين ووأد الفطرة التي خلقها الله فينا للاستكشاف والمعرفة، بل إنها دعوات لقتل الأسئلة التي تحكم عالم الصغار.
لا يكتفون بذلك بل يرسلون ويوزعون عدداً من الكتيبات الإرشادية مع الكثير من الملاحظات لمن في نطاقهم الجغرافي والتوجيه والتحريم والزجر لكل شيء ما دام لا يندرج تحت التفاصيل الدينية التي تتفاوت من جماعة إلى أخرى، وحين لا يجدون نتيجة مرضية يتبعون وسائل أخرى كالترحيب والترغيب.
لم يكلفوا أنفسهم عناء الشعور بقلوبٍ فُطرت على الإنسانية، وكيف أن هؤلاء الصغار غارقون بالمحبة والجمال.
عشت هذه المرحلة كغيري قبل عشر سنوات، ودعيت للانضمام إلى قافلة المؤمنات والمسلمات ككل المراهقين والمراهقات آنذاك، حُكم علي حكم مستفز بأنني "ضعيفة الإيمان"، وكأنهم يعرفون ما تخفي الصدور من علاقة خاصة بين المرء وربه.
كلٌ لديه تجربته الخاصة التي خاضها مُحفزاً لا مكرهاً.
لم أنضم يوما إلى فئة متدينة أو جماعة، لذلك كنت تلك (الضالة) التي تحتاج إلى هداية، كنت أسمع عن طقوسهم وما زلت أسمع لكن هذه المرة طقوس أخرى لجماعات مختلفة تجتهد لتمسك باب الجنة والنار، تتنافس على امتلاك صكوك الغفران والشهادة!
لم أتقبل فكرة أني عورة وتغييب دوري ككيان له حق الحياة اسماً وصوتاً وجسداً، جهلت سبب رفضي لهذه الفكرة، لكني لم أستطع تقبلها ورفضت تهميشي ببساطة استصعبوها طويلاً!
عانيت، حتى وصلني شعور بأن المحيط يلفظني فقمت بعناد وغضب بلفظه على طريقتي، تركتهم يمضون على هيئة أسراب واكتفيت بالنظر إليهم والتلويح لهم.
وبعد مضي كل هذه السنين، أتأمل من تبدل وتغير وعاد ليقبض على إنسانيته بعيداً عن غلو هذه الجماعات ومن ازداد قتامة وانغلاقاً باسم الله، سعياً وراء الإيمان الصحيح.
ما زلت أحتفظ بورقة من إحدى الجماعات وأشرطة من جماعة أخرى. أتأملها فقط ولا أدري ما محتواها، فمعايشتي لهم فترة وجيزة كانت كافية لنفوري ولعكس أخلاقهم، تدخلهم في ما لا يعنيهم، ظن السوء في من يخالفهم، تفاصيل كثيرة كانت كافية لمعرفتهم بعين المراقب لا الخاضع.
وصلتني مخطوطة قبل عشر سنوات باعتباري أعيش في ضلالة، كانت عربون محبة لأحفظ نفسي برقياهم من العين والشر، أذكر جيداً كيف أغضبتني. قرأت عباراتهم ووضعت تحتها خطاً أحمر لمحاولة تفكيكها!
أُغدقت بدعواتهم أيضاً للهداية ودراسة الدين في أحد المراكز، دعواتهم تشبه أصحاب الأشرطة بعدم التزين والاختلاط وخفض الصوت وتحريم الأغاني وتجريم الغناء ومحظورات من ظهور عينيّ وكفيّ أو الخروج وحيدة بلا محرم وعدم التساؤل في أمور الدين واتباع الفتاوى دون تشكيك.
عدت مجدداً لقراءتها بعد سنوات وقد استطعت أن أجيب عن تساؤلاتي.
قبل عقد ونصف العقد، وبسبب محدودية الحصول على المعرفة، لم يكن كثير منا يقرأ سوى مناهج الدراسة والصحف التي يعود بها آباؤنا من أعمالهم، لم نكن نطلع أو نفكر كما يفكر الشباب الآن، لأننا حرمنا من وسائل الاطلاع، كان الخوف شديداً من خروج الفكر من الإطار السائد والمنقول ففرض علينا التلقين فقط!
والآن وجدت الورقة و"الكاسيتات" بين أطلال ذكريات احتفظت بها منذ ذلك الحين لأقرر بينهما فقد أكون أخطأت الحكم والقرار لكنني ما زلت أرفض كليهما.
وأنتم ماذا اخترتم آنذاك؟..
لا يكتفون بذلك بل يرسلون ويوزعون عدداً من الكتيبات الإرشادية مع الكثير من الملاحظات لمن في نطاقهم الجغرافي والتوجيه والتحريم والزجر لكل شيء ما دام لا يندرج تحت التفاصيل الدينية التي تتفاوت من جماعة إلى أخرى، وحين لا يجدون نتيجة مرضية يتبعون وسائل أخرى كالترحيب والترغيب.
لم يكلفوا أنفسهم عناء الشعور بقلوبٍ فُطرت على الإنسانية، وكيف أن هؤلاء الصغار غارقون بالمحبة والجمال.
عشت هذه المرحلة كغيري قبل عشر سنوات، ودعيت للانضمام إلى قافلة المؤمنات والمسلمات ككل المراهقين والمراهقات آنذاك، حُكم علي حكم مستفز بأنني "ضعيفة الإيمان"، وكأنهم يعرفون ما تخفي الصدور من علاقة خاصة بين المرء وربه.
كلٌ لديه تجربته الخاصة التي خاضها مُحفزاً لا مكرهاً.
لم أنضم يوما إلى فئة متدينة أو جماعة، لذلك كنت تلك (الضالة) التي تحتاج إلى هداية، كنت أسمع عن طقوسهم وما زلت أسمع لكن هذه المرة طقوس أخرى لجماعات مختلفة تجتهد لتمسك باب الجنة والنار، تتنافس على امتلاك صكوك الغفران والشهادة!
لم أتقبل فكرة أني عورة وتغييب دوري ككيان له حق الحياة اسماً وصوتاً وجسداً، جهلت سبب رفضي لهذه الفكرة، لكني لم أستطع تقبلها ورفضت تهميشي ببساطة استصعبوها طويلاً!
عانيت، حتى وصلني شعور بأن المحيط يلفظني فقمت بعناد وغضب بلفظه على طريقتي، تركتهم يمضون على هيئة أسراب واكتفيت بالنظر إليهم والتلويح لهم.
وبعد مضي كل هذه السنين، أتأمل من تبدل وتغير وعاد ليقبض على إنسانيته بعيداً عن غلو هذه الجماعات ومن ازداد قتامة وانغلاقاً باسم الله، سعياً وراء الإيمان الصحيح.
ما زلت أحتفظ بورقة من إحدى الجماعات وأشرطة من جماعة أخرى. أتأملها فقط ولا أدري ما محتواها، فمعايشتي لهم فترة وجيزة كانت كافية لنفوري ولعكس أخلاقهم، تدخلهم في ما لا يعنيهم، ظن السوء في من يخالفهم، تفاصيل كثيرة كانت كافية لمعرفتهم بعين المراقب لا الخاضع.
وصلتني مخطوطة قبل عشر سنوات باعتباري أعيش في ضلالة، كانت عربون محبة لأحفظ نفسي برقياهم من العين والشر، أذكر جيداً كيف أغضبتني. قرأت عباراتهم ووضعت تحتها خطاً أحمر لمحاولة تفكيكها!
أُغدقت بدعواتهم أيضاً للهداية ودراسة الدين في أحد المراكز، دعواتهم تشبه أصحاب الأشرطة بعدم التزين والاختلاط وخفض الصوت وتحريم الأغاني وتجريم الغناء ومحظورات من ظهور عينيّ وكفيّ أو الخروج وحيدة بلا محرم وعدم التساؤل في أمور الدين واتباع الفتاوى دون تشكيك.
عدت مجدداً لقراءتها بعد سنوات وقد استطعت أن أجيب عن تساؤلاتي.
قبل عقد ونصف العقد، وبسبب محدودية الحصول على المعرفة، لم يكن كثير منا يقرأ سوى مناهج الدراسة والصحف التي يعود بها آباؤنا من أعمالهم، لم نكن نطلع أو نفكر كما يفكر الشباب الآن، لأننا حرمنا من وسائل الاطلاع، كان الخوف شديداً من خروج الفكر من الإطار السائد والمنقول ففرض علينا التلقين فقط!
والآن وجدت الورقة و"الكاسيتات" بين أطلال ذكريات احتفظت بها منذ ذلك الحين لأقرر بينهما فقد أكون أخطأت الحكم والقرار لكنني ما زلت أرفض كليهما.
وأنتم ماذا اخترتم آنذاك؟..