مصر:222 انتهاكاً بحق صحافيين في الربع الأول من 2016

25 ابريل 2016
(Getty)
+ الخط -

كشف تقرير صادر عن مرصد "صحافيون ضد التعذيب"، بأن الربع الأول من عام 2016 شهد عددًا كبيرًا من الانتهاكات، حيث سجل المرصد 222 حالة انتهاك مختلفة بحق الصحافيين والإعلاميين، وتضاعف معدل الانتهاكات خلال هذا الوقت من العام بنسبة نمو تقدر بـ 77.6 بالمائة، مقارنة بالربع الأول من عام 2015 الذي شهد 125 واقعة انتهاك، ما يوضح نهج الدولة المصرية بكافة أطرافها في مواصلة خنق المجال العام والازدياد في حالة التعتيم الإعلامي.

ووثّق فريق عمل المرصد 73 حالة إما عن طريق شهادات مباشرة أو عبر الفريق الميداني بنسبة تتخطى 32.88 بالمائة، (أي ما يقرب من ثلث الوقائع المُسجلة وهي نسبة ارتفعت مؤخرًا لدى المرصد)، كما تم تسجيل 149 حالة عن طريق مصادر صحافية مختلفة، مع مراعاة أنه هناك العديد من الانتهاكات الجماعية والتي تحدث بشكل يومي دوري، مثل حالات المنع من التغطية خاصة داخل أروقة المحاكم خلال نظر القضايا على خلفية أحداث سياسية.

وبحسب التقرير، تعرّض الصحافيون خلال الربع الأول من عام 2016 لأنواع مختلفة من الانتهاكات، والتي كانت أبرزها واقعة المنع حيث سجل المرصد عدد 114 واقعة منع من التغطية أو مسح محتوى الكاميرا بنسبة أكبر من 50 بالمائة من إجمالي الانتهاكات، تلتها حالات التقاضي تقديم بلاغات ومحاضر بعدد 41 واقعة، وفي المرتبة الثالثة جاءت وقائع تعدٍ بالقول أو التهديد بعدد 16 انتهاكًا.

كما سجّل المرصد 11 واقعة تعدٍ بالضرب أو الإصابة، و7 وقائع قبض وتوجيه اتهامات، وكذلك 6 وقائع استيقاف أو احتجاز للتحقيق، فضلًا عن 5 حالات فرض غرامة مالية، و4 حالات في كل من: أحكام بالحبس، ومنع النشر، واختطاف أو التحفظ على معدات صحافية، إضافة إلى 3 وقائع في كل من: منع إذاعة أو بث مؤقت، وإتلاف أو حرق معدات صحافية، وحالتي تعدٍ بالضرب أو الإصابة داخل مكان احتجاز، فيما سجلت حالة واحدة في كل من: تحقيق إداري، و إخلاء سبيل بكفالة مالية واقتحام مقر.

ووفقًا لما رصده التقرير، تصدرت جهات حكومية ومسؤولون قائمة جهة المعتدي ضد الصحافة والإعلام؛ حيث جاءت بعدد 158 انتهاكًا، تلتها فئة مدنيون بعدد 27 واقعة انتهاك، فيما سجلت وزارة الداخلية عدد 24 حالة، و13 واقعة مسجلة لمؤسسات القضاء.



وبحسب المرصد، فقد جاء مراسلو الصحف المصرية الخاصة في صدارة قائمة الأكثر تعرضًا للانتهاكات بعدد 81 انتهاكًا، تلاهم مراسلو القنوات الفضائية الخاصة بعدد 26 انتهاكًا، و7 انتهاكات لكل من: مراسلي الصحف المصرية الحكومية، ومراسلي شبكات أخبار وصحف إلكترونية، كما تم تسجيل 4 انتهاكات بحق مراسلي القنوات الفضائية الحكومية، وانتهاك واحد بحق كل من إذاعات خاصة والنقابات.

وطاولت الانتهاكات معظم محافظات الجمهورية، بحسب التقرير الذي نوه إلى أن "القاهرة كانت في صدارة قائمة المحافظات الأكبر من حيث عدد وقائع الانتهاكات بعدد 122 انتهاكًا، ثم تلتها محافظة الجيزة في المرتبة الثانية بعدد 57 انتهاكًا، وجاءت الإسكندرية في المرتبة الثالثة بعدد 11 حالة انتهاك، ثم محافظة أسوان 8 انتهاكات، وسجلت كل من دمياط والأقصر 4 انتهاكات لكل منهما، فيما سجلت بني سويف ثلاثة انتهاكات، بينما سجلت محافظات المنيا والقليوبية والإسماعيلية حالتي انتهاك لكل منهم، وأخيرًا تم تسجيل حالة انتهاك واحدة في كل من قنا والغربية والشرقية والسويس والدقهلية والوادي الجديد.

ومن خلال قراءة سريعة للانتهاكات بين العامين، أوضح المرصد أن المنع من التغطية أو مسح المادة التصويرية هو الانتهاك الأكثر بروزا، حيث سُجل خلال الربع الأول من العام الجاري 114 واقعة مقابل واقعة 56 خلال عام 2015، بمعدل أكبر من ضعف عدد الانتهاكات، مما يبرز ويوضح منهجية غالبية جهات الدولة في تعاملها مع وسائل الإعلام والصحافيين، حيث أصبح المنع من التغطية عقبة تتعرض لها الجماعة الصحافية من كافة الأطراف.

وبرز ذلك بشكل أكبر خلال عام 2016 بسبب تكرار المنع داخل أروقة المحاكم خلال تغطية جلسات القضايا المختلفة على خلفية سياسية فتحولت إلى حدث معتاد وطبيعي مخالفًا بذلك علنية الجلسات، وبات منع الصحافيين من التغطية في الشوارع والميادين والمحاكم والمستشفيات من جميع الجهات المتداخلة في الأحداث متكرر، فصار الجميع يخشى الصورة إذا لم تكن في صالحه.

ولم تقف الانتهاكات ضد الصحافيين عند هذا الحد، وفقا للمرصد، ففي الربع الأول لعام 2016 تم تسجيل 41 واقعة تقاضٍ (تقديم بلاغات ومحاضر) بينما في المقابل لم يتم تسجيل أي واقعة خلال الفترة المناظرة من عام 2015، وهو ما يظهر حالة التربص الشديدة هذا العام بالعاملين بالصحافة من خلال الملاحقات القضائية، والتي جاءت غالبيتها بواسطة مسؤولين حكوميين، كنوع من أنواع تكميم الأفواه وغلق المجال العام.

ولفت المرصد إلى زيادة حالات تعدٍ بالقول أو التهديد من 6 مرات خلال الربع الأول من عام 2015 إلى 16 واقعة خلال نفس الربع من عام 2016، ومن قراءة الحالات يتضح أن بعض الحالات المستجدة ترتبط بتهديدات من نواب بالبرلمان المنتخب منذ شهور قليلة، وهناك حالات أخرى مرتبطة بتغطية مباريات رياضية، وهو ما يعكس حالة التوتر الناشئة بين الأطراف المتداخلة في الرياضة المصرية سواء قوات الأمن أو إدارات الأندية أو روابط الجماهير.

ومن الظواهر المُلاحظ انحسارها بشكل كبير خلال الربع الأول من هذا العام مقارنة بنظيره من العام الماضي، هو التعدي بالضرب، فقد سجل المرصد 25 حالة في الربع الأول لعام 2015 مقارنة بـ 11 حالة فقط في الفترة المناظرة للعام الحالي، بينما في حالة الاستيقاف والاحتجاز للتحقيق فقد تم رصد 29 انتهاكا في الربع الأول لعام 2015 مقابل 6 فقط في نفس المدة للعام الحالي، وهو ما يمكن إرجاع أسبابه إلى قلة الأنشطة الصحافية الميدانية؛ والتي ترتبط بالفعاليات والتظاهرات والأحداث السياسية، والتي تقلصت بصورة كبيرة هذا العام مقارنة بعام 2015، تحديدًا في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير 2015 مقارنة بنظيرتها الخامسة في عام 2016، والتي لم تشهد سوى فعاليات ميدانية محدودة للغاية.

وظهرت أنواع عديدة من الانتهاكات في الربع الأول من عام 2016 بأعداد محدودة، ومنها فرض غرامة مالية وأحكام بالحبس ومنع من النشر ومنع إذاعة أو بث وإتلاف أو حرق معدات صحافية وتعدً بالضرب أو الإصابة داخل مكان احتجاز واقتحام مقر وإخلاء سبيل بكفالة مالية، وهو ما يعكس حالات نقل الصراع مع المؤسسات الصحافية إلى ساحات القضايا والقرارات الإدارية المباشرة بالتدخلات في منع المحتوى الصحافي، سواء باقتحام المقرات الصحافية أو إتلاف المعدات أو قرارات منع النشر والبث.



وأوصى المرصد بالعفو الشامل عن كافة الصحافيين المحكوم عليهم بأحكام قضائية بالسجن؛ والذي يقضون اليوم فترة العقوبة وهم: عبد الرحمن شاهين، ويوسف شعبان، وعبد الله شوشة، ومحمد عبد المنعم، وإسلام البحيري، والإفراج الفوري عن كافة الصحافيين المحبوسين احتياطيًا أثناء أدائهم عملهم الصحافي، سواء كانوا على خلفية اتهامات مرتبطة بطبيعة الوقائع التي كانوا يقومون بتغطيتها أو باتهامات مباشرة ترتبط بالمهام الصحافية؛ كبث أخبار كاذبة والتحريض والسب والقذف، وهم: محمود محمد عبد النبي، ومحمود أبو زيد، وأحمد فؤاد محمد السيد، وعبد الرحمن عبد السلام ياقوت، وسامحي مصطفى أحمد عبد العليم، ومحمد العادلي، وعبد الله الفخراني، وإسماعيل الإسكندراني، وعمار عبد المجيد، وصبري أنور.

كما أوصى بتفعيل دور نقابة الصحافيين في توفير المظلة الحامية للصحافيين ضد الجهات المختلفة التي تمتهن الانتهاكات اليومية بشكل اعتيادي، وكأنه لا يوجد رادع أو قانون يمكن تطبيقه لحماية الحقوق والحريات الصحافية، وتفعيل التشاور المجتمعي بين النقابة والمؤسسات الصحافية والعاملين في المجتمع المدني؛ من أجل الوصول إلى صيغة متفق عليها لتعديل آليات وشروط قيد الصحافيين وتوسيع إطار العمل الصحافي، ليشمل المنصات الإلكترونية والعاملين المنتظمين بها.

المساهمون