27 يوليو 2017
مصر وأخواتها والمصالحة الفلسطينية
مصطفى مطر (فلسطين)
عند الحديث عن المصالحة الفلسطينية، لم يكن الدّور المصري منفردًا في هذه المهمة، وإن كان له النصيب الأكبر فيها، لكنّ الحقيقة التاريخية تقول إنّ هناك آخرين من دُول العروبة والدّول الإسلامية كانوا حاضرين على امتداد سنواتِ الخلاف بين الأشقّاء الفلسطينيين، وسعَوا جاهدين إلى تحقيق هذا الحلم الفلسطينيّ، ليواصل الإخوةُ معًا مشوار الوطن الذي ما زال يرزح تحت وطأة الاحتلال.
منذ بدأت الخلافات بين القطبين في فلسطين، أي حركتي فتح وحماس، أخذت المبادرات العربية موقعها الاستراتيجي للإصلاح بين الفرقاء؛ على قاعدة الشّراكة السياسية، فقد مرّت المصالحة الفلسطينية بعقباتٍ متعددة، حصل خلالها شدٌّ وجذبٌ من أطرافِها الذين ظلّوا على خِلاف سنوات عدة، ما استدعى وجود وسطاء عرب ومسلمين أثّروا بأدوارِهم من أجل تحقيق هذه المصالحة، لتصبح واقعًا بعدما ظلّت حينًا من الدّهر حلمًا.
وربما كان للقرب الجغرافي والرّوابط الدّموية التي تجمع أهل غزة مع مصر الفرصة العاطفية الأكبر التي جعلت القضية الفلسطينية تنشأ وتترعرع في الكنف المصري، إضافة إلى ذلك ما يمثّله الأمن القوميّ المشترك بينهما، ما يعني أنّ اهتمام مصر بتحقيق المصالحة الفلسطينية لا يصبُّ فقط بالصالح الفلسطينيّ، وإنّما يضمن لمصر أنّها ستخاطب مجتمعًا فلسطينيًّا مسؤولًا، ويسعى إلى أن يكون دولة مؤسسات، فالمصلحة تبادلية، ما يعني أنّ الدّور المصري ليس تفضُّلا.
بعدما رفضت حركة فتح بكثير من المسؤولين فيها فكرة أنّ لحركة حماس الأغلبية في المجلس التشريعي، لا سيّما بعد الانتخابات التي شهدها يناير/ كانون الثاني 2005 بدأت الخلافات تنعكس دمًا يسيل على الأرض الفلسطينية، ما استدعى، في ذلك الوقت، تدخّل السعودية بمبادرة من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ووقعت الحركتان في فبراير/ شباط 2007 ما عُرف باتفاق مكة.
ولعلّ السعودية، بحكم ثقلها التّاريخي، حاضنة للعرب والمسلمين تتقاسم هذه المكانة مع مصر، هو ما دفعها إلى أن تتقدّم بهذه المبادرة، تبعها حدوث ما حدث في غزة تحديدًا في يونيو/ حزيران من عام 2007 وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة، في إطار ما عدّه كثيرون "توريطًا" من قيادة السّلطة لحركة حماس.
ثم كان الدّور اليمني، إبّان حكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح تحديدًا في مارس/ آذار من عام 2008، حيث اجتمعت حركتا حماس وفتح في صنعاء، وكان الاتفاق هناك على استئناف حوار مصالحة فلسطينيّة، تقوم على أسس وطنية لا فصائلية.
كلّ هذا تسلسل تاريخي يثبت أنّ مصر وحدها ليست من سعى إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية، وإن كان لها دور في هذا المشهد، لكنّ الأمانة التاريخية تقتضي التّوضيح بأنّ هناك عددًا من الدُّول العربية حملوا الهَم تمامًا مثل مصر، انطلاقًا من مسؤولياتهم تجاه فلسطين.
وكما أسلفنا، كان لمصر نصيب الأسد بجمعها للفرقاء في القاهرة، وفي العهود الثلاث بدءًا من زمن حسني مبارك وصولًا إلى العهد الحالي، ومنها مقترح "الورقة المصرية" عام 2009 الذي لم تقبل مصر في حينه تعديلات من "حماس"، أرادت أن تكون حاضرة في متونه، تبعه تواصل الدّور المصري عام 2011 حيث زمن "الربيع العربي" في تلك الفترة، وتحديدًا في شهر مايو حيث اتّفقت الحركتان على توقيع اتفاق إنهاء الانقسام.
ثم برز الدّور القطري، ليأخذ زمام إكمال المبادرات العربية التي سبقته، ويستضيف عن "فتح" الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعن "حماس" رئيس مكتبها السياسي في حينه خالد مشعل، كان هذا في فبراير/ شباط 2012. وحينها وقّع الطرفان في الدّوحة اتّفاقًا لتسريع وتيرة المصالحة، وهو الذي جاء استكمالًا لمخرجات اتّفاق القاهرة، ما يعني أنّ المصالحة الفلسطينية كانت تشارُكية بين عددٍ من الدُّول العربية، كما أنّ الدّور القطري استمر، ومعه تواصل قطار المصالحة، وبات أكثر قربًا للوصول إلى الغاية الشعبية المنشودة، وربما أكثر من أيّ وقت مضى، وهذا ما حدث في فبراير/ شباط 2016 وحينها وقّعت الفصائل في الدّوحة "التصوّر العملي لتحقيق المصالحة الفلسطينية"، إضافة إلى مباركة تركيا واستضافتها الوفود الفلسطينية رغبةً منها في المساعدة بتحقيق هذا الحلم لتصبح المصالحة حقيقة ملموسة.
أخيرًا في 12 من أكتوبر/ تشرين الأول 2017 وقّعت الحركتان اتفاق المصالحة، برعاية مصرية في القاهرة، لتمثّل مصر البداية والنهاية المأمولة بأن تفضي إلى نتائج إيجابية، يشعر بها المواطنون عاجلًا لا آجلا.
منذ بدأت الخلافات بين القطبين في فلسطين، أي حركتي فتح وحماس، أخذت المبادرات العربية موقعها الاستراتيجي للإصلاح بين الفرقاء؛ على قاعدة الشّراكة السياسية، فقد مرّت المصالحة الفلسطينية بعقباتٍ متعددة، حصل خلالها شدٌّ وجذبٌ من أطرافِها الذين ظلّوا على خِلاف سنوات عدة، ما استدعى وجود وسطاء عرب ومسلمين أثّروا بأدوارِهم من أجل تحقيق هذه المصالحة، لتصبح واقعًا بعدما ظلّت حينًا من الدّهر حلمًا.
وربما كان للقرب الجغرافي والرّوابط الدّموية التي تجمع أهل غزة مع مصر الفرصة العاطفية الأكبر التي جعلت القضية الفلسطينية تنشأ وتترعرع في الكنف المصري، إضافة إلى ذلك ما يمثّله الأمن القوميّ المشترك بينهما، ما يعني أنّ اهتمام مصر بتحقيق المصالحة الفلسطينية لا يصبُّ فقط بالصالح الفلسطينيّ، وإنّما يضمن لمصر أنّها ستخاطب مجتمعًا فلسطينيًّا مسؤولًا، ويسعى إلى أن يكون دولة مؤسسات، فالمصلحة تبادلية، ما يعني أنّ الدّور المصري ليس تفضُّلا.
بعدما رفضت حركة فتح بكثير من المسؤولين فيها فكرة أنّ لحركة حماس الأغلبية في المجلس التشريعي، لا سيّما بعد الانتخابات التي شهدها يناير/ كانون الثاني 2005 بدأت الخلافات تنعكس دمًا يسيل على الأرض الفلسطينية، ما استدعى، في ذلك الوقت، تدخّل السعودية بمبادرة من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ووقعت الحركتان في فبراير/ شباط 2007 ما عُرف باتفاق مكة.
ولعلّ السعودية، بحكم ثقلها التّاريخي، حاضنة للعرب والمسلمين تتقاسم هذه المكانة مع مصر، هو ما دفعها إلى أن تتقدّم بهذه المبادرة، تبعها حدوث ما حدث في غزة تحديدًا في يونيو/ حزيران من عام 2007 وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة، في إطار ما عدّه كثيرون "توريطًا" من قيادة السّلطة لحركة حماس.
ثم كان الدّور اليمني، إبّان حكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح تحديدًا في مارس/ آذار من عام 2008، حيث اجتمعت حركتا حماس وفتح في صنعاء، وكان الاتفاق هناك على استئناف حوار مصالحة فلسطينيّة، تقوم على أسس وطنية لا فصائلية.
كلّ هذا تسلسل تاريخي يثبت أنّ مصر وحدها ليست من سعى إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية، وإن كان لها دور في هذا المشهد، لكنّ الأمانة التاريخية تقتضي التّوضيح بأنّ هناك عددًا من الدُّول العربية حملوا الهَم تمامًا مثل مصر، انطلاقًا من مسؤولياتهم تجاه فلسطين.
وكما أسلفنا، كان لمصر نصيب الأسد بجمعها للفرقاء في القاهرة، وفي العهود الثلاث بدءًا من زمن حسني مبارك وصولًا إلى العهد الحالي، ومنها مقترح "الورقة المصرية" عام 2009 الذي لم تقبل مصر في حينه تعديلات من "حماس"، أرادت أن تكون حاضرة في متونه، تبعه تواصل الدّور المصري عام 2011 حيث زمن "الربيع العربي" في تلك الفترة، وتحديدًا في شهر مايو حيث اتّفقت الحركتان على توقيع اتفاق إنهاء الانقسام.
ثم برز الدّور القطري، ليأخذ زمام إكمال المبادرات العربية التي سبقته، ويستضيف عن "فتح" الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعن "حماس" رئيس مكتبها السياسي في حينه خالد مشعل، كان هذا في فبراير/ شباط 2012. وحينها وقّع الطرفان في الدّوحة اتّفاقًا لتسريع وتيرة المصالحة، وهو الذي جاء استكمالًا لمخرجات اتّفاق القاهرة، ما يعني أنّ المصالحة الفلسطينية كانت تشارُكية بين عددٍ من الدُّول العربية، كما أنّ الدّور القطري استمر، ومعه تواصل قطار المصالحة، وبات أكثر قربًا للوصول إلى الغاية الشعبية المنشودة، وربما أكثر من أيّ وقت مضى، وهذا ما حدث في فبراير/ شباط 2016 وحينها وقّعت الفصائل في الدّوحة "التصوّر العملي لتحقيق المصالحة الفلسطينية"، إضافة إلى مباركة تركيا واستضافتها الوفود الفلسطينية رغبةً منها في المساعدة بتحقيق هذا الحلم لتصبح المصالحة حقيقة ملموسة.
أخيرًا في 12 من أكتوبر/ تشرين الأول 2017 وقّعت الحركتان اتفاق المصالحة، برعاية مصرية في القاهرة، لتمثّل مصر البداية والنهاية المأمولة بأن تفضي إلى نتائج إيجابية، يشعر بها المواطنون عاجلًا لا آجلا.
مقالات أخرى
12 يوليو 2017
02 يوليو 2017
24 يونيو 2017