مصر: عام جامعي "أبيض"

10 يوليو 2014
تعرّض 400 طالب للفصل النهائي(Getty)
+ الخط -

رصدت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" في تقرير لها، العديد من الانتهاكات في الجامعات المصرية خلال العام الجامعي الماضي، واصفة إياه بأنه كان "عاماً بلا حق في التعليم". وقالت إن "الجامعات اعتبرت ممارسة العمل السياسي، سواء كان بتوزيع منشورات تحض على التظاهر أو المشاركة في معارض تنتقد حكم العسكر، جريمة تستوجب عقوبات تأديبية".

وأعدت المؤسسة قائمة بأسماء 400 طالب تعرضوا للفصل النهائي، والحرمان من الامتحان، والإخلاء من المدن الجامعية، وإلغاء نتائج الامتحانات، والرسوب، على خلفية احتجاجاتهم المعارضة لممارسات السلطة الحالية.

انتهاكات

وقالت المحامية بالمؤسسة فاطمة سراج لـ"العربي الجديد" إن "أبرز العقوبات تمثلت بفصل سبعة طلاب من حركة صوت الميدان من كلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية، لتنظيمهم مسرحية انتقدت ما وصفوه بحكم العسكر، وتراوحت العقوبات ما بين حرمانهم من أربعة فصول دراسية، أو إثنين، وصولاً إلى الرسوب في مادتين. وتضمن نص العقوبة خروج الشباب عن الأخلاق والتقاليد الجامعية".

ولاحظ التقرير تزايداً في حجم الانتهاكات للحقوق والحريات الأساسية في الجامعات، بما يشمل التعدي على الحق في التعليم، مما أدى إلى تدهور الحريات، وانتهاك الحقوق وتعطيل العملية التعليمية. وحمّل مسؤولية هذه الانتهاكات لأربع جهات، هي: مجلس الوزراء، وزارة الداخلية، المجلس الأعلى للجامعات، وإدارات الجامعات.

وتابع التقرير أن مجلس الوزراء "أصدر في عهد الحكومة السابقة برئاسة حازم الببلاوي، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2013، قراراً بنشر قوات الشرطة في محيط الجامعات، ومنحها حق دخول الحرم الجامعي. كذلك أعطت الحكومة الانتقالية قوات الشرطة حق دخول الحرم الجامعي من دون إخطار أو إذن مسبق، من خلال

قرار آخر صدر في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2013. وأتاحت هذه القرارات لقوات الشرطة دخول الحرم الجامعي، للمرة الأولى، منذ بدء تنفيذ حكم طرد وحدات الحرس التابع لوزارة الداخلية من الجامعات عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011".

وحمّل التقرير المسؤولية لوزارة الداخلية، لأنها "سمحت لقوات الشرطة ومدرعات الأمن المركزي التابعة لها باقتحام الجامعات، استناداً إلى قرارات مجلس الوزراء، واستخدامها العنف المفرط والعشوائي، بما في ذلك أعيرة الخرطوش، واعتقال عشرات الطلاب من داخل الحرم الجامعي، مما أدى إلى قتل ما يزيد عن 16 طالباً".

كذلك، لفت التقرير إلى أن المجلس الأعلى للجامعات ساهم في إصدار العديد من القرارات "المقيدة للحقوق والحريات الطلابية والأكاديمية، منها تقييد الحق في التظاهر، وفصل الطلاب بقرار من رئيس الجامعة وفقاً لتعديلات قانون الجامعات الصادر في 16 فبراير/شباط 2014". يضاف إلى ذلك "حظر أنشطة طلاب الإخوان المسلمين بناء على القرار الصادر في 25 ديسمبر/كانون الأول 2013 عن مجلس الوزراء، باعتبار جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، ويشمل قرار مجلس الجامعات توقيع عقوبات الإرهاب على الطلاب والأساتذة المشاركين في تظاهرات طلاب الجماعة".
وأخيراً، حمّل التقرير إدارات الجامعات المسؤولية لتحويلها الطلاب إلى التحقيق ومجالس التأديب، وإصدار قرارات الفصل بشكل غير مسبوق خلال العام الدراسي.


مناخ سيئ

وفي السياق، أكد التقرير أن "العام الجامعي 2013/2014 فَقَد كل معايير الحق في التعليم. فلم تكن الجامعات مكاناً آمناً لتلقي العلم وحضور الدروس، بسبب الاشتباكات اليومية بين أعداد من الطلاب وقوات الشرطة في غالبية الجامعات، واستخدام قوات الشرطة قنابل الغاز المسيّل للدموع وطلقات الخرطوش داخل وفي محيط الحرم الجامعي". كل ذلك تسبب "بخلق مناخ سيئ وخطر على حياة وأرواح الطلاب والأساتذة، وأدى إلى تهديد سلم وسير العملية التعليمية بشكل كبير في جامعات عدة".

وطالبت المؤسسة بإلغاء المادة (184 مكرر) من قانون الجامعات، التي تجيز لرئيس الجامعة فصل الطلاب، والالتزام برأي قسم التشريع بمجلس الدولة، الذي رفض فصل الطلاب بأمر من رئيس الجامعة، ومراجعة عقوبات الفصل كافة التي صدرت بحق الطلاب، وخصوصاً تلك التي تشمل مدة زمنية طويلة (فصل دراسي أو أكثر)، والسماح لدفاع الطلاب بحضور التحقيقات والمجالس التأديبية.

كذلك، رأت المؤسسة بوجوب "الاعتماد على التحصيل العلمي للطالب لقبول طلبه للسكن في المدن الجامعية بعيداً عن التقرير الأمني، ووقف التدخل الأمني في الجامعة، والالتزام بحكم طرد الحرس الجامعي الصادر من المحكمة الإدارية العليا، وإخلاء سبيل الطلاب والأساتذة المحتجزين احتياطياً، حتى يتم الفصل في قضاياهم حرصاً على مستقبلهم الأكاديمي، وعددهم 1328 طالباً معتقلاً، مع ضمان تعرض الطلاب المحتجزين لمعاملة جيدة داخل السجون".

ورصدت المؤسسة تعرض بعض الطلاب المعتقلين لحالات تعذيب، وازدياد أعداد الطلاب الذين يعانون من أمراض صحية، ولم يتم تقديم الرعاية الصحية الملائمة لهم.

إلغاء القيود

ودعت المؤسسة إلى مراجعة القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للجامعات، وإلغاء القيود المفروضة على حق التظاهر السلمي، وممارسة الأنشطة الطلابية والتعبير عن الرأي، وضمان شفافية ونزاهة التحقيقات في قضايا قتل الطلاب داخل الجامعات، وحمايتهم من مضايقات وانتهاكات قوات الشرطة المنتشرة في محيط الجامعات.

كذلك، طالبت المؤسسة بوقف اعتقال الطلاب من داخل الجامعات، وتطوير وتدريب الأمن الإداري، وزيادة الميزانية المخصصة له، والالتزام بالسلمية في جميع أنشطة العمل الطلابي والتظاهرات، وبدء حوار جاد بين ممثلي الاتحادات والحركات الطلابية وممثلي أعضاء هيئة التدريس والمسؤولين عن الإدارات الجامعية، للعمل على حل هذه الأزمات المتكررة والحفاظ على مبادئ استقلال الجامعة.
المساهمون