مصر: خلافات حادة تؤجل تصويت البرلمان على قانون الإيجارات

09 يوليو 2019
تبادل اتهامات حول دستورية القانون (Getty)
+ الخط -

أرجأ رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، الثلاثاء، التصويت على تعديل قانون إيجار الأماكن للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكن إلى أجل غير مسمى، عقب خلافات حادة نشبت بين أعضاء البرلمان وعبد العال من ناحية، وبين الأخير ووزير الشؤون النيابية، عمر مروان، حذف على إثرها رئيس المجلس كلمة الوزير من مضبطة الجلسة.


وشدد مروان على التزام الحكومة "حرفياً" بما جاء في حكم المحكمة الدستورية عند تقدمها بمشروع القانون، والذي يستهدف تطبيق أحكامه على الأشخاص الاعتباريين فقط، وليس على الأشخاص الطبيعيين كما ورد من لجنة الإسكان في البرلمان، ما دفع عدداً من النواب إلى التصفيق استحساناً لكلمته، وهو ما أثار غضب عبد العال، الذي قال "لو حدث أي تصفيق مرة أخرى سأنهي الجلسة".
واستطرد مروان: "لو وجدت المحكمة الدستورية أن القانون يمتد للأشخاص الطبيعيين، لكانت قضت صراحة على ذلك في حكمها... والبعض يقول إن النص المقدم من الحكومة غير دستوري، على الرغم من التزامنا بحكم الدستورية"، ليقاطعه عبد العال، مقرراً حذف كلمة "غير دستوري" من المضبطة، بعد القول: "أعتقد أن المجلس (البرلمان) هو من يقول إنه دستوري أو غير دستوري".
وخاطب عبد العال مروان قائلاً: "لن أقبل الإساءة للمجلس، وطبقاً للدستور من حق البرلمان أن يُشرع في كافة المسائل، والأعضاء داخل القاعة يتمتعون بحرية كاملة فيما يبدونه من آراء"، متابعاً "المحكمة الدستورية التزمت بما طلبه المدعي، ولم تتطرق إلى مادة أخرى، لأن هذا من شروط وأسباب الحكم، وقاعدة المساواة جزء لا يتجزأ من منطوق الحكم".
وأضاف منفعلاً: "أقسم بالله أعلم حدود اختصاصي جيداً، ومن حقي أن أنبه القاعة إلى بعض الوقائع، والحيدة تقتضي مني تنبيه المجلس إلى وجود عوار دستوري"، مطالباً وزارة الإسكان بالإسراع في تقديم إحصائية بمواقع المساكن المؤجرة لغير الغرض السكني على النظام القديم.
واستدرك بالقول: "أؤكد أنه لا مساس بقانون الإيجارات القديمة الخاص بالسكن، لأنه ربما يكون في هذه الظروف خط أحمر... والمشروع يتكلم عن الأغراض غير السكنية، وتطبيق القانون ليس فورياً، وإنما بعد خمس سنوات، وهي مدة كافية تماما ليتدبر كل طرف أموره".
وقال عبد العال: "نحن هنا أمام مفارقة عجيبة، مضمونها أن مالك العقار واحد، ولديه اثنان من المستأجرين الأول اعتباري، والثاني طبيعي، فلماذا نطبق القانون على طرف دون الآخر؟!".
وعن مخاوف بعض النواب من تأثر الصيدليات من تطبيق أحكام القانون على الأشخاص الطبيعيين، قال: "مكاسب الصيدليات كبيرة جداً في مصر، ونحن نعلم مكاسبها جيداً.. وإحدى الصيدليات بيعت في مزاد في كمبوند (تجمع سكني فاخر) بضاحية التجمع الخامس في القاهرة، بسعر يصل إلى 18 مليون جنيه، على الرغم من صغر المساحة".
وزاد عبد العال: "لا يوجد محل إيجاره أقل من ألفي جنيه، والجديرون بالحماية هم من يسكنون على نظام الإيجار الجديد وليس القديم... وهذا القانون من المشروعات الشائكة، وبالتالي لا بد ألا نُغلب الاتجاهات السياسية خلال المناقشات، لذلك أرجئ المناقشة إلى جلسة قادمة".
من جهته، قال النائب أسامة هيكل إن "مشروع القانون يعد من أخطر القضايا التي تناقش في هذه القاعة خلال العشرين عاماً الأخيرة... لا بد أن نضع في الاعتبار أننا نحل جزءاً من المشكلة، والمشكلة الكبيرة ما زالت قائمة".
وتمسك النائب محمد عبد الغني بمشروع القانون كما جاء من الحكومة، رافضاً التعديل الذي أدخلته لجنة الإسكان عليه، قائلاً "القانون يكاد يكون من أهم التشريعات، وكل المواطنين في انتظاره".
وقال النائب أحمد السجيني إن "قانون الإيجارات للغرض غير السكني من أخطر القوانين التي يمكن لهذا المجلس أن يصدرها، ولا يمكن لأحد داخل المجلس أو خارجه أن يتناول هذا الأمر بعيداً عن الشق الدستوري"، مضيفاً "الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد، وقرار تحريك الوقود الأخير، يجب أن تجعلنا نتخذ التوقيت السليم لمناقشة مثل هذه التشريعات الشائكة".
بدوره، قال النائب مصطفى بكري: "المالك فقير، والمستأجر فقير، وما يعانيه الملاك من شظف العيش يشهده الجميع... قانون الإيجارات القديمة صدر بعد الحرب العالمية الثانية، وكان له أسبابه، وأعتقد أيضاً أن المرحلة الراهنة لها تداعياتها... ولا يحكمني هنا إلا الاعتبار الدستوري في هذا الموضوع، وبناءً عليه أوافق على النص كما ورد من الحكومة، وليس من اللجنة".
وتضمن مشروع القانون حكماً انتقالياً يختص بامتداد عقود إيجار الأماكن التي يسري عليها أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 لصالح المستأجر، على أن تنتهي مدة العقد بقوة القانون دون حاجة لاتخاذ أي إجراءات أو صدور حكم قضائي بمضي خمس سنوات من تاريخ العمل بها.
كما ألزم جميع المستأجرين بإخلاء الأماكن المؤجرة وردها إلى المالك أو المؤجر في اليوم التالي لانتهاء الخمس سنوات، مع عدم سريان أحكام القانون على الأماكن التي يحكمها القانون رقم 4 لسنة 1996 (الأماكن التي لم يسبق تأجيرها أو التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل به، أو تنتهي بمدة لأي سبب دون أن يكون لأحد حق البقاء).
وحدد مشروع القانون قيمة زيادة الأجرة القانونية المستحقة عند صدور القانون بخمسة أمثال القيمة الإيجارية القانونية المحددة طبقاً لأحكام قوانين إيجار الأماكن، مع زيادة القيمة الإيجارية السنوية خلال مدة امتداد العقد بزيادة سنوية دورية بنسبة 15% من قيمة آخر أجرة قانونية لمدة أربع سنوات.


تجدر الإشارة إلى قضاء المحكمة الدستورية العليا قضى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981، الخاصة ببعض أحكام تأجير وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، التي تنص على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدّة المتفق عليها في العقد، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية، لاستعمالها في غير غرض السكن".