تصاعدت أزمة نقص الأدوية في السوق المصري بشكل كبير، حتى وصلت إلى نحو الألف صنف دوائي يرتبط معظمها بالعديد من الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والكبد والسرطان والكلى.
واستغلت نقابة الصيادلة وشركات الأدوية الموقف لممارسة ضغوطها لرفع أسعار الأدوية، بدعوى أن السبب الرئيسي للأزمة يرجع إلى التسعيرة الجبرية، التي يجب تعديلها حتى تتوافق مع تغير الظروف الاقتصادية عالميا وداخليا، وتتفق مع ارتفاع تكلفة إنتاج الدواء، بحسب رؤيتهما.
وعلم "العربي الجديد" أن عدداً من شركات الدواء، تقدم بمذكرة لوزارة الصحة تطلب "ضرورة وقف نزيف خسائر الشركات، حيث لا حل للأزمة إلا بإيجاد سعرعادل للجميع" على حد قولهم.
وتشير مصادر داخل وزارة الصحة إلى أن الآراء متباينة داخل الوزارة، بين مؤيد لموقف الشركات ورافضٍ لها، ويبدو أن الوزارة تتخوف من التأثير السلبي لرفع الأسعار، خاصة بعد ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء مؤخرًا، وتخشى من رد فعل الرأي العام إزاء أي ارتفاع مفاجئ للأسعار، لكنها تدرس الأمر وتبحث إمكانية إتخاذ قرارات برفع متدرج لأسعار بعض الأدوية.
وأكدت مصادر بنقابة الصيادلة أن بعض الأصناف تم رفع سعرها بالفعل من جانب لجنة التسعير بإدارة الصيدلة التابعة لوزارة الصحة، إلا أنها حتى الآن لم تتوافر في السوق، ومنها دواء الـ"لتروكسين" المستخدم لعلاج بعض الاختلالات الهرمونية، والذي تمت الموافقة على مضاعفة أسعاره بمختلف درجات التركيز.
وأشارت المصادر إلى أن أبرز الأصناف الدوائية الناقصة بالأسواق "الهيومان البومين" المستخدم في عمليات غسل الكلى، كما يستخدم لرفع المناعة لدى مرضى السرطان والتهاب الكبد الوبائي، وكذلك دواء "الآي في" المستخدم في عمليات الغسل الكلوي، وليس له بدائل، ويصل سعره من تركيز 0.5 مليجرام إلى 140 جنيها وتركيز الجرام إلى 280 جنيهًا فيما يبلغ تركيز 2.5 جرام 600 جنيه، وهو غير موجود بالسوق المصري حاليًا.
وأكد "سامي عبد العزيز" أحد أصحاب الصيدليات أن نقص مستحضرات "الهيومان البومين" يؤدي إلى تعرض حياة المرضى للخطر، مشيرًا إلى أن مستحضرات مهربة ومجهولة المصدر من هذا العقار ظهرت في السوق مؤخرًا، ويضطر المرضى إلى الدواء المهرب، رغم كونه شديد الخطورة وغير مأمون العواقب، لأنه لم يخضع للفحوصات التي تجريها مختبرات وزارة الصحة.
وأكد أن مصر تستهلك نحو مليون و200 ألف عبوة سنويا من هذا الدواء، ويتم بيع العبوة للجمهور بسعر 240 جنيها، إلا أن أصحاب الشركات التي تستورده طالبوا وزارة الصحة بزيادة التسعير إلى ما يقارب من 300 جنيه معللين ذلك، حسب الدكتور إيهاب سلامة أحد المستوردين، بارتفاع الأسعار العالمية خاصة بعد تغير سعر الدولار والانخفاض الحاد لقيمة الجنيه عالميًا.
ويشكو مصابون بأمراض مزمنة من أنهم يضطرون إلى شراء الدواء بأسعار مضاعفة من بعض الصيدليات التي توفر بدائل مستوردة، نظرًا لأن حالاتهم المرضية لا تتحمل عدم تعاطي الجرعات الدوائية بشكل منتظم.
ويستغيث مرضى من المشكلة التي أصبحت تشكل ضغطًا عليهم خاصة في ظل الارتفاع الكبير للأسعار عمومًا، خاصة أن معظمهم من تجاوزوا سن المعاش تحول ظروفهم الصحية دون أي ممارسة عمل يزيد من دخلهم.
من جانب آخر، اعترفت النشرة الخاصة بشهر أكتوبر/تشرين الأول الصادرة منذ أيام من إدارة الصيدلة بوزارة الصحة بوجود "نواقص" فى أدوية لا بدائل لها، إلا أنه تم توفيرها وبلغت أكثر من مائة صنف خلال الشهر، أهمها أدوية لأمراض القلب والضغط والكبد والجهاز التنفسي، وهي أدوية حيوية حسب النشرة، التي أشارت إلى نقص أكثر من ألف دواء بشكل عام.