مصر: حرب دعائية في سيناء

21 يناير 2015
لم ينشر الطرفان أية صور لاشتباكات مباشرة بينهما(علي حسن/الأناضول)
+ الخط -
تحولت المواجهات في محافظة شمال سيناء بين الجيش والجماعات المسلحة، ولا سيما في مدينتي الشيخ زويد ورفح، إلى محاولة فرض السيطرة الدعائية والإعلامية، من دون معرفة دقيقة لحقيقة أي من الطرفين يسيطر على الأوضاع هناك.

ويسهم في رسم الصورة الضبابية للمشهد السيناوي، منذ انطلاق العمليات العسكرية للجيش عقب الإطاحة بالرئيس المعزول، محمد مرسي، غياب الشفافية حول مجريات الأحداث. الجيش والصحف ووسائل الإعلام الموالية له تؤكد دائماً سيطرة العسكر والقضاء على الإرهاب إلى حد كبير، بيد أن العمليات التي تقوم بها المجموعات المسلحة، وتحديداً تنظيم "ولاية سيناء"، تشير إلى صورة مغايرة.

وكانت جماعة "أنصار بيت المقدس" قد أعلنت مبايعتها تنظيم "الدولة الإسلامية" قبل بضعة أشهر، وعدّلت اسمها ليكون "ولاية سيناء" بناء على طلب أمير "داعش" أبو بكر البغدادي.

ونشر تنظيم "ولاية سيناء" صوراً لعناصره خلال مواجهات مع قوات الجيش في مناطق متفرقة في سيناء، مشيراً إلى أنها خلال مواجهات مع "جيش الردة" في أثناء الحملات التي يقوم بها ضد أهالي سيناء. بيد أن الصور لم تُظهر تجمعات لقوات الجيش، التي يتم الاشتباك معها، ليبدو فقط أنها مواجهات من مسافات بعيدة بين الطرفين. ويستخدم تنظيم "ولاية سيناء" الصور والمقاطع المصورة عادة لتوضيح حقيقة الأوضاع في سيناء من وجهة نظره. وهو أسلوب تستخدمه كبرى الجماعات الجهادية لإثبات سيطرتها وتواجدها في منطقة ما.

كما بثّ التنظيم، الأسبوع الماضي، صوراً تُظهر توزيعه مبالغ مالية على أهالي رفح المتضررين من عملية التهجير. وكتب التنظيم على المغلفات التي وضعت داخلها الأموال "الدولة الإسلامية... ولاية سيناء".

ولم تقتصر محاولات التنظيم الدعائية على هذه الصور، بل وسَّع من تحركاته على الأرض من خلال نصب كمائن على مناطق متفرقة وفي شوارع رئيسية، بعضها على بعد أمتار من مراكز شرطية ونقاط تمركز لقوات الجيش والشرطة، وهو أمر إن كان يصب في صالح التنظيم من ناحية سيطرته على الأوضاع نسبياً، إلا أنه يفتح باباً واسعاً من التكهنات حول عدم وقف الجيش والشرطة لهذه الكمائن والاشتباك مع عناصر التنظيم.

من جهته، بدأ الجيش المصري في اتّباع نهج تنظيم "ولاية سيناء" نفسه، عبر بثّ صور ومقاطع مصورة للعمليات التي يقوم بها الجيش لمطاردة العناصر المسلحة. وبثّ قبل أيام مقطعاً مصوراً لجزء من عمليات قوات الجيش في سيناء، في إطار مواجهة "الإرهاب"، بحسب تعبيره.

بيد أن المدقق في المقاطع ومحتواها، يجد أنها لا تحمل أيًّا من الاشتباكات مع عناصر مسلحة، على عكس تنظيم "ولاية سيناء"، الذي سبق وبث فيديوهات لهجوم على مقار للجيش والشرطة في سيناء وخارجها.

والمقاطع المصورة من إعداد الشؤون المعنوية للجيش المصري تُظهر تحركات لعناصر عسكرية خلال مداهمة منازل في سيناء، من دون أدنى مقاومة من عناصر مسلحة.

ولم يستدل في أي من المقاطع المصورة على وجود مضبوطات تم إخراجها من المنازل، بخلاف العثور على أسلحة من داخل "أكواخ" في الصحراء، يعتبرها الجيش ملاذ العناصر المسلحة. واللافت في مقاطع الجيش عدم ضبط العناصر المسلحة داخل تلك "الأكواخ".

وبدأ الجيش في هذه الحرب الدعائية مع تنظيم "ولاية سيناء"، منذ نشر المتحدث الرسمي العسكري، العميد محمد سمير، صوراً لأشخاص عليهم آثار طلقات نارية في بعض المناطق الصحراوية. وقال سمير حينها إن هذه الصور لعناصر مسلحة قتلت خلال اشتباكات مع قوات الجيش.

وكانت هذه الواقعة الأولى من نوعها، وجاءت عقب بثّ تنظيم "أنصار بيت المقدس" صوراً ومقاطع مصورة لتصفية عدد من جنود وضباط الجيش بصورة يمكن اعتبارها "مهينة" للمؤسسة العسكرية. ولم يتوقف المتحدث الرسمي العسكري عن نشر صور، يقول إنها لعناصر مسلحة في سيناء. لكن الصور التي يبثها الجيش باتت مثار جدل داخل المجتمع السيناوي، ولا سيما مع نفي تنظيم "ولاية سيناء" انتماء الأشخاص المقتولين برصاص الجيش إليه.

وأكدت مصادر وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تُتابع انتهاكات الجيش في سيناء، أن أغلب من قتلهم الجيش ليسوا من العناصر المسلحة، وأنهم أشخاص لا علاقة لهم بالأحداث، وبعضهم اعتقلهم الجيش وقوات الأمن من منازلهم وتم إلقاؤهم في الصحراء، عقب عمليات تعذيب. هذه الاتهامات ربما يدعمها نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لمقطع مصور يظهر بعض مجندي الجيش خلال تعذيب مواطن من سيناء والاعتداء عليه بأسلاك وأحزمة، فضلاً عن تسديد عدد من الركلات له فضلاً عن الإهانات والسباب.

المساهمون