تواصل مصر سياسة الاعتماد على الاقتراض الخارجي، رغم وصول الديون إلى مرحلة الخطر، بعد أن قفزت بشكل متسارع، خلال الفترة الأخيرة، في ظل عدم توجيه القروض لمشروعات تنموية، حسب خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد".
وفي تصريحات رسمية تؤكد إصرار الحكومة على اللجوء إلى مزيد من الاقتراض الخارجي، قال وزير المالية المصري عمرو الجارحي، أمس الاربعاء، إن مصر تستهدف إصدار سندات دولية مقومة بالدولار قيمتها بين ستة وسبعة مليارات دولار، في السنة المالية الجديدة 2018/2019 التي تبدأ في يوليو/تموز المقبل.
وبهذه الطريقة، تتجه الحكومة المصرية نحو مستويات قياسية جديدة من الاستدانة، إذ تشير التقديرات، حسب بيانات رسمية رصدتها "العربي الجديد"، إلى أن حجم القروض الخارجية، خلال النصف الأول من العام الجاري، سيبلغ أكثر من 13 مليار دولار، ويأتي ذلك على الرغم من تصريحات حكومية سابقة بتقليل اعتمادها على القروض.
وكانت مصر جمعت، هذا الأسبوع، 2.46 مليار دولار من بيع سندات مقومة باليورو لأجل 8 سنوات و12 عاما، بسعر فائدة 4.75% و5.625% على الترتيب، بينما اقترضت 4 مليارات دولار من خلال سندات دولية بالعملة الأميركية، في فبراير/شباط الماضي، كما اقترضت الحكومة، بداية مارس/آذار الماضي، مليار دولار من البنك الدولي.
كذلك، اقترض البنك المركزي، منتصف فبراير/شباط الماضي 1.079 مليار دولار عبر طرح أذون خزانة دولارية.
ومن جانبه، برر مسؤول حكومي بارز في قطاع الدين العام زيادة الاقتراض الخارجي من مؤسسات دولية أو من الأسواق العالمية بأنه أقل تكلفة من الاقتراض المحلي.
وأكد المسؤول لـ"العربي الجديد" أن الدين الخارجي يتوقع أن يسجل 87 مليار دولار، بنهاية يونيو/حزيران المقبل، في حين توقعت وزارة المالية، في بيان سابق، وصول الدين الخارجي، في منتصف العام الجاري، إلى 84 مليار دولار، مقابل نحو 55.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2016.
وما يفاقم مخاطر القروض الخارجية استخدامها في سداد ديون ومستحقات على الدولة بدلاً من توجيهها لمشروعات تنموية، حسب الخبير الاقتصادي وائل النحاس، الذي أكد أن الاقتراض بدون تنمية يزيد أعباء السداد.
وتابع النحاس أن الحكومة يجب أن تبحث عن بدائل فعلية لتلك الاحتياجات من خلال موارد حقيقية، لافتا إلى أن الاقتراض المحلي أو الخارجي يقلل من فرص الإنفاق على برامج التنمية الأخرى والخدمات الأساسية للمواطنين.
وأكد الخبير الاقتصادي أن تصريحات الحكومة بأن الدين الخارجي في مستويات آمنة خدعة، لأن الاقتراض المتزايد خطر على اقتصاد البلاد.
وأصبحت خدمة الديون تهدد الاقتصاد المصري مع ارتفاعها إلى مستويات تاريخية، وارتفعت تقديرات فوائد الدين بصورة كبيرة لنحو 520 مليار جنيه (الدولار = 17.6 جنيهاً) في الموازنة الجديدة 2018/ 2019، مقابل 415 مليار جنيه في الموازنة الحالية.
وبحسب البيانات الرسمية، ارتفع الدين الخارجي لمصر في آخر 10 سنوات، من 33.8 مليار دولار عام 2008 إلى 80.8 مليار دولار، في ديسمبر/كانون الأول 2017، حسب بيانات البنك المركزي. وفي المقابل، قدّرت وكالة فيتش العالمية حجم الدين الخارجي لمصر بمائة مليار دولار نهاية 2017.
وقال وزير المالية المصري، في تصريحات سابقة، إن مستويات الدين الخارجي لمصر وصلت إلى 81 مليار دولار، مشيرا إلى ارتفاع نصيب المواطن المصري من الدين الخارجي للبلاد بنحو 148.7%، في سبتمبر/أيلول الماضي، عند تقييمه بالجنيه، مقارنة بنفس الفترة من عام 2016.
وتسارعت خطى الحكومة نحو الاقتراض الخارجي عقب قرار تعويم الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، تحت ضغوط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض تبلغ قيمته 12 مليار دولار، حصلت منها مصر على 3 شرائح بقية 6 مليارات دولار.
كما اقترضت مصر، عقب توقيع اتفاق صندوق النقد مباشرة، 4 مليارات دولار سندات دولية تم طرحها في الأسواق الدولية، ثم طرحت سندات جديدة بقيمة 3 مليارات دولار أخرى، في مايو/أيار 2017.
ولم تقف الحكومة المصرية عند هذا الحد، بل حصلت على باقي الشرائح المالية من مؤسسات دولية وإقليمية أخرى عقب التعويم، منها مليار دولار من البنك الدولي، و500 مليون دولار من البنك الأفريقي للتنمية.