في مثل هذا اليوم، قبل أربع سنوات، ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على الصحافي والباحث المصري، هشام جعفر، بعد اقتحام قوة من الأمن الوطني مقر مؤسسته ومنزله ومنع المحامين من الدخول إليهما، قبل أن يتم تقديمه للتحقيقات أمام نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 720 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا، في يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 2015 ووجهت له النيابة العامة اتهامات شفهية، بالانضمام لجماعة محظورة وتلقي رشوة دولية، قبل أن تقرر حبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات.
وتوالت له التجديدات أمام نيابة أمن الدولة، ثم أمام محاكم الجنايات بطلب من النيابة العامة، وتم إيداعه في سجن العقرب شديد الحراسة بمنطقة سجون طرة، منذ أن تقرر حبسه احتياطياً، وحتى يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2017، الذي استنفد فيه الصحافي مدة الحبس الاحتياطي المنصوص عليها قانوناً.
وهشام جعفر، البالغ من العمر 54 عاماً، هو مدير "مؤسسة مدى للتنمية الإعلامية"، المنظمة غير الحكومية التي تقدم المشورة والتدريب والمعلومات بشأن قضايا عديدة في مجال حقوق الإنسان والأمور التنموية. ودأب قبل القبض عليه على إجراء أبحاث بشأن العنف الطائفي والتحول الديمقراطي في مصر.
تقول زوجته الدكتورة منار طنطاوي، "اليوم هو اليوم الأسود في تاريخ حياة عائلتي عندما تم اعتقال هشام جعفر منذ ثلاثة أعوام، منها عام لم نره ولم نسمع عنه شيئاً".
وتتساءل في تدوينة عبر حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن أسباب "كل هذا العنف مع هشام"، وتشير إلى أنه إلى الآن لم توجه له أية أدلة اتهام أو توجه له تهمة حقيقية بخلاف ما أرادوه من تشويه سمعته وسمعتنا بموضوع الرشوة الدولية".
وأضافت "أرادوا تدمير سمعته وسمعتنا لسبب لا نعلمه ولم يستطيعوا توجيه أي تهم له في التحقيقات سوى عن النشر للأبحاث ونتائجها، ولماذا لم يأخذ موافقات قبل نشر نتائج الأبحاث".
وقالت "هشام كل أبحاثه كانت بشراكة مع الدولة ومؤسساتها العريقة مثل مركز الأهرام للدراسات السياسية ومكتبة الإسكندرية والمجلس القومي للسكان وأيضاً الأزهر الشريف. ولو كانت أعمال هشام مع تلك المؤسسات بها أضرار للبلد لماذا لم تعاقب هي الأخرى".
وتتابع "كثيرون أداروا ظهورهم لهشام ليبدله الله بأناس بقلوب صافية ونفوس نقية يكتبون عنه رغم عدم التقائهم به ويغضبون لما يتعرض له. أكتب لكم اليوم لأشكركم ومهما قلت من كلمات الشكر فلن أستطيع أن أوفّي مقدار ما أحمله في قلبي لكم من عرفان، فلقد وقفتم بجانبنا وشددتم كثيراً من أزري وأعنتوني على تحمل الرحلة الصعبة التي وضعت فيها أنا وأسرتي".
وأضافت "شكراً للناس اللي فعلاً بتحمل مبادئ مؤمنة بيها علشان كده وقفت جنبنا تهون علينا مش كان لها مصلحة وقرشين ولما اختفى صاحبهم اختفوا هم كمان، ودي كانت أكبر نعمة هي معرفة من كان يستفيد من هشام أم من هو مؤمن بنفس أفكاره حقيقة وليس ادعاء".
كما وجهت زوجته رسالة شكر لكل تلاميذه في كل مكان "لأنهم لم يتخلوا عن الأستاذ وتحدثوا عنه وبيّنوا للجميع من هو هشام جعفر وكنت أبكي عندما أقرأ ذلك وأردد غرسك مثمر ولو منعوك. شكرا من كل قلبي لكل اللي ساعدني".
وتذكرت الطبيب والناشط السياسي المختفي قسرياً، مصطفى النجار، وقالت عنه "أتذكر اليوم الدكتور النبيل الذي لم يتأخر يوما عن الكتابة عن هشام وعن ظروفه الصحية وفقد بصره وهو د. مصطفى النجار. الذي كان يحلم لوطنه بالعدل والحرية لا نعلم عنه شيئا اليوم.. يعتصر القلب ألمًا وحزنًا وكمدًا وهو مختفٍ قسرياً وتتوه أخباره وسط أخبار الجريمة البشعة التي تمت في تركيا بغدر ودموية بشعة ومطلق سراح من فعلوها، أما مصطفى النجار فلا نعلم عنه شيئاً".
واختتمت تدوينتها بسؤال "إلى متى يظل الوضع ونفقد من الأحبة الكثير ويختفي البريء وراء قضبان السجون بينما القاتل الإرهابي حر طليق ينشر إرهابه على الجميع؟.. ومع بداية عام رابع أشكر الجميع وأطلب منكم الدعاء دوما لكل المعتقلين والمختفين قسرياً، وأن يشملنا الله بحفظه ورعايته ويُنزِل بالظالمين أشد العقاب".
ويعاني هشام جعفر من أزمات صحية متتالية منذ اعتقاله في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2015 نتيجة للحبس في ظروف غير إنسانية، وقد أدى الإهمال وعدم الاستجابة لطلبات نقله للمستشفى والوفاء بمتطلبات علاجه، إلى مضاعفات تهدد بفقد بصره.
كانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية)، قد تقدمت ببلاغ للنائب العام المصري، حمل رقم 12206 لسنة 2017 عرائض النائب العام، للمطالبة بإنفاذ القانون ووقف الاحتجاز المخالف للقانون للصحافي والمدافع عن حقوق الإنسان هشام جعفر، في اليوم الثالث من سقوط أمر الحبس الاحتياطي الصادر في حقه لتجاوزه للحد الأقصى للحبس الاحتياطي المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية.
ونصت المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الرابعة على أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهرًا في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام".
قضى هشام جعفر فترة حبسه الانفرادي في "سجن العقرب"، وسط ظروف بائسة، وأمضى الأشهر الماضية رهن الحبس الانفرادي. ولا يسمح له بالتريّض خارج زنزانته. وبين الحين والآخر، يسمح له حراسه بالمشي في الممر داخل الجناح الذي يحتجز فيه لفترة تتراوح بين 30 و60 دقيقة. أما في أوقات أخرى، فيظل حبيس زنزانته طيلة 24 ساعة في اليوم. وطبقاً لأقربائه، ليس في زنزانته سرير أو فراش، أو إضاءة وتهوية؛ وهي موبوءة بالحشرات بسبب تسرب المياه من مجاري الصرف الصحي.
وأبلغت منار طنطاوي، زوجة هشام جعفر، منظمة العفو الدولية أن أهله لم يتمكنوا من زيارته، منذ مارس/آذار 2017، إلا أربع مرات، ولفترة تقل عن 15 دقيقة في كل مرة. وأخبرت منظمة العفو أنه يعاني من ضمور في العصب البصري في كلتا عينيه، ومن تضخم في البروستاتا.