مصر: الإطاحة برؤساء تحرير الصحف القومية نهاية يونيو

22 مايو 2018
يقنن التشريع الجديد جواز الحبس الاحتياطي للصحافي(أود أندرسون/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر صحافية متطابقة في مصر أن الهيئة الوطنية للصحافة تعتزم تغيير جميع رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية (الحكومية)، فور موافقة مجلس النواب على قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، مرجحة إجراء التغييرات في نهاية يونيو/ حزيران المقبل، واستبدال رؤساء التحرير الحاليين بمجموعة أخرى تحظى بقبول أكبر لدى مؤسسة الرئاسة. 
وقالت المصادر في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن طرح التغييرات استند لأسباب عدة، على رأسها: "عدم شروع رؤساء مجالس إدارات وتحرير تلك المؤسسات على تطويرها، وإعادة هيكلتها، في ضوء تراكم المديونيات عليها لصالح الدولة، فضلاً عن تراجع توزيعها بشكل حاد خلال السنة المالية الجارية، وذلك لضعف المواد التحريرية المنشورة بها، وانصراف القارئ عنها".

وأفادت المصادر بأن من أسباب إجراء التغييرات "ضعف الإمكانيات المهنية لأغلب رؤساء التحرير، الذين جرى اختيارهم وفق معيار (الموالاة) دون غيره من المعايير المهنية اللازم توافرها، إضافة إلى تورط بعضهم في فضائح أخلاقية، على غرار رئيس تحرير صحيفة (روز اليوسف) اليومية، أحمد الباشا، الذي اتهمته صحافية في المؤسسة بمحاولة التحرش بها".
كذلك استشهدت المصادر بالصراعات الدائرة ببعض المؤسسات الكبرى، وخروجها من الغرف المغلقة إلى العلن، كمحاولة قفز رئيس مجلس إدارة صحيفة "الأهرام" اليومية، ونقيب الصحافيين، عبد المحسن سلامة، على منصب رئيس تحريرها، علاء ثابت، طمعاً منه في إعادة إحياء "أسطورة" الصحافي إبراهيم نافع، والذي حظي برئاسة مجلس الإدارة والتحرير معاً، إلى جانب كونه نقيباً للصحافيين.

وأشارت المصادر إلى عدم رضا مؤسسة الرئاسة عن أداء أغلب رؤساء تحرير الصحف الحكومية، وضعف مستواهم المهني مقارنة بسابقيهم، وهو ما ظهر بوضوح في عدم إجراء الرئيس عبد الفتاح السيسي لأي حوار مع أحد منهم، إذ كان آخر حوار أجراه مع رؤساء تحرير صحف "الأهرام" و"الأخبار" و"الجمهورية" في 17 مايو/ أيار 2017، قبل تولي الحاليين لمناصبهم في 31 من الشهر ذاته.

وتناط الهيئة الوطنية للصحافة، التي يرأسها الصحافي الموالي للنظام، كرم جبر، باعتماد أسماء رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية، غير أن الجميع في الوسط الصحافي يعلم أن الأسماء تأتي رأساً من مؤسسة الرئاسة، وفق ترشيحات تقدمها الأجهزة الأمنية (الاستخباراتية)، خلاف ما كان يحدث في السابق باعتماد مجلس الشورى لها، قبل إلغاء الغرفة الثانية للبرلمان في تعديلات دستور 2014.

في موازاة ذلك، قالت مصادر نيابية مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان انتهت من مناقشات قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والتي جرت بشكل سري، ومن دون حضور لممثلي الصحف المعتمدين، تمهيداً لإدارج تقريرها عن القانون، الذي جاء في 127 مادة، بجدول الجلسات العامة مطلع يونيو/ حزيران المقبل.
واعتبرت المصادر أن القانون الجديد من شأنه "ضبط أداء المنظومتين الصحافية والإعلامية في مصر بشكل عام، لتعرض نصوصه إلى ضوابط عمل الصحافة والإعلام الخاص أيضاً"، مشيرة إلى أن البرلمان يواجه ضغوطاً متزايدة خلال الفترة الأخيرة لإصدار القانون في دور الانعقاد الحالي، لإحداث حالة من التغيير في مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية.
وصرح رئيس اللجنة، المحرر العسكري السابق، أسامة هيكل، بأن "القانون الجديد يقضي بتغيير رؤساء مجالس الإدارات، من دون التقيد بفترة السنوات الثلاث المحددة لهم"، متابعاً "لا معنى لاستمرارهم في مناصبهم، إذا ما ثبت فشلهم في إنجاح مؤسساتهم من العام الأول لقيادتهم. وأشار هيكل إلى اختصاص الهيئة الوطنية للصحافة في تغيير رؤساء التحرير، إذا ما رأت ضرورة في ذلك.



بدوره، قال البرلماني المقرب من الأجهزة الأمنية، مصطفى بكري، إن "المؤسسات الصحافية ستشهد تغييرات كبيرة في رؤساء مجالس إداراتها وتحريرها، بمجرد صدور قانون تنظيم الصحافة والإعلام"، مضيفاً في تصريحات متلفزة أخيراً، أن "الصحافة القومية من ضرورات الأمن القومي، وهناك رؤساء تحرير لم يؤدوا رسالتهم بالشكل الأكمل، أو استطاعوا تحقيق آمال الصحافيين، أو الالتفات لمطالبهم".
ويقنن التشريع الجديد جواز الحبس الاحتياطي للصحافي أو الإعلامي، في حالات التحريض على العنف، أو التمييز بين المواطنين، أو الطعن في أعراض الأفراد، أو في الجرائم المتعلقة بالمساس بالأمن القومي، بالرغم من نص الدستور المصري على "عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية".

وحظر القانون على المواقع والوسائل الإلكترونية "نشر أو بث، أو إعادة بث، أو إرسال أو نقل أي محتوى، يتضمن أياً من المحظورات المبينة بقانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام"، مع توقيع المحكمة المختصة غرامة تصل إلى 50 ألف جنيه، وإصدار قرار بحجب الموقع الإلكتروني نهائياً، في حال ممارسة أي من هذه الأنشطة من دون الحصول على الترخيص اللازم.
وفي نهاية ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، صدق السيسي على قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، بعد إقراره من البرلمان، متضمناً قيودا مشددة على منح تراخيص الصحف الخاصة، والمواقع الإلكترونية، بالمخالفة للمادة (70) من الدستور، التي نصت على إصدار الصحف بمجرد الإخطار، وحق ملكيتها، وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي.



ويتزامن إصدار قانون تنظيم الصحافة مع تشريع آخر مرره البرلمان أخيراً تحت عنوان "مكافحة جرائم تقنية المعلومات"، ويستهدف النظام المصري من وراء التشريعين "تقنين حجب المواقع الإلكترونية، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تحت دعاوى نشرها لأخبار كاذبة، وتعارض موادها مع اعتبارات الأمن القومي"، وهو أحد المصطلحات الفضفاضة المستخدمة دوماً عند إعداد التشريعات الصحافية والإعلامية في مصر.

تجدر الإشارة إلى إصدار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر قراراً، أمس السبت، بمنع نشر أي أخبار "مجهلة المصدر" عبر الصحف أو القنوات الفضائية، بحجة مواجهة نشر الأخبار الزائفة، في إطار حوكمة الإعلام، وأطر الشفافية والمساءلة، ودرءاً للمخاطر التي تترتب على نشرها، وقد تضر بالصالح العام أو الاقتصاد الوطني أو الأمن القومي، أو تمس مصالح مصر العليا، وعلاقاتها الدولية.