خلف مشهد المشاركة الكبيرة لمليشيات "الحشد الشعبي" في جبهات المحور الغربي لمدينة الموصل، يسير مشروعٌ أكبر بكثير نحو التنفيذ، لتصبح تلك المنطقة معسكراً كبيراً، ودائماً، لهذه المليشيات، التي تعتبرها إيران جناحاً أصيلاً من مشروع نفوذها في العراق والمنطقة. ويقول مصدر عراقي مطّلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اختيار مليشيا الحشد الشعبي للمحور الغربي من الموصل ليكون موقعاً لها خلال المعركة، مقابل تنازلها عن دخول المدينة، لم يكن اعتباطيّاً"، مشيراً إلى أنّ "هذا المحور تمّ باختيار إيراني، ليكون موقعاً رئيساً لوجود مليشيا الحشد بالقرب من سورية، كما تكون قريبة من تركيا". وأوضح أنّ "وجود الحشد في هذا المحور، سيسهّل على البلدين (إيران وروسيا) إدارة دفة الصراع في الدول العربية، خصوصاً سورية، وإسناد ودعم قوات النظام السوري بأعداد كافية من مليشيا الحشد، كلما اقتضت الحاجة"، مضيفاً "على ما يبدو فإنّ المخطط الإيراني لم يكن بهذه البساطة، بل إنّها بدأت أخيراً بإرسال خبراء وقادة عسكريين، قاموا بدورهم بجولات استطلاعية في المحور لتقديم دراسة لإقامة أكبر معسكر للحشد الشعبي في المنطقة". وأوضح أنّ "هذا المعسكر لن يكون فقط لتدريب الحشد لخوض معارك في العراق، حسب ما هو معلن، بل سيكون المعسكر الرئيس لتصنيع المليشيات تحت مُسمّى الحشد الشعبي، ومن ثم إرسالها إلى الدول العربية بحسب ما تقتضيه الضرورة التي تحدّدها الإدارة الإيرانية الروسية". وأشار إلى أنّ "المعسكر سيتم بناؤه بعد الانتهاء من معركة الموصل، ليكون بمنأى عن ضربات وهجمات داعش، وسيكون مركزاً رئيساً لمليشيات الحشد الشعبي". وأكد أنّ "إقرار قانون الحشد الشعبي، جاء وفقاً للخطة الإيرانية، والذي سيفتح الباب للمتطوعين العراقيين الجدد، الذين سيتم تدريبهم وإعدادهم داخل هذا المعسكر، والذي سيشرف عليه قادة وخبراء إيرانيون وروس"، مبيناً أنّ "المعسكر سيكون من أحدث المعسكرات في المنطقة، وسيجهّز بأحدث الأسلحة والمعدات الضرورية للتدريب والتأهيل".
في غضون ذلك، يواصل رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفيّاض، زيارته الرسمية إلى موسكو. وأكّدت مصادر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الزيارة تركز على الدعم الروسي لمليشيا الحشد الشعبي، ورؤية روسيا لمستقبل الحشد وتوجهاته، وإعداده كقوة مؤثّرة في المنطقة، من ناحية الإعداد والتجهيز والتدريب والعدد"، مبيناً أنّ "الطرفين سيركزان على محاربة الإرهاب في المنطقة وليس العراق حصراً، باعتبار أنّ داعش هو فكر متغلغل في جميع الدول، خصوصاً العربية، الأمر الذي يتطلّب تكاتفاً دولياً لمحاربته". وأكد الفياض، خلال لقاء متلفز عقده في موسكو، أنّ "الحشد الشعبي هو الرادع الأول لداعش في العراق، وأنّ الحكومة العراقية ملتزمة بتقديم الدعم له"، مبيناً أنّ "قانون الحشد جعله قوة وتشكيلاً موازياً لقوات مكافحة الإرهاب العراقية"، مشيراً إلى أنّ "اتفاقية الإطار الاستراتيجية بين العراق وواشنطن، لا ترقى إلى مستوى الدفاع المشترك". وأضاف أنّ "العراق يبحث عن محور إقليمي في المنطقة، وسيكون متعاوناً مع أي دولة تحارب الإرهاب في المنطقة، ومنها روسيا"، مبيناً أنّ "العراق منفتح على الدول، وأنّ هذه الزيارة تمثل انفتاح العراق وسعيه لقطع دابر الإرهاب".