عندما بثت شبكة "نتفليكس" الجزء الأول من مسلسل Baby الإيطالي نهاية العام الماضي، تعرضت إلى الكثير من الانتقادات الأخلاقية، لأن المسلسل يروج للاتجار الجنسي بالفتيات القاصرات، بحسب تعبير المنتقدين، وقد نشر حينذاك المركز القومي لمكافحة الاستغلال الجنسي NCOSE بياناً يدين المسلسل ويتهمه بالاتجار بالجنس. إلا أن ذلك لم يمنع شبكة "نتفليكس" من إنتاج الجزء الثاني من المسلسل، فقامت ببثه الأسبوع الماضي.
المسلسل كما صرحت المنصة، مقتبس من قصة حقيقية، وتدور أحداثه حول الفتاتين كيارا ولودفيكا، اللتين تبلغان السادسة عشرة من عمرهما، وتنخرطان بالعمل مع شبكة دعارة سرية، تؤمن فتيات قاصرات لعملائها من الرجال. وباستخدام تقنية "لعبة المرايا"، يميز المسلسل ما بين الفتيات القاصرات اللواتي يعملن في الدعارة بوصفهن ضحايا للظروف الاجتماعية، من خلال نموذج لودفيكا، وما بين القاصرات اللواتي يعملن بالدعارة بملء إرداتهن، من خلال نموذج كيارا.
على عكس العادة، لم ينتق صناع العمل الأجواء الاجتماعية الفقيرة والمهمشة كمناخ عام للمسلسل؛ حيث جرت العادة أن يتم تصوير هذا النوع من القضايا درامياً في الأحياء الفقيرة ذات الثقافة الهشة، لتبرير الأفعال غير القانونية بصور نمطية جاهزة، تربط الجريمة بفئة اجتماعية محددة.
في مسلسل Baby، تعيش الفتاتان في أحياء روما الراقية، وتدرسان في مدرسة لا يرتادها سوى أبناء العائلات الغنية. وربما هذه النقطة بالتحديد هي التي أشعلت النار في وجه الجزء الأول من المسلسل، ليتم وصفه بأنه يصور انخراط القاصرات بالدعارة بصور جذابة ومعاصرة، قد تؤدي إلى نتائج سلبية؛ ولكن فعلياً هذه النقطة بالتحديد هي أكثر ما يميز المسلسل، وهي التي جعلت منه عملاً غير نمطي يحاكي قضية اجتماعية حساسة بمنظور جديد، بعيد عن الأفكار العنصرية والطبقية الراسخة بالدراما.
يميز المسلسل أيضاً أنه لا يتسرع بإطلاق الأحكام، بل يكتفي بوضع بطلتي الفيلم بظروف مناظرة، وفقاً للعبة المرايا، ليترك الحكم للمشاهد؛ إذ إن كيارا ولودفيكا، كلتيهما تعيشان ظروفا متشابهة، فكل منهما هي البنت الوحيدة لعائلة غنية، الزوجان فيها منفصلان، مع وجود بعض الفوارق الجوهرية بشكل العلاقات وضمن كل عائلة؛ فوالدَا كيارا حرصا على توفير كافة الظروف الصحية لتربية ابنتهما، وقرّرا الاستمرار بعلاقة شكلية لتوفير الدعم الكامل لها، بينما والدا لودفيكا انفصلا بشكل نهائي، ولم يهتما بمتابعة احتياجات ابنتهما، التي اضطرت بنهاية المطاف للعمل كعاهرة لتوفير ثمن أقساط المدرسة.
حساسية القضية وجرأتها لم تقف عائقاً أمام صناع المسلسل لخلق صور شعرية، تبدأ من تسمية المسلسل بالكلمة الإنكليزية Baby، والتي تحمل معنيين: الطفل الصغير، والحبيب؛ وقد تم استخدام هذه التسمية كتعبير لغوي عن العلاقة بين الشهوة الجنسية المريضة والطفولة. وبالإضافة لذلك، هناك الكثير من الصور الشعرية التي ترتسم بالحوارات، لتبرير أفعال غير أخلاقية بمنطلقات جمالية، كالحديث الذي يدور بين كيارا وأحد الرجال الأربعينيين، عن تفضيله لمذاق بعض أنواع النبيذ غير المختمر بشكل نهائي، واستخدام هذا التعبير كصورة شعرية تبرر ميوله المرضية نحو النساء غير الناضجات جمالياً.
اقــرأ أيضاً
رغم أن الجزء الثاني لا يقل بجودته وجماليته عن الجزء الأول، لكن فيه الكثير من التحولات التي تبدو كاستجابة للانتقادات التي طاولت الجزء الأول؛ أبرزها إقحام شخصية المدرس المثقف الذي يلتقي بـ لودفيكا بتدبير من شبكة الدعارة، ولكنه يمتنع عن ممارسة الجنس معها بعد أن يدرك أنها قاصرة؛ وتتحول حواراته معها بعد ذلك إلى محاضرات مباشرة، تبدو وكأنها أقحمت لتبرئة المسلسل من الانتقادات السابقة.
نقطة أخرى يجدر الحديث عنها في مسلسل Baby، هي الطريقة التي صُورت بها شخصية داميانو يونس (ابن السفير اللبناني)، والتي بدت صورة متطورة جاءت بسياق مغاير عن الصور النمطية للعرب الأغنياء في الدراما الغربية، والذين عادةً ما يبدون رجالاً منغمسين بالنزوات وليس لديهم مبادئ؛ ليأتي Baby ويصور داميانو كضحية للعنصرية ضد العرب في إيطاليا، وكشخصية ذات تأثير اجتماعي لا يقتصر على الصفات النمطية المتمثلة بمفردة "عربي".
المسلسل كما صرحت المنصة، مقتبس من قصة حقيقية، وتدور أحداثه حول الفتاتين كيارا ولودفيكا، اللتين تبلغان السادسة عشرة من عمرهما، وتنخرطان بالعمل مع شبكة دعارة سرية، تؤمن فتيات قاصرات لعملائها من الرجال. وباستخدام تقنية "لعبة المرايا"، يميز المسلسل ما بين الفتيات القاصرات اللواتي يعملن في الدعارة بوصفهن ضحايا للظروف الاجتماعية، من خلال نموذج لودفيكا، وما بين القاصرات اللواتي يعملن بالدعارة بملء إرداتهن، من خلال نموذج كيارا.
على عكس العادة، لم ينتق صناع العمل الأجواء الاجتماعية الفقيرة والمهمشة كمناخ عام للمسلسل؛ حيث جرت العادة أن يتم تصوير هذا النوع من القضايا درامياً في الأحياء الفقيرة ذات الثقافة الهشة، لتبرير الأفعال غير القانونية بصور نمطية جاهزة، تربط الجريمة بفئة اجتماعية محددة.
في مسلسل Baby، تعيش الفتاتان في أحياء روما الراقية، وتدرسان في مدرسة لا يرتادها سوى أبناء العائلات الغنية. وربما هذه النقطة بالتحديد هي التي أشعلت النار في وجه الجزء الأول من المسلسل، ليتم وصفه بأنه يصور انخراط القاصرات بالدعارة بصور جذابة ومعاصرة، قد تؤدي إلى نتائج سلبية؛ ولكن فعلياً هذه النقطة بالتحديد هي أكثر ما يميز المسلسل، وهي التي جعلت منه عملاً غير نمطي يحاكي قضية اجتماعية حساسة بمنظور جديد، بعيد عن الأفكار العنصرية والطبقية الراسخة بالدراما.
يميز المسلسل أيضاً أنه لا يتسرع بإطلاق الأحكام، بل يكتفي بوضع بطلتي الفيلم بظروف مناظرة، وفقاً للعبة المرايا، ليترك الحكم للمشاهد؛ إذ إن كيارا ولودفيكا، كلتيهما تعيشان ظروفا متشابهة، فكل منهما هي البنت الوحيدة لعائلة غنية، الزوجان فيها منفصلان، مع وجود بعض الفوارق الجوهرية بشكل العلاقات وضمن كل عائلة؛ فوالدَا كيارا حرصا على توفير كافة الظروف الصحية لتربية ابنتهما، وقرّرا الاستمرار بعلاقة شكلية لتوفير الدعم الكامل لها، بينما والدا لودفيكا انفصلا بشكل نهائي، ولم يهتما بمتابعة احتياجات ابنتهما، التي اضطرت بنهاية المطاف للعمل كعاهرة لتوفير ثمن أقساط المدرسة.
حساسية القضية وجرأتها لم تقف عائقاً أمام صناع المسلسل لخلق صور شعرية، تبدأ من تسمية المسلسل بالكلمة الإنكليزية Baby، والتي تحمل معنيين: الطفل الصغير، والحبيب؛ وقد تم استخدام هذه التسمية كتعبير لغوي عن العلاقة بين الشهوة الجنسية المريضة والطفولة. وبالإضافة لذلك، هناك الكثير من الصور الشعرية التي ترتسم بالحوارات، لتبرير أفعال غير أخلاقية بمنطلقات جمالية، كالحديث الذي يدور بين كيارا وأحد الرجال الأربعينيين، عن تفضيله لمذاق بعض أنواع النبيذ غير المختمر بشكل نهائي، واستخدام هذا التعبير كصورة شعرية تبرر ميوله المرضية نحو النساء غير الناضجات جمالياً.
رغم أن الجزء الثاني لا يقل بجودته وجماليته عن الجزء الأول، لكن فيه الكثير من التحولات التي تبدو كاستجابة للانتقادات التي طاولت الجزء الأول؛ أبرزها إقحام شخصية المدرس المثقف الذي يلتقي بـ لودفيكا بتدبير من شبكة الدعارة، ولكنه يمتنع عن ممارسة الجنس معها بعد أن يدرك أنها قاصرة؛ وتتحول حواراته معها بعد ذلك إلى محاضرات مباشرة، تبدو وكأنها أقحمت لتبرئة المسلسل من الانتقادات السابقة.
نقطة أخرى يجدر الحديث عنها في مسلسل Baby، هي الطريقة التي صُورت بها شخصية داميانو يونس (ابن السفير اللبناني)، والتي بدت صورة متطورة جاءت بسياق مغاير عن الصور النمطية للعرب الأغنياء في الدراما الغربية، والذين عادةً ما يبدون رجالاً منغمسين بالنزوات وليس لديهم مبادئ؛ ليأتي Baby ويصور داميانو كضحية للعنصرية ضد العرب في إيطاليا، وكشخصية ذات تأثير اجتماعي لا يقتصر على الصفات النمطية المتمثلة بمفردة "عربي".