مسلسل "غاندو" يهزّ طهران

12 يوليو 2019
يستحضر المسلسل قصة اعتقال الصحافي جيسون رضائيان (تويتر)
+ الخط -
قد تذكرنا البداية الدرامية لمسلسل "غاندو" الإيراني بسلسلة أفلام "جيمس بوند"، وغيرها من إنتاجات هوليوود التي تحظى بشعبية كبيرة في الجمهورية الإسلامية، إلا أنه مستوحى جزئيًا من قصة اعتقال الصحافي الإيراني الأميركي جيسون رضائيان، بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة، جذب الانتباه لأسباب مختلفة تمامًا عن حبكته التشويقية التي التقطت مشاهدها في إيران وتركيا والصين.

ويسلط المسلسل المكوّن من 30 حلقة، والمموّل من قبل معهد ثقافي غير معروف ومرتبط بالحرس الثوري الإيراني، الضوء على التنافس بين القوات الخاصة الإيرانية وحكومة حسن روحاني، ويصور الأخير على أنه بيروقراطي وفاسد.

ويبدأ المسلسل بمشاهد إرسال القوات الخاصة الإيرانية لطائرتين مقاتلتين، لمنع طائرة ركاب أجنبية من مغادرة المجال الجوي الإيراني، لإلقاء القبض على نجل أحد المسؤولين الذي اتهم بالاحتيال، قبل هربه للخارج.

وتشير حبكة المسلسل إلى أن اللص البالغ من العمر 26 عامًا، في المشاهد الافتتاحية، نجل مسؤول اقتصادي كبير في حكومة روحاني، وأنه كان هاربًا بمبلغ 28 مليون دولار نقدًا بالإضافة إلى عملات ذهبية.

ويُظهر العمل الحرس الثوري الإيراني على أنهم المخلّصون، وشباب يمتازون بالذكاء والدهاء في مجال التكنولوجيا، في حين تصور المحرضين على ثورة عام 1979 على أنهم شيوخ بعيدون عن الواقع، وبيروقراطيون وغير قادرين على السيطرة على فساد أولادهم، وفق ما نقلت صحيفة "فايينشال تايمز" اليوم الجمعة.

كما يستعرض المسلسل قصة جاسوس يدعى مايكل هاشميان، مستوحاة من قضية جيسون رضائيان، الصحافي الإيراني الأميركي في صحيفة "واشنطن بوست"، الذي اعتقل عام 2014 لمدة 18 شهرًا في سجن إيراني بتهمة التجسس، قبل إطلاق سراحه كجزء من صفقة تبادل السجناء. ويكشف كذلك تفاصيل أمنية عن علاقته ببعض مسؤولي الحكومة الإيرانية، ما أثار جدلًا كبيرًا في وقت يزداد فيه التوتر العالمي بين طهران والولايات المتحدة الأميركية.

وأطلق على المسلسل اسم "غاندو" وهو نوع من التماسيح التي تعيش في إيران، وقد أفادت تقارير صحافية بأن أحدها كان لامرأة جاسوسة أدّت دورًا أساسيًا في وصول رجال الأمن إلى جيسون رضائيان المراسل الإيراني.

واتُهم القائمون على العمل بمحاولة تشويه سمعة الحكومة ووزارة الخارجية الإيرانية، بتصويرها بأنها مخترقة من قبل الجواسيس، في الوقت الذي يصور فيه مؤسسة الحرس على أنها غير قابلة للاختراق.

وانتقد رئيس مكتب الرئاسة الإيرانية محمود فايزي العمل الدرامي قائلًا: "قدم مسلسل (غاندو)، صورة سيئة عن وزارة الخارجية الإيرانية، التي تتصدر حاليًا الحرب ضد العدو، مثلما تفعل وزارة الاستخبارات"، وأضاف أن الحكومة تحتفظ بالحق في مقاضاة المنتجين، بسبب "الكذب والتشهير". وكتب على "تويتر": "إن محاولة خلق تكتلات بين الحكومة والمجتمع شيء خاطئ للغاية، ويعارض أوامر المرشد الأعلى للثورة الإسلامية".

كما اتهم مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الإعلامية، حسام الدين آشنا، صناع المسلسل الذي يعرض على قناة تلفزيونية حكومية بمحاولة تقويض مؤسسات الدولة لأغراض تجارية، وشكك بأهداف المسلسل ومصدر تمويله. وكتب على "تويتر": "لا تمتلك الحكومة المال لصناعة مسلسل يروج لها، ولكن يبدو أنّ هنالك مكاناً آخر به أموال كثيرة لتقويض مؤسسات الدولة".

في المقابل دافع البعض عن المسلسل، وطالبوا ألا يكون خاضعًا للرقابة، باعتباره طريقة لفضح الفساد، فكتب منتج الأفلام السياسية سيد محمود رضوي ردًا على آشنا: "أعتقد أن (غاندو) ضروري لجعل الناس والمسؤولين يدركون أنهم يجب ألا يخطئوا، وألا يمارسوا الفساد في البلاد".


كما رد مخرج المسلسل جواد أفشر، على الجدل الذي أثير حول العمل، مصرحاً لوسائل الإعلام المحلية: "أعتقد أن العمل الجيد هو الذي يتحدث الجميع عنه، واليوم يشاهد (غاندو) من قبل مؤيديه وكارهيه"، في حين رفض منتج المسلسل مجتبى أميني، كل المخاوف التي أعرب عنها آشنا حيال تمويل المسلسل، وتساءل عن علاقة الأخير باعتباره من رؤساء الاستخبارات السابقين، في مجال الثقافة والفن.

كما تجنب بعض السياسيين في إيران إبداء رأيهم بالمسلسل، وكان أحدهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي سأله الصحافيون عن رأيه في تصويره بطريقة سلبية في "غاندو"، فادعى بأنه لا يشاهده.

يذكر أن المسلسل قدم أيضًا صورة مفصلة عن عمل أجهزة المخابرات الإيرانية، موضحًا أن لديها قاعدة بيانات مفصلة لكل مواطن إيراني، وأنها تتبع الناس من خلال كاميرات تجسس، وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتتبع جواسيس محتملين.

المساهمون