مستوى قياسيّ فرنسيّ في تبنّي إسرائيل وجرائمها

20 يوليو 2014
من تظاهرة باريس التي حاولت السلطات منعها السبت (GETTY)
+ الخط -
يحلّ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس حكومته، مانويل فالس، اليوم الأحد، مع الطائفة اليهودية في فرنسا للتعبير عن "تضامن الجمهورية" مع اليهود في ذكرى مآسيهم على يد النازية، بينما توغل السلطات الفرنسية، الأمنية والسياسية والاعلامية، بمزيد من الاحتضان التام للجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين.

لم تشهد فرنسا في تاريخها هذا المستوى من الانحياز التام للكيان الإسرائيلي، وللقراءة الصهيونية لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وسط صمت دبلوماسي عربي مريع في فرنسا.

وبالفعل، نفذت السلطات الأمنية في باريس وَعِيدَ الرئيس فرانسوا هولاند وفالس، فطاردت بالقوة تظاهرة سلمية، أمس السبت، من ميترو "باربيس" لمواطنين من العرب والفرنسيين الداعمين لصمود الشعب الفلسطيني وإدانة المذبحة الإسرائيلية المتواصلة. وقد قامت الشرطة الفرنسية بإغلاق الشوارع التي تتبعها التظاهرات عادة، وبدأت في إطلاق القنابل المسيلة للدموع بغزارة، متسببة في حالات إغماء كثيرة. وبعدها قامت باعتقال ما يقرب من أربعين متظاهراً.

في غضون ذلك، سجلت الصحافة الفرنسية مستوى قياسياً من تبني الرواية الصهيونية لآلة القتل الإسرائيلية. وليس من المبالغة القول إن معظم ما يكتب في الصحافة الفرنسية اليوم، موالٍ لإسرائيل، إن من خلال الصحافة أو تصريحات المسؤولين السياسيين على قنوات التلفزة والاذاعة. وضعية تاريخية تشبه فترة الهجوم الإسرائيلي على الدول العربية سنة 1967: إسرائيل تعتدي والغرب يُحمّل العربَ المسؤولية. والصحافيون الغربيون يبحثون في كل تفصيل عما يؤيد الرؤية الإسرائيلية للحدث.


أما عن الضحايا الفلسطينيين، فإن الصحافة الفرنسية تتبع حرفياً الأخبار الإسرائيلية، من خلال عدم التركيز على الضحايا المدنيين، ولا على أعدادهم، ولا تكلف نفسها التشكيك في الرواية الإسرائيلية. مثلاً، عنوانت صحيفة "لوجورنال دي ديمانش" الأسبوعية مقالها حول عدوان غزة بـ"زمن الكوموندوسات"، ونقرأ فيه أن "الجيش الإسرائيلي دمّر 70 في المئة من الأنفاق والبنى التحية التي تستخدمها حماس والجهاد الإسلامي"، ولكنها تستدرك أن "هذه الأنشطة الإسرائيلية لم تمنع الكوموندوس الفلسطيني من التحرش بالقوات الإسرائيلية." ولا تعترف الصحيفة، التي تنقل الرواية الإسرائيلية، إلا بمقتل جنديين إسرائيليين.

وتنقل الصحيفة عن المعلق الإسرائيلي رون بن يشاي قوله إن اكتساح الجيش الإسرائيلي لمنطقتي بيت حانون وبيت لاهيا، وهما من الأحياء التي تنطلق منها معظم الصواريخ والقذائف الفلسطينية، "سيكون خطيراً، فالجناح العسكري لحركة "حماس" يحلم بأن يخوض فيها معركة تشبه معركة الفلوجة"، في إشارة إلى أسوأ المعارك التي خاضها الاحتلال الأميركي في العراق.

وتكشف الصحيفة الفرنسية أن الحرب على الفلسطينيين تحظى بشعبية في إسرائيل، ولكنها تستدرك بأن "قوى متطرفة في تحالف (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو تطالب باجتثاث الإرهاب، وأخرى بتحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح".

وتحاور الصحيفة الفرنسية دانييل بن سيمون، وهو نائب سابق من حزب العمل، يؤكد فيه، بشكل غير موارب، أن حرب نتنياهو "فخ مأساوي لإسرائيل". ويعترف بن سيمون بأنه "لا جواب واضح لجدوى العملية البرية في غزة، فلا يمكن التخلص من مليوني فلسطيني، ولا من كل أسلحة حماس ولا يمكن تغيير طبيعة هذه الحركة".

ولا يرى السياسي الإسرائيلي حلاً سوى "حل الضفة الغربية"، ويشير إلى أنه "من أجل الحد من الإرهاب، يجب إجراء مقاربة إنسانية، واستثمار مليارات الدولارات في غزة حتى تستعيد هدوءها ومستوى عيش يشبه مستوى العيش في الضفة حيث يشاهد المرء سيارات فارهة وناطحات سحاب، بينما في غزة لا تزال توجد عربات تجرها حيوانات ومنازل يتكدس فيها 12 شخصاً في غرف صغيرة جداً" على حد تعبيره. ويخلص بن سيمون إلى أنه "لا يمكن للمرء العيش في قفص طول حياته، وإن لم نمنح للفلسطينيين أي أمل، فإنهم سيأتون لقتلنا".

ويخلص إلى أن "اليمين الإسرائيلي كسّر حلم السلام، ومعسكر السلام يتيم، ولم نعد نعرف مع من يمكن التحدث، وحين أتحدث عن السلام مع الفلسطينيين يعتبرونني طوباوياً".