مستقلو مجلس الشعب السوري

19 يوليو 2020
يعتقد بعض المستقلين أن لديهم رصيدا شعبيا (محمد الرفاعي/Getty)
+ الخط -

تشهد سورية، اليوم الأحد، انتخابات الدورة الثالثة لمجلس الشعب، والتي يتنافس خلالها 2100 مرشح تنافساً صورياً، لشغل 250 مقعداً، هي عدد أعضاء المجلس، الذي يتم تعيين أكثر من نصف أعضائه، من خلال ترشيحهم لقائمة ما يسمى "الجبهة الوطنية"، والتي يهيمن عليها حزب "البعث"، فيما يتنافس عدد من المستقلين المرضِي عنهم من السلطة على ما تبقّى من مقاعد لا يستطيعون من خلال شغلهم لها، رفض أو تمرير أيّ قرار حتى لو اتفقوا جميعاً. فالأغلبية المطلقة في المجلس، تصوت بناءً على توجيهات قياداتها في "البعث"، ليبقى السؤال من هم المستقلون في مجلس الشعب، ولماذا يدخلون مجلساً لا يمتلكون من أمر قراراته شيئاً؟

قبل وصول بشار الأسد إلى السلطة، كان جزء من مستقلي مجلس الشعب هم من طبقة الصناعيين والتجار، وبعض الوجهاء الذين يدخلون المجلس من أجل إضفاء نوعٍ من الهيبة والوجاهة على مواقعهم الاقتصادية والاجتماعية. لكن مع استلام بشار الأسد زمام الحكم، وتحكّم الأجهزة الأمنية في كل تفاصيل عمل مجلس الشعب، وبعد تعرّض بعض أعضائه للاعتقال بسبب مواقف معينة لهم، عزفت حتى هذه الطبقة عن الترشح، لا سيما بعد بداية الثورة السورية. وصعد مكان هؤلاء طبقة حديثو النعمة وقادة الشبيحة، وبعض مخبري الأجهزة الأمنية، إذ يتم ترشيحهم عبر تزكية من تلك الأجهزة، كما يتم إنجاحهم من خلال مسرحية الانتخابات، فيما يرشح أنفسهم كمستقلين بعض ممن لا يزالون يعتقدون أن لديهم رصيدا شعبيا، وأن بإمكانهم المرور إلى المجلس من خلال صندوق الاقتراع، وهذه الفئة هي التي تخسر الانتخابات في غالبيتها.

أما عن الدوافع التي تقف وراء ترشح المستقلين لهذا المجلس، فهي بالدرجة الأولى من أجل الوجاهة الاجتماعية، ومن أجل الحصول على بعض المكاسب الخاصة من السلطة التنفيذية، كالحصول على موافقات واستثناءات من الوزراء والمديرين العامين، من أجل مشاريع خاصة بهم تساهم في زيادة ثروتهم، أو العمل كسماسرة لدى السلطة التنفيذية في الحصول على استثناءات بمقابل مادي.

وفي ما يتعلق بالدور الذي يقوم به عضو مجلس الشعب المستقل، فهو يُستخدم من قبل السلطة كواجهة لتمرير قراراتها بطريقة توحي بالتنوع. كما يُستخدم مستقلو هذا المجلس من قبل الأجهزة الأمنية كنوعٍ من "التنفيسة" أثناء الأزمات، أو بعد الأخطاء الكبيرة التي تحصل ضمن السلطة، فيتم توجيههم بشكل مدروس، من أجل القيام بدور المنتقد للسلطة للإيحاء بوجود أصوات معارضة، وفي بعض الأحيان لنبش ملفات بعض مسؤولي السلطة ذاتها، الذين يقرر النظام التخلص منهم، فيفتح ملفات فسادهم عبر مستقلي مجلس الشعب.

وبالتالي، فإن مستقلي مجلس الشعب يقومون بدور تلميع ديكتاتورية النظام، ودور شهود زور على ما يقرره النظام عبر مجلس الشعب، الأمر الذي يجعل منهم أدواتٍ أسوأ حتى من الأعضاء البعثيين في المجلس.

المساهمون