مستقبل مركز الريجستا في لندن..فابريغاس على خطى أندريا بيرلو

24 ابريل 2016
فابريغاس في انتظار كونتي (العربي الجديد/ غيتي)
+ الخط -

حقق تشيلسي فوزاً كبيراً هذا الأسبوع على حساب بورنموث بالأربعة، ورغم أن هذا الانتصار غير مفيد على مستوى جدول الترتيب، بعد ابتعاد الزرق عن المراكز المؤهلة إلى دوري الأبطال، فإن عودة سيسك فابريغاس إلى مستواه هو الخبر السعيد بالنسبة لجمهور لندن، والمدرب الجديد أنطونيو كونتي، خصوصا أن الكل في انتظار نسخة أفضل لتشيلسي مع الإيطالي خلال الموسم الجديد.

المستر أسيست
لعب جوس هيدينك بطريقة لعبه المفضلة، 4-2-3-1 الهجومية، بتواجد دييغو كوستا في قلب الهجوم، وخلفه ويليان في مركز صانع اللعب، بين بيدرو وهازارد على الأطراف، بينما اختار الهولندي ماتيتش وفابريغاس في منطقة الارتكاز أمام رباعي الدفاع الأخير، من أجل حماية أكبر وتوازن أوضح في لعبة التحولات.

صنع فابريغاس الفارق عن طريق قيامه بعمل ثلاثة أهداف لزملائه، في مباراة حصل فيها اللاعب على أريحية متكاملة، من خلال لعبة "ثنائية التغطية" التي قام بها الصربي ماتيتش في الخلف، من خلال دوره المحوري في منطقة الارتكاز، كلاعب أقرب إلى الليبرو، والذي يغطي دفاعيا، ويترك لزميله الحرية الكاملة في الصعود إلى الثلث الأخير.

سيسك أيضا لم يتم إرهاقه في التغطية رفقة ظهيري الجنب، لأن بيدرو لاعب جناح هجومي بدرجة مدافع سريع، لذلك يعود باستمرار لمساندة الظهير في نصف ملعبه، بالإضافة إلى المجهود الوافر من جانب ويليان، صانع اللعب الدفاعي تكتيكيا، لأنه لا يتحرك فقط في الثلث الأخير، بل يضع نفسه في منطقة الوسط بعودته خطوات إلى الوراء، ليقوم فابري بصناعة اللعب من خلال تبادل المراكز معه أثناء حيازة الكرة.

لاعب مباشر
سيسك فابريغاس لاعب وسط مباشر بالمعنى الحرفي للكلمة، لأنه يتحرك بشكل طولي من الخلف إلى الأمام، ويُبدع أكثر كلما حصل على المساحة المطلوبة للتمرير، خصوصا أنه بطيء للغاية من دون الكرة، لذلك يجب أن يقوم رفاقه بالتضحية من أجله، حتى يتم فتح الفراغ اللازم لاستلامه الكرة، ومن ثم الوقوف عليها، وضرب الكرة مباشرة إلى المهاجم المتقدم في القنوات الشاغرة.

في أفضل فترة له مع آرسنال، أوجد فينغر لاعباً آخر يقوم بالتغطية خلف سيسك، لأنه باختصار لا يجيد أبدا الجمع بين المهام الدفاعية والهجومية، لذلك كانت هناك مقولة شهيرة لأرسين فينغر في بدايات تألق الإسباني، "لكي تحصل على أفضل نسخة للوسط، العب دائما بجلبرتو سيلفا خلف واحد من اثنين، فييرا أو فابريغاس"، لأن هذا الثنائي يصعد إلى الهجوم، ويحتاج لمن يغطي خلفه.

كذلك خلال حقبته مع برشلونة، لعب سيسك أجمل كرة له في أول موسم مع غوارديولا، في مركز لاعب الوسط الهجومي الصريح، الأقرب إلى مركز المهاجم الوهمي، حيث يقوم بوسكيتس بدور لاعب الارتكاز، مع عملية السيطرة والتحكم من جانب تشافي وإنيستا، وكل ما على سيسك فعله، هو التحرك في المساحات والحصول على الكرات، من أجل لعبها في المرمى أو تجاه ميسي، ونجح الكتالوني في هذا المكان بامتياز، مع فشله بنفس الدرجة في كل مراكز الوسط التي تُعرف بالصريحة!

الريجستا
الريجستا هو مخرج الأفلام على الطريقة الإيطالية، وفي التكتيك الحديث هو اللاعب صاحب المركز رقم 4، وفي السنوات الكروية الماضية، هو ذلك اللاعب الفذ، أندريا بيرلو، بالعودة إلى مونديال 2006، لعب بيرلو في مركز الريجستا، أي صانع اللعب من الخلف "الديب لاينغ"، وكان معه غاتوسو، جينارو ليس لاعب وسط هجومي ولكنه كان يتمركز أمام بيرلو، لكي يقوم بعمل الحاجز له من أجل إعطائه فرصة أفضل للتمرير من الخلف.

بالإضافة الى خطف الكرة وتمريرها إليه، وأعاد كونتي هذا الدور في فترة يوفنتوس الرائعة، من خلال ارتكاز متكامل ومثالي، بيرلو في مركز صانع اللعب الخلفي، رفقة فيدال لاعب الوسط "البوكس" الذي يهاجم ويدافع في آن واحد، مع ماركيزيو لاعب الوسط المساند الذي يستطيع التحرك حول الدائرة، والتحكم في نسق المباريات.

ومع ضعف سيسك دفاعيا وقلة حيلته أثناء التحولات، يستطيع كونتي توظيف لاعبه الإسباني في مركز جديد نوعا ما بالموسم المقبل، عندما يضعه كـ "ريجستا" في الملاعب الإنجليزية، لاعب وسط أمام رباعي الدفاع، لا يقوم بالمهام الدفاعية التقليدية، بل يحصل على الكرات دون ضغط، ويبدأ عملية بناء الهجمة بذكاء من الخلف إلى الأمام، بعيدا عن غابة السيقان بالوسط الهجومي.

تشيلسي آخر
تحدثت بعض التقارير الصحافية عن ثورة انتقالات في تشيلسي هذا الصيف، مع مستقبل مهدد لبعض الأسماء الكبيرة، وعلى رأسها فابريغاس، لكن حديث الأخير مع وسائل الإعلام البريطانية مؤخرا يوحي بالكثير، على الصعيدين الفني والتكتيكي. يقول سيسك، "لقد لعبت ضد فرق إيطالية قام كونتي بتدريبها، إنه رجل يهوى النظام الخططي، ومنفتح للغاية أمام اللعب الهجومي".

وخلال مباراة تشيلسي الأخيرة مع باريس في الشامبيونزليغ، عاد فابري في أكثر من كرة إلى الخلف، بعيدا عن مصيدة الضغط الفرنسية كما لاحظ أكثر من محلل فني على رأسهم زونال ماركينج، وساعد سيسك دفاع فريقه في التمرير الإيجابي من الخلف، خصوصا أنه يتقن هذا الدور بنسبة أدق من ماتيتش وميكيل وبقية لاعبي الارتكاز في شمال لندن.

لذلك مع قدوم كونتي، من الممكن تفعيل هذه الخطة بطريقة أفضل، عن طريق اللعب بسيسك في مركز جديد، لاعب وسط دفاعي يقوم بدور صانع اللعب، بالتعاون مع ثنائي آخر متحرك أمامه، ولا عجب من أخبار مفاوضات الفريق مع لاعبين بقيمة نايغولان نجم روما، لأن هذه النوعية ستساعد الرقم 4 على اكتشاف نفسه مرة أخرى في الموسم المقبل!

دلالات
المساهمون