مساعٍ لتثبيت اتفاق الجنوب السوري: مدخل لحل الصراع

19 يوليو 2017
لا يزال البحث جارياً حول ترتيبات إدارة معبر نصيب(Getty)
+ الخط -

على الرغم من غموض البنود التفصيلية لاتفاق وقف التصعيد العسكري جنوبي سورية، كون الدول التي أبرمته لم تفصح عنها، إلا أن ردود فعل الأطراف المعنية ومواقفها، بعد مرور عشرة أيام على سريان الاتفاق، بدأت تفكك خيوطه المُبهمة، في حين يشي الهدوء الميداني داخل المناطق المشمولة في درعا والقنيطرة، بأن الاتفاق متجه نحو تكريس وضع ميداني وأمني مستقر في مثلث الحدود السورية-الأردنية-الاسرائيلية، على الرغم من أن بعض تفاصيله التقنية ما زالت قيد البحث، ومنها ترتيبات إدارة نقطة نصيب الحدودية بين سورية والأردن.

وقال وزير الإعلام الأردني، المتحدث باسم الحكومة، محمد المومني، أمس الثلاثاء، إن آلية مراقبة وقف إطلاق النار في مناطق جنوب غرب سورية التي اتفق عليها الأردن والولايات المتحدة وروسيا في عمّان أخيراً، "تصاغ في مراحلها النهائية". وأوضح المومني في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن الاتفاق "يقضي بدعم وقف إطلاق النار" في جنوب غرب سورية بين قوات النظام السوري والقوات الموالية لها، وقوات المعارضة المسلحة.
واعتبر أن "اتفاق عدم التصعيد" في جنوب غرب سورية يشكّل اختباراً وتحدياً لروسيا والولايات المتحدة بصفته نقطة تحوّل وسابقة يسعى البلدان للبناء عليها لحل النزاع السوري. وحول رؤية الأردن للاتفاق، قال المومني إن "الأردن ينظر إلى هذا الاتفاق كخطوة مهمة لدعم التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية والقضاء على الإرهاب وبالتالي ضمان أمن الحدود وعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم".

وتُعتبر نقطة تواجد المليشيات التي تدعمها إيران جنوبي سورية، أكثر النقاط العالقة في ترتيبات هذا الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ ظهر الأحد قبل الماضي؛ إذ على الرغم من أن إسرائيل كانت طرفاً أساسياً في المشاورات التي أفضت إليه وفق اعتراف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لكن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عبّر عن عدم ارتياح بلاده لبنود الاتفاق، خشية أن يكرس الوجود الإيراني في سورية.
واللافت أن إيران كانت قد أبدت امتعاضها من الاتفاق الأسبوع الماضي، واعتبرت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها بهرام قاسمي، أنها غير ملزمة به، ولن تكون ضامنة للاتفاق الأميركي الروسي، وستستمر في التشاور مع موسكو، بموجب التفاهمات التي تم التوصل إليها في محادثات أستانة الخاصة بالأزمة السورية.

القلق الإسرائيلي مع عدم الترحيب الإيراني باتفاق وقف التصعيد العسكري جنوبي سورية، قد يدلان على أن الطرفين الأساسيين فيه، موسكو وواشنطن، توصلا لمقاربة وسطية، حول الوجود الإيراني جنوبي سورية، إذ تسرب عن المفاوضات والاجتماعات التي سبقته في العاصمة الأردنية عمان، بأن واشنطن كانت تشترط ابتعاد كافة المليشيات الموالية لطهران، عن الحدود الأردنية والإسرائيلية مسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً.


وبعد عشرة أيام من بدء سريان الاتفاق، ما زالت التحركات السياسية الأميركية متواصلة في المنطقة، لبحث تنفيذ بنود الاتفاق، إذ كان المبعوث الأميركي إلى سورية مايكل راتني، قد التقى بقيادات عسكرية من المعارضة السورية قبل يومين في العاصمة الأردنية، متحدثاً بحسب وكالة "آكي" الايطالية، عن أن وقف إطلاق النار جنوبي سورية "سيكون بضمانة أميركية وسيستمر". وكشفت الوكالة نقلاً عن مصادر في الأردن، أن المبعوث الأميركي شدد على ضرورة تطوير دور قوات الشرطة المحلية في محافظة درعا، لتوفير حالةٍ من الأمن تُمهد لعودة اللاجئين السوريين من الأردن، مع تدعيم عمل المجالس المحلية لتطوير البنى التحتية.
وفي ما يتعلق بإدارة معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن، فإن تقاطع المعلومات التي ترشح عن اجتماعات العاصمة الأردنية، يشير إلى أنه يجري بحث إمكانية أن يكون بإدارة مشتركة من الطرف السوري بين النظام والمعارضة، أو عبر موظفين سوريين تقنيين، يتولون تسيير المنفذ الحدودي.

وكانت وسائل إعلام أردنية ذكرت أن الاجتماع بين المسؤول الأميركي وقيادات في المعارضة السورية في عمان، هدف أيضاً لإيصال "قناعة بأن هذا الاتفاق ليس خطوة باتجاه تقسيم سورية"، وإنما هو "محاولة لإنقاذ الأرواح، وخلق مناخ أكثر إيجابية لعملية سياسية وطنية برعاية الأمم المتحدة". كما أشارت إلى أن الاجتماع بحث أيضاً "في من سيدير مناطق المعارضة والشرطة التي ستعمل فيها، بالإضافة إلى العلم الذي سيرفع على معبر نصيب-جابر بين سورية والأردن، وإمكانية نقل قوات من فصائل المعارضة إلى معسكر الشدادي، الذي يعكف التحالف الدولي على بنائه في منطقة الشدادي في ريف الحسكة" الجنوبي.

ويبدو أن إنشاء معسكر الشدادي الذي جرى الحديث عنه في اجتماعات عمان، والذي ستتواجد فيه قوات من المعارضة السورية، متجه نحو التنفيذ، بحسب ما كشف أمس الثلاثاء المتحدث باسم "جيش مغاوير الثورة" (التابع للجيش الحر) محمد مصطفى جراح. وأشار في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "القاعدة الجديدة في منطقة الشدادي في ريف الحسكة، ما زالت قيد الإنشاء"، مضيفاً: "كما نعمل على إكمال تشكيل لنا في الشمال السوري، حيث يوجد لدينا مقاتلون منتشرون في الشمال والشمال الغربي وإدلب، وسيتم تجميعهم تحت قيادة عسكرية لجيش مغاوير الثورة في قاعدة الشدادي، ويُقدر عدد المقاتلين الأولي بأكثر من ألف مقاتل". وأضح جراح أن "قاعدة التنف ستكون القاعدة الأم المورّدة للمقاتلين المدربين، إضافة إلى مسألة التسليح والدعم اللوجستي لكل القواعد العسكرية المتقدّمة التابعة لجيش مغاوير الثورة" الذي يتلقى دعمه من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.