مساجد تؤوي النازحين السوريين الجدد بعد امتلاء مخيمات إدلب

22 ديسمبر 2019
النزوح يتواصل من إدلب بسبب القصف (عمر قدور/فرانس برس)
+ الخط -

يعيش شمال سورية كارثة إنسانية جديدة بسبب موجة النزوح التي تشهدها مناطق الريف الجنوبي في محافظة إدلب (شمال غرب)، هربا من القصف المتواصل والغارات الجوية التي تنفذها طائرات حربية تابعة للنظام السوري وطائرات روسية.

ولم يبق القصف مكانا آمنا للمدنيين في معرة النعمان والمناطق المحيطة بها، وهي المنطقة الأكثر كثافة سكانية في محافظة إدلب، وفي المقابل لا يتوفر مكان لاستقبال النازحين في الريف الشمالي والشمالي الغربي للمحافظة، إذ وصلت قدرة استيعابها إلى طاقتها القصوى في ظل عدم وجود حلول لإيواء الأعداد الكبيرة من النازحين الجدد باتجاه مخيمات أطمة وقاح وحارم أو بلدات المنطقة.

ووصل نحو 25 ألف سوري إلى مناطق قريبة من الحدود التركية خلال اليومين الماضيين، بعد تصاعد هجمات النظام وحليفه الروسي ومجموعات موالية لإيران على إدلب، بحسب وكالة الأناضول التركية.

وقال مدير فريق "منسقو استجابة سورية"، محمد حلاج لـ"العربي الجديد"، إنه لم تتبق هناك خيارات لدى الأهالي، والمنطقة مقبلة على كارثة إنسانية، حقيقية"، مضيفا أن "النازحين الجدد ينزحون نحو المجهول، فالمخيمات لا تستطيع توفير أماكن لهم، وكثير من الخيام تضم عائلتين أو ثلاثا. فتحت بعض المساجد أبوابها لاستيعاب النازحين في مدينة إدلب، وليس هناك بدائل للتعامل مع موجة النزوح التي تتحرك باتجاه الشمال السوري".

وأشار الناشط أسعد الحمصي لـ"العربي الجديد"، إلى أن "منطقة المخيمات القريبة من مدينة الدانا في الريف الشمالي لإدلب، لم تعد تستوعب النازحين إليها، ومساء أمس وصلت عوائل إلى المدينة من الريف الجنوبي، وافترش هؤلاء الشارع الرئيسي داخل المدينة ومنطقة دوار الدانا، على الرغم من البرد الشديد، وفتح أهالي المدينة المساجد لاستقبال العوائل، وقدموا لهم أغطية وبعض المستلزمات".

وقال النازح من بلدة كفرسجة، وائل قنديل، لـ"العربي الجديد"، إن "الموت يلاحق النازحين في كل مكان، ومناطق ريف إدلب الجنوبي تحترق بفعل القصف، واستمرار البقاء فيها غير ممكن".

وكثّفت طائرات النظام وروسيا اليوم الأحد، قصفها للسيارات التي تتولى نقل المدنيين من معرة النعمان وريفها، وقال أحد العاملين في رصد حركة الطيران بإدلب، ويدعى "أبو بحر" لـ"العربي الجديد"، إن "طائرات حربية تابعة للنظام تحوم فوق معرة النعمان وريفها، وتستهدف أي سيارة تتحرك في المنطقة. تم استهداف سيارتين حاولتا الخروج من المدينة، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى لا يعلم عددهم، وهناك أكثر من ألف عائلة عالقة داخل المدينة التي تتعرّض لقصف جوي وصاروخي منذ أيام".

وتتواصل الحملة العسكرية على منطقة خفض التصعيد بعد نحو شهر على توقيع "اتفاق سوتشي" بين روسيا وتركيا في 17 سبتمبر/أيلول 2018، وتضم المنطقة أجزاء من ريفي حماة الشمالي والغربي، فضلا عن الريفين الجنوبي والغربي من محافظة إدلب، وتسببت الغارات الجوية الروسية والقصف المكثف الذي تنفذه قوات النظام بموجات نزوح من المنطقة منزوعة السلاح.
وقدر عدد النازحين خلال الحملة العسكرية الأولى بنحو 37 ألفا، ونزح في الحملة العسكرية الثانية نحو 41 ألفا، بينما تسببت الحملة العسكرية الثالثة التي بدأت في فبراير/شباط الماضي في نزوح نحو مليون نسمة، حسب إحصائيات فريق "منسقو استجابة سورية".

وأعلنت روسيا عن هدنة في إدلب من جانب واحد في 30 أغسطس/آب الماضي، ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في اليوم التالي، لكنها انهارت بعد نحو شهرين، لتتجدد الحملة العسكرية ويتكرر النزوح.
وقتل 5 مدنيين اليوم الأحد، في غارات جوية شنتها مقاتلات روسية على مناطق سكنية تقع داخل منطقة خفض التصعيد في إدلب، في ساعات الليل، وشملت الغارات معرة النعمان، وتلمنس، والتح، والدير الشرقي.

والسبت، قُتل 8 أشخاص في هجمات للنظام السوري وروسيا على المناطق السكنية في منطقة خفض التصعيد.

المساهمون