مساءلة وزير التعليم الإيراني: تصفية حسابات بين المحافظين والإصلاحيين

07 يوليو 2014
تأجيل جلسة مساءلة وزير التعليم للشهر المقبل (العربي الجديد)
+ الخط -

تمكّن رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، من تأجيل جلسة مساءلة وزير التعليم العالي رضا فرجي دانا، بعدما كان خمسون نائباً من البرلمان الإيراني قد وقّعوا عريضة أخيراً لاستدعاء الوزير ومساءلته علناً أمام مجلس الشورى الإسلامي.

فقد عُقدت جلسة غير علنية، اليوم الاثنين، بين لاريجاني وبعض النواب بحضور فرجي دانا، وصلت في النهاية إلى نتيجة تأجيل جلسة المساءلة والاستجواب العلنية حتى الشهر المقبل، بعد التشاور مع النواب المعترضين على سياسات الوزير ومحاولة حل الأمر بينهم من دون عقد الجلسة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا).

وكان بعض المحافظين المتشددين في البرلمان قد وقّعوا عريضة لاستجواب الوزير. وهو ما يسمح به الدستور الإيراني في حال مخالفته القانون أو تقصيره في أداء مهامه. وفي حال لم يقتنع النواب في تلك الجلسة فمن الممكن حجب الثقة عنه إذا ما اكتمل النصاب بينهم.

وبدأت قضية فرجي دانا حين قدم الرئيس الإيراني، حسن روحاني، تشكيلته الحكومية، ورفض النواب المصادقة على ثلاثة أسماء مقترحة لمناصب وزارية متفاوتة، أولها كانت وزارة التعليم.

واقترح روحاني في حينه لمنصب وزير التعليم جعفر ميلي فرد، إلا أنه لم يحصل على ثقة النواب. وحاول روحاني اقتراح اسم جعفر توفيقي من بعده، إلا أن توصيات بعض المسؤولين السياسيين في البلاد جعلته يقدم اسم الإصلاحي فرجي دانا بدلاً منه، والذي حاز على أصوات 159 نائباً، فيما عارض تعيينه 70 نائباً وامتنع 32 عن التصويت.

ويعود رفض النواب المحافظين، الذين يشكلون غالبية في البرلمان، لهذه الأسماء بشكل أساسي إلى ارتباطها بالحركة الخضراء التي ظهرت إبان احتجاجات عام 2009، إثر فوز الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية على منافسه المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي، وتشكيك أنصار الأخير بنتائج الانتخابات.

وبعد تولي فرجي دانا لمنصبه الوزاري، قام بتعيين ميلي فرد وتوفيقي مستشارين له، وهو ما اعتبره النواب إعلاناً للحرب من قِبل فرجي دانا، فبدأت الاعتراضات. وطالب 150 منهم الرئيس روحاني بالتدخل في هذه التعيينات، إلا أن بعض القانونيين وحتى النواب أعضاء لجنة الحقوق في المجلس، اعتبروا أنه لا يحق لنواب البرلمان التدخل في التعيينات داخل الدوائر الحكومية فهذا من اختصاص السلطة التنفيذية.

وعلى الأثر، استُدعي وزير التعليم إلى البرلمان ولم يُقنع إلا 73 نائباً من أصل 240، ونال "الكرت الأصفر" الأول، ومع هذا قام بعد ذلك بتعيين محمود نيلي أحمد أبادي، الوجه الإصلاحي المعروف، رئيساً لجامعة طهران، الجامعة الأبرز في كل أنحاء إيران. وهو ما استتبع ازدياداً في حدة التصريحات ضد الوزير الذي يريد مضاعفة المسافة بين المحافظين والإصلاحيين، كما قال رئيس المجلس السابق والنائب المحافظ حالياً غلامعلي حداد عادل في تصريح سابق له.

لكن وجوه الإصلاح لا ترى في ما يفعله وزير التعليم أي ضير. وترى في الحملة الشرسة عليه هجوماً على الإصلاحيين وعلى الحكومة المعتدلة. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، صادق زيبا كلام، إن ما يحدث يعود إلى أن فرجي دانا يعمل على كشف بعض ملفات الفساد المرتبطة بشخصيات محافظة في وزارة التعليم من عام 2005 إلى 2013 وهي المدة التي تولى فيها أحمدي نجاد الرئاسة.

ويضيف زيبا كلام لوكالة "أنباء إيسنا"، إن فرجي دانا كشف عن ملفات 3 آلاف طالب قُدمت لهم منح دراسية لا يستحقونها خلال تلك الأعوام، فضلاً عن آلاف آخرين حازوا على امتيازات لا يستحقونها. ويضاف إلى ذلك إحالة العديد من الأساتذة إلى التقاعد بعد أحداث عام 2009، بسبب مواقفهم المنحازة للإصلاحيين والتي كانت تعارض حكومة ذاك الوقت. وهذا كله غير قانوني حسب زيبا كلام، وهو ذاته ما يتحدث عنه وزير التعليم الذي يحاول تقليم أظافر بعض المحافظين المتشددين.

وبالتالي أخذت هذه المسألة بُعداً سياسياً وليس بعداً قانونياً، باعتراف العديد من نواب البرلمان الإيراني نفسه. ولهذا يسعى كثر، بمن فيهم رئيس مجلس الشورى الإسلامي، إلى حل الموضوع بين النواب وبين الوزير قبل المصادقة على قرار الاستدعاء وبعيداً عن عودة فرجي دانا إلى قاعة البرلمان مرة ثانية. وهو ما سيزيد التوتر بين المحافظين والإصلاحيين.

المساهمون