قال المدير العام للشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن قمصري، إن بلاده تريد تفادي نشوب حرب أسعار في سوق النفط مع المنتجين المنافسين وزيادة الصادرات تدريجياً، بمجرد رفع العقوبات المفروضة عليها، فيما سيمثل تحولاً رئيسياً عن اتجاهها السابق لزيادة المبيعات بقدر المستطاع.
وكانت إيران، التي تملك بعضاً من أكبر الاحتياطيات النفطية على مستوى العالم، قد حثت الدول الأخرى الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على إفساح المجال لزيادة صادراتها، وتعهدت بزيادة إمداداتها للأسواق بمجرد رفع العقوبات التي تكبل صناعة النفط فيها، بمقتضى الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع القوى العالمية.
وسيمثل اتخاذ خطوة للحد من نمو الصادرات تحولاً كبيراً في السياسات الإيرانية في بيئة تكافح فيها أغلب الدول المنتجة من أعضاء أوبك ومن خارجها من أجل الاحتفاظ بحصصها في السوق، رغم التخمة النفطية العالمية المتنامية التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط بمقدار الثلثين منذ عام 2014، الأمر الذي ألحق الضرر بشركات النفط والدول المصدرة.
وقال المسؤول الإيراني، في مقابلة مع وكالة "رويترز": "نحن لا نريد إشعال حرب أسعار.. لابد أن أقول إنه لا مجال لدفع الأسعار إلى الانخفاض عن مستواها الحالي".
ولم يذكر أي تفاصيل عن مدى استعداد إيران لتقليص الزيادة في صادراتها، لكنه أكد أنها لن تقدم تخفيضات في الأسعار لاستمالة المشترين.
وتعرض إيران حاليا على زبائنها إمكانية الدفع بعد 90 يوما وشحن النفط مجاناً، كما تعرض بعض التخفيضات في أسعار النفط لمشترين في الهند.
وتأتي هذه التصريحات من جانب إيران بعد أيام من قرار السعودية قطع العلاقات معها في أعقاب تداعيات إعدام رجل دين شيعي.
وستلائم عودة إيران للأسواق على نحو أهدأ من ذلك السعودية ودول الشرق الأوسط الأخرى الأعضاء في منظمة أوبك والتي تكافح للحفاظ على حصصها في السوق.
وأمس الثلاثاء، أشارت السعودية إلى أن الأزمة الجديدة لن تؤثر على المحادثات الرامية لوضع نهاية للحرب الأهلية السورية.
وذكر وزير النفط الإيراني، بيغن زنغنه، في عطلة الأسبوع الماضي، إن: "إيران لن تسعى للتسبب في تشوه الأسواق، لكنها ستعمل على ضمان استعادة حصتها في السوق".
اقرأ أيضاً: الخلاف السعودي الإيراني يبدد فرص اتفاق أوبك بشأن النفط
وقال قمصري إنه "بخلاف زيادة الصادرات تدريجيا فإن إيران تريد الاستثمار في مجال التكرير لاستغلال نفطها"، لكنه لم يذكر تفاصيل.
* تضخم الزيادة في المعروض
وانخفضت صادرات النفط الخام الإيرانية إلى نحو مليون برميل يوميا من الذروة التي بلغتها عام 2011 عند نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا قبل بدء سريان العقوبات الغربية على طهران.
وكانت إيران قد قالت في السابق إنها تعتزم زيادة إنتاجها النفطي بمقدار 500 ألف برميل يومياً فيما بعد العقوبات، وبمقدار 500 ألف برميل أخرى يوميا بعد ذلك بفترة قصيرة.
وحتى الزيادة التدريجية في الصادرات ستأتي في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية تخمة في المعروض، إذ يضخ المنتجون مئات الآلاف من البراميل كل يوم زيادة عن الطلب.
وأصبحت أسعار النفط قرب أدنى مستوياتها منذ 11 عاما دون 37 دولاراً للبرميل. ويقول بعض المحللين مثل جولدمان ساكس إن الأسعار قد تنخفض إلى 20 دولاراً للبرميل إذا ظلت الإمدادات تتزايد.
وذكر قمصري أن: "شركة النفط الوطنية الإيرانية تتطلع لشراء حصص في مصاف قائمة ومصاف جديدة في الخارج لبيع كميات إضافية من النفط مع تفادي زيادة العرض"، لكنه لم يحدد دولاً أو شركات بالاسم.
ويمثل استخدام النفط الإيراني في عمليات التكرير بدلاً من بيعه في صورته الخام في الأسواق خطوة مماثلة للطريق الذي سلكته دول خليجية أخرى مثل السعودية، رغم أن التحدي الذي يواجه إيران سيتمثل في تدبير التمويل، لأن إيراداتها من عائدات بيع النفط في الخارج مجمدة في إطار العقوبات المفروضة عليها.
وتدين شركات التكرير في الهند، ثاني أكبر الدول المشترية للنفط الإيراني بعد الصين، بنحو ستة مليارات دولار لطهران.
وأضال المسؤول الإيراني: "شركات التكرير، ومن بينها شركات ريلاينس للصناعات التي أوقفت وارداتها من النفط الإيراني بسبب العقوبات، مهتمة بإجراء محادثات لشراء كميات من الشركة الإيرانية".
وقد تسببت العقوبات في إضعاف الاقتصاد الإيراني، وأرغمت طهران على اللجوء إلى استيراد البنزين، وقال قمصري إن "طهران تأمل أن توقف واردات البنزين خلال عام بعد رفع العقوبات".
اقرأ أيضاً: الأزمة السعودية الإيرانية تزيد احتمالات صعود النفط