إيران وخراب المنطقة

07 يناير 2016
المواطن هو من يتحمل كلفة هذا التوتر (الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن كل دول المنطقة مقبلة على مزيد من الخراب الاقتصادي والدمار المالي، بسبب الحروب والقلاقل السياسية المتفاقمة، والمخاطر الجيوسياسية الناجمة أصلاً عن تنامي الإرهاب وإصرار بعض الحكام العرب على التمسك بكراسيهم حتى ولو قتلوا مئات الآلاف من أبناء وطنهم وهجروا الملايين للخارج، وإصرار إيران كذلك على اللعب بالنار وإزكاء نار الطائفية والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.

ويبدو أن دول الخليج مقبلة هي الأخرى على وضع اقتصادي صعب ومعقد، خاصة بعد أن دخل التوتر السعودي الإيراني على الخط، إضافة لأسباب أخرى، الكل يعرفها، منها تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية ليقترب من حاجز 30 دولاراً للبرميل، وتكلفة حرب اليمن الفادحة، وإنفاق أكثر من 150 مليار دولار على الدفاع والأمن ومواجهة تنظيم داعش.

وإذا كانت العوامل المرتبطة باليمن وسورية وداعش قد أثرت سلباً وبشدة على موازنات دول الخليج، فإن التوتر الحالي بين الرياض وطهران سيكبّد هذه الموازنات خسائر إضافية تقدر بمليارات الدولارات، خاصة إذا ما طال أمد الأزمة وامتدت لخلاف عربي إيراني.

وبنظرة إلى التداعيات الخطيرة للتوتر السعودي الإيراني الحالي نجد أن من أبرزها التأثير سلباً على أسعار النفط وإجهاض أية محاولات لوقف نزيف الأسعار المتدنية، فليس من المعقول أن تتصارع طهران والرياض سياسياً واقتصادياً وتتعاونا في الخفاء داخل منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بهدف دعم أسعار النفط عبر خفض الإنتاج.

وربما تقود التوترات الحالية إلى انهيار أكبر في أسعار النفط، مع احتمال قيام طهران بزيادة انتاجها النفطي بهدف إغراق الأسواق، وبالتالي إلحاق خسائر بالسعودية أكبر منتج للنفط في العالم بكميات تتجاوز 10 ملايين برميل يومياً.

وهناك تأثيرات أخرى لحالة التوتر السعودي الإيراني على العلاقات الاقتصادية والتجارية وحركة السياحة والسفر والطيران داخل الخليج، إضافة إلى أن زيادة التوتر في المنطقة يؤثر سلباً على جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية ولرؤوس الأموال الباحثة عن أمان.

الكل خاسر في التوتر الحالي، فطهران قد تخسر رهانها على أن تكون الحصان الرابح لجذب الاستثمارات الأجنبية في المنطقة بعد رفع العقوبات الغربية، ودول الخليج خاسرة لأن التوتر يدفعها نحو تخصيص مزيد من الأموال لأغراض الدفاع والأمن والحدود.

وبنظرة للدول العربية الأخرى نجد أن العراق أعلن أول من أمس أنه لن يكون في استطاعته سداد رواتب الموظفين بدءاً من شهر أبريل/ نيسان المقبل، والاحتياطي الليبي يتم استنزافه بسرعة في ظل وجود رأسين للحكومة في البلاد وبنكين مركزيين أحدهما في العاصمة طرابلس والأخر بمدينة طبرق الواقعة شرق البلاد.

والوضع المالي الصعب في مصر يدفع حكومتها دفعاً نحو التوسع في الاقتراض الخارجي دون العمل على علاج أزمات البلاد الاقتصادية ومنها تراجع موارد النقد الأجنبي خاصة من قطاعات رئيسية كالصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية.

ولن أتحدث عن تونس التي عصف الإرهاب باقتصادها ودفع بحكومتها إلى الارتماء في أحضان المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي، وإلى مزيد من الاقتراض الخارجي.

ويتكرر السيناريو ولكن بفصول مختلفة في الجزائر ولبنان وسوريا والأردن وغيرها.

المواطن هو من يتحمل كلفة هذا التوتر، كما يتحمل مغامرات حكامه ودخولهم في حروب مفتوحة.

اقرأ أيضا: التوتر السعودي الإيراني يهدد بانهيار النفط إلى 30 دولاراً

المساهمون