المساعد السابق لرونالد ريغان: مطامع الهيمنة لبن سلمان تهدد المصالح الأميركية

01 يناير 2018
أزمات غير مسبوقة للسعودية بسبب سياسات بن سلمان(فايز نورالدين/AFP)
+ الخط -
في مقاله التحليلي المنشور على موقع "ناشونال إنترست"، الأحد، يواصل دوغ بانداو، الكاتب المختص بالشؤون الدولية، والمساعد الخاص للرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، نقده سياسات المملكة العربية السعودية في المنطقة، مع صعود ولي العهد السعودي الجديد، محمد بن سلمان، إلى واجهة المشهد السياسي هناك، وإمساكه بمفاصل الأمور، داخليًا وخارجيًا.

ويستخلص الكاتب، بعد قراءته أبرز تطوّرات الأحداث في المنطقة في العام المنصرم، والتي كانت السعودية ضلعًا رئيسيًا فيها، مدفوعة بسياسات بن سلمان العداونية، أن سعي هذا الأخير إلى "تحقيق الهيمنة في الشرق الأوسط سيتناقض مع المصالح الأميركية في معظم الأوقات"، وذلك سببه، كما يرى الكاتب، هو "تهوّر" ولي العهد السعودي، واستهدافه إيران، بالأساس، من وراء كل ذلك. ذلك أن طهران وعلى الرغم من تبنّيها عقيدة "الثورة"، فهي على الأقل تقوم على "مبدأ"؛ "الناس مستعدون للموت من أجل الإسلام. لكن بالنسبة للنخبة الملكية المدللة التي تؤمن أنها تستحق السلطة، فليس الأمر كذلك تمامًا"، كما يقول بانداو.


الأمر الآخر، الذي يهدد المصالح الأميركية، وفق تقييم المقال، هو أن بن سلمان، الذي وصل إلى السلطة بثوب "إصلاحي"، يأخذ المملكة الآن "في اتجاهات متضاربة"؛ فحكومته إذ "تعزز الفرص الاقتصادية والتحديث الاجتماعي"، تعمّق في الوقت ذاته "القمع السياسي وتسعى إلى الهيمنة العسكرية". تلك الازدواجية يراها الكاتب "مزيجًا سامًّا يهدد مصالح أميركا في الشرق الأوسط".

وعلى الرغم من شعارات الحداثة التي يروّج بها الأمير السعودي لعهده الجديد، يقدّر الكاتب أنّ ما فعله بن سلمان، عمليًّا، حتى اللحظة، هو "تحويل أرستقراطية سلطوية جماعية وآيلة للسقوط إلى دكتاتورية شخصية أكثر تقليدية"، ويستطرد: "إنّه من أجل تسريع عملية الإصلاح، يصرّ ولي العهد على حشد المعجبين في الخارج. لكن الاستيلاء على السلطة بلا هوادة، وتركيز السلطة أكثر بشكل مقصود، والابتزاز الوحشي للثروة؛ لا يبشر بخير بالنسبة للمستقبل. إعادة تجميع ما يمكن أن يُنظر إليه على أنه انتهاكات صادمة في مكان آخر لا يمكن أن يُطهّر حكم بن سلمان".



أما الحملة المفترضة التي يقودها بن سلمان على "الفساد"، عبر اعتقال أمراء عائلته والأثرياء في بلاده وإخضاعهم لاتفاقات تسوية مالية عبر الترهيب، والتعذيب أحيانًا؛ فيصفها الكاتب، تبعًا لذلك، بأنها تبدو أشبه بعصابة "يغيّر أعضاؤها الأفضل تسليحًا الكيفيّة التي توزّع بها الغنائم بمجرد اكتمال عملية السطو".


ورغم أنّ سياسات المملكة الخارجيّة كانت، منذ أمد بعيد، تدخّلية إلى حد كبير، يعتقد الكاتب أنّ السياسة الخارجيّة الجديدة للمملكة، مع صعود بن سلمان، أصبحت أكثر إشكالية؛ فقبل أن يتولّى هذا الأخير كلّ المناصب التي بين يديه اليوم، تدخّلت السعودية في سورية عبر دعم بعض الجماعات "التي شكّلت تهديدًا أكبر للغرب من نظام الأسد القمعي"؛ وتدخّلت أيضًا في البحرين، لكن على الرغم من ذلك، يبقى بن سلمان "المسؤول عن أسوأ مخاوف المملكة، عبر شنّه حربًا دموية في اليمن المجاورة... الصراع الداخلي طويل الأمد في اليمن تحوّل إلى حرب طائفيّة دولية كانت إيران قادرة فيها، وبتكلفة قليلة، على استنزاف السعودية".

ويعرّج كاتب المقال، في إطار استعراضه للسياسات الخارجيّة المتخبّطة لبن سلمان، على حصار قطر أيضًا، الذي قسّم الخليج بين محور الدول المحاصرة، ممثلًا بالسعودية والإمارات والبحرين، ودول محايدة، هي عمان والكويت، ودفع بالدوحة أكثر نحو إيران وتركيا؛ إضافة إلى قضية رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، الذي أجبرته على الاستقالة، وهددت بتقويض السلام الهشّ القائم في بلاده.

عطفًا على ما سبق، يقدّم بانداو، الذي كان قريبًا، ذات مرّة، من دوائر صناعة القرار في الولايات المتّحدة، توصية إلى الإدارة الأميركية بأن "تضع مسافة بينها وبين نظام يقوض القيم والمصالح الأميركية"، على حدّ تعبيره، مقدّرًا أنه من الأفضل لأميركا أن يكون ثمّة تكافؤ مضطرب بين إيران والسعودية"، مستطردًا إنه "على الرغم من الخوف من إشاعة الخوف الذي تروّج له السعوديّة وإسرائيل؛ فإن طهران لا تشكّل، حتى الآن، تهديدًا يذكر لأحد، ولا سيما الولايات المتّحدة".


ويُتبع بانداو ذلك بالقول: "حريّ بإدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب  أن تبدأ بإنهاء الدعم الأميركي للحرب السعودية القاتلة والعبثية في اليمن. ينبغي على الرئيس أن يشير إلى أن جهود المملكة العربية السعودية ستوجّه بشكل أفضل ضدّ أي جيوب متبقية من مقاتلي داعش، كما يجب أن يساند الوزيرين جيمس ماتيس (وزير الدفاع) وريكس تيلرسون (وزير الخارجية) عبر انتقاد محاولة الرياض الحمقاء تحويل قطر إلى دولة دمية. وعلى افتراض أن بن سلمان جاد في مكافحة التطرف الإسلامي، فينبغي على واشنطن أن تقترح عليه أن ينهي دعم بلاده للوهابية المتعصبة في الخارج، في الوقت الذي يبذل فيه المزيد من الجيش لتنقية الكتب المدرسية والخطب في بلاده".