وفي ورقة تقدير موقف أعدها الباحثان عوفر فنتور وأوريت برلوف، ونشرها موقعه على شبكة الإنترنت، حذر المركز، الذي يعد أهم مراكز التفكير الاستراتيجي في إسرائيل، من أن السماح بسقوط نظام السيسي أو المس باستقراره "ينطوي على مخاطر استراتيجية جمة بالنسبة لإسرائيل، على اعتبار أن بقاء هذا النظام يضمن مواصلة مصر احترام اتفاقيات كامب ديفيد، إلى جانب الحفاظ على الوتيرة الحالية من التعاون الأمني والتنسيق السياسي بين القاهرة وتل أبيب".
وأشارت الورقة إلى أن "المسّ باستقرار نظام السيسي يمكن أن يؤدي إلى سيادة حالة من الفوضى داخل شبه جزيرة سيناء بشكل يهدد إسرائيل، ناهيك بأن الفوضى يمكن أن تسمح باستئناف تدفق لاجئي العمل إلى إسرائيل عبر الحدود مع مصر".
وشدد الباحثان على أن "أحد أخطر التداعيات التي يمكن أن تنجم عن المس باستقرار نظام السيسي يتمثل في عدم تمكن القاهرة من تنفيذ اتفاق استيراد الغاز "الإسرائيلي"، وإسدال الستار على التعاون مع مصر في مجال الطاقة سواء على الصعيد الثنائي أو على الصعيد الإقليمي".
وامتدحت الورقة دوائر صنع القرار في تل أبيب التي تجنبت التعليق على المظاهرات في مصر خشية أن تستغلها الجماهير المصرية الغاضبة في التدليل على صدقية مزاعم قوى المعارضة بأن السيسي يعمل لصالح تل أبيب، مستدركة أن إسرائيل تابعت بقلق كبير هذه المظاهرات خشية أن تسفر عن المس باستقرار النظام.
وأكدت الورقة أنه "رغم محدودية الموارد الإسرائيلية، فإن تل أبيب مطالبة بالتعاون مع دول أخرى للتحرك بشكل عاجل لضمان استقرار مصر الأمني وتحسين أوضاعها الاقتصادية"، مشيرة إلى أن نظام السيسي، في المقابل، مطالب بتبني تعديلات تسمح بالاستفادة من المساعدات المادية.
وشددت الورقة على أن إسرائيل يمكن أن تضطلع بدور "رائد" في مجال ضمان توفير دعم دبلوماسي دولي لنظام السيسي، عبر إبراز الدور الكبير الذي يقوم به هذا النظام في مجال "مكافحة الإرهاب".
وأعادت للأذهان حقيقة أن كلا من السعودية والإمارات سارعتا إلى التعبير عن دعمهما للسيسي ونظامه.
وحذرت الورقة الحكومة الإسرائيلية من الإقدام على خطوات في الساحة الفلسطينية قد تسهم بشكل غير مباشر في توفير بيئة تساعد على زيادة الغضب الجماهيري على نظام السيسي، تحديدا شنّ عمليات عسكرية كبيرة في قطاع غزة أو المس بالوضع القائم في المسجد الأقصى.
وأوضحت أن تفجر مظاهر الاحتجاج أثرت بشكل واضح على دافعية المستثمرين الأجانب على الاستثمار في مصر، إلى جانب أنه يرجح أن تؤثر سلبا على قطاع السياحة.
النظام المصري "لم يتجاوز" مرحلة الخطر
إلى ذلك، حذّرت الورقة من أنّ نجاح النظام في احتواء التظاهرات الأخيرة "لا يدلل على أنه تجاوز مرحلة الخطر"، مشيرة إلى أنّ "كلّ الأسباب التي دفعت الجماهير للتظاهر ضدّ النظام قائمة، خصوصاً تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية وتعاظم الهوة الفاصلة بين الأغنياء والفقراء، الذين يشكّلون الأغلبية الساحقة من الشعب المصري".
وتوقع معدا الورقة أن تستأنف مظاهر الاحتجاج ضد النظام مستقبلا، محذرَين من أن الموجة الثانية من الاحتجاج يمكن أن تكون أكثر عنفا.
ولم تستبعد الورقة أن تتسم الموجة القادمة من الاحتجاج الجماهيري بانضمام قيادات في الجيش ورجال الأعمال لها، بشكل يفضي إلى إحداث مزيد من التدهور على مكانة السيسي.
ولفتت إلى أن بعض الدوائر داخل النظام والنخب المصرية التي تؤيده باتت تطالب بإصلاحات بسقف محدود، في محاولة لضمان عدم استئناف مظاهر الاحتجاج ضد النظام.
وأشارت إلى أن الفيديوهات التي بثها الفنان والمقاول محمد علي، والتي كشف فيها مظاهر فساد الرئيس وقيادات في الجيش أثارت الجماهير المصرية وباتت حديث الشارع، لدرجة أن السيسي اضطر لعقد مؤتمر للشباب فقط من أجل الرد على ما جاء في هذه الفيديوهات.
وأوضحت أن اضطرار السيسي للردّ على محمد علي زاد من رغبة الجماهير المصرية للاطلاع على ما ينشره، مشيرة إلى أن المقاول والفنان تحول في نظر المصريين من "كاشف للفساد" إلى "زعيم للاحتجاج".
وأشارت إلى أن الإقبال الجماهيري على ما ينشره محمد علي دفعه للانتقال إلى المطالبة بعزل السيسي.
ولفت الباحثان إلى أنه على الرغم من أن المقاول والممثل المصري محمد علي الذي فجرت فيديوهاته على مواقع التواصل حالة الغضب الشعبي ضدّ نظام السيسي لم يتعرض لإسرائيل، إلا أن أطرافاً كثيرة في المعارضة المصرية استغلت الأحداث وباتت تعرض السيسي كمجرد "عميل لإسرائيل والولايات المتحدة".