مراجعة المحظورات... الجزائر ترفع أسعار المياه

09 فبراير 2017
المواطنون يتحملون ثمن التقشف غالياً (Getty)
+ الخط -
اتجهت الحكومة الجزائرية إلى مراجعة قائمة المحظورات الخاصة بها، بعدما قررت إعادة النظر في سعر الماء، الذي ظل خارج معادلة "رفع التسعيرة" لسنوات طويلة، وذلك تحت تأثير الأزمة المالية التي جعلت السلطات ترفع القيود عن هذه المادة بعدما رفعت أسعار الوقود مرتين في ظرف سنة واحدة بالإضافة إلى رفع سعر الكهرباء والغاز بداية 2016. 

وتخطط الجزائر للرفع في تسعيرة المياه، وفق تأكيدات وزير الموارد المائية والبيئة عبد القادر والي، الذي أكد أنه سيتم رفع سعر وحدة استهلاك المياه لكل عداد يتجاوز استهلاكه 25 متراً مكعباً في كل ثلاثة أشهر، كما سيتم رفع تسعيرات استهلاك المؤسسات الاقتصادية والفندقية والمؤسسات التي تستهلك الماء بكثرة.
ولفت المسؤول الجزائري في تصريحات للإذاعة الجزائرية الثالثة إلى أن "المؤسسة الجزائرية للمياه تعرف عجزاً يبلغ 10 مليار دينار (حوالى 100 مليون دولار)، فكل لتر من المياه يكلفها 70 دينارا، بينما لا تجتاز قيمته عند الوصول إلى المواطن 6.5 دنانير".

وحسب الوزير الجزائري، فإن أكثر من 22 مليون جزائري سيكونون مجبرين على دفع فواتير مضخمة في المستقبل القريب لأن استهلاكهم يفوق 25 متراً مكعباً كل ثلاثة أشهر، أي أن حوالى 18 مليون جزائري خارج التسعيرة التي ستطبق لاحقا.

وتعتبر هذه الخطوة اعترافا ضمنيا من طرف الحكومة الجزائرية بعدم نجاعة الاستراتيجية المتبعة حاليا، والتي تعتمد على مبدأ "التسعيرة الموحدة".

وتاتي تصريحات وزير الموارد المائية والبيئة، عبد القادر والي، بعد قرابة شهرٍ ونيف من تصريحات أطلقها نفس الوزير قال فيها إن "رفع تسعيرة الماء مستبعد في الوقت الحالي"، مشيرا في السياق ذاته إلى أن "التفكير الذي بوشر فيه حول هذه المسألة يأخذ بعين الاعتبار عدة معايير، بما فيها المتعلق بخزينة مؤسسات تسيير المياه وانعكاس زيادة محتملة على القدرة الشرائية للعائلات متوسطة الدخل التي ستبقى تستفيد من دعم الدولة".
وحسب الخبير الزراعي بدة رضوان، فإن قدرة الجزائر المائية تبلغ 18 مليار متر مكعب سنويا، 62% منها توجه للري و35% للشرب و3% للقطاع الصناعي.

ويتوقع الخبير الجزائري، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن تراجع الحكومة الجزائرية الرسوم المطبقة عند احتساب الفواتير، والتي تتكون من رسوم نوعية الماء تقدر بـ 4% من سعر الاستهلاك، ورسوم اقتصاد الماء 4% من سعر الاستهلاك، إضافة إلى رسوم تسيير الماء المقدرة بنحو 3 دنانير جزائرية للمتر المكعب الواحد من الماء المستهلك، والرسم على القيمة المضافة الذي ارتفع أصلا منذ الشهر الماضي من 7% إلى 9% من مجموع السعر (استهلاك + رسوم)، وفي الأخير رسم الطابع البريدي المقدر بـ 6 دنانير جزائرية في حالة الدفع النقدي.

ويعتقد الخبير الزراعي بدة رضوان، أن الحكومة تهدف إلى تحصيل ما بين 500 مليون دولار إلى 700 مليون دولار إضافية سنوياً، بعد مراجعة أسعار الماء، التي تكلف الخزينة العمومية قرابة ملياري دولار بين دعمٍ للأسعار النهائية وبين خسارة للمياه جراء التسربات في شبكات المياه، التي تعود غالبيتها إلى عهد الاستعمار الفرنسي قبل أكثر من 7 عقود من الزمن، ولم تجد الحكومة من سبيل لذلك سوى تطبيق سياسية من يستهلك أكثر يدفع أكثر.

إلا أن هذه الزيادة المرتقبة في أسعار مادة مهمة في حياة البشرية، استقبلها الشارع الجزائري المنهك بعد بداية سنة صعبة في ما يتعلق بالأسعار، بكثير من التذمر وحتى السخط من سياسة الحكومة التي تجد في جيوب المواطنين الحل الأمثل لتجاوز الأزمة المالية، حسب جزائريين التقتهم "العربي الجديد" في إحدى نقاط تسديد الفواتير التابعة لشركة مناولة تعاقدت معها مؤسسة "الجزائرية للمياه" بمحافظة البليدة القريبة من العاصمة.

ويقول المواطن رضا عكوش: "فاتورة الماء تكلفه 3 آلاف دينار في كل ربع عام يضاف إليها 4 آلاف دينار لفاتورة الكهرباء والغاز، التي عرفت ارتفاعاً ملموسا السنة الماضية بعد رفع سعرهما، وكل هذا يضاف إليه رفع أسعار الوقود وأسعار الخضر والفواكه والمواد الغذائية واسعة الاستهلاك كالحليب والخبز والطحين "، وبالتالي يرى المواطن الجزائري أنه "يحتاج لراتب الوزير أو النائب البرلماني حتى يتمكن من إكمال الشهر في ظروف عادية".

وبنفس النبرة الساخطة قالت جوهرة آيت قاسي، وهي معلمة في الثانوية تستعد للذهاب إلى المعاش، لـ "العربي الجديد"، إن المواطن أصبح يتحمل فوق طاقاته، متسائلة: "أيعقل في شهرٍ واحد أو شهرين أن ترتفع أسعار كل المواد، بينما لا يزال الراتب ثابتاً لا يتغير؟ كل شيء ارتفع سعره اللحوم والخضر والفواكه والوقود والكهرباء. كل هذا ويقول وزير الموارد المائية إن العائلات ضعيفة الدخل لن تتأثر بهذا القرار".
المساهمون