كان الانتقال بين قنوات التلفزيون المصرية الحكومية والخاصة، إبان مذبحة رابعة العدوية والنهضة، في الرابع عشر من أغسطس/آب 2013، أشبه بالتنقل بين حلقات تحريض وتعبئة عامة.
انتشر التحريض وحديث الفتنة ما بين خطاب إعلامي يصف الإخوان المسلمين بـ"الكاذبين" و"المجرمين"، و"عصابة من القتلة الذين يجب شنقهم"، كما جاء على لسان الإعلامي المصري يوسف الحسيني، مرورًا بوصف الإعلامي عمرو أديب لهم بـ"الخرفان تُدفع لهم الأموال ويقدم لهم الطعام للبقاء في الشارع"، وصولًا إلى ما قاله الإعلامي أحمد موسى إن "الإخوان قتلوا معتصمي رابعة قبل الفض لإلصاق التهمة بالشرطة".
هكذا دُقّت طبول "الحرب الأهلية" مبكرًا، حتى وصلت أوجها صبيحة يوم الفض، حيث خرجت معظم الصحف المصرية بعناوين احتفالية منها "حرق مصر... معركة الجماعة الأخيرة" كما جاء في "الشروق"، و"معركة المصير .. الدولة أو الجماعة" في "المصري اليوم"، و"مصر تواجه الإخوان الإرهابيين" في "التحرير"، و"الإخوان يحرقون مصر" في "الوطن"، و"وانزاح كابوس الإخوان" في "الأخبار" الحكومية، و"مصر تستعيد هيبتها" في "الوفد".
أما الصحافة الأجنبية، فكانت وحدها تعبّر عما يدار في ساحات الرعب والدم في مصر، لكن صداها لا يصل إلى المصريين. فتحت عنوان "الجيش يسحق الإخوان والديمقراطية"، كتبت
صحيفة "لوموند" الفرنسية أن أنصار التيار الإسلامي ليسوا "الضحية الوحيدة" لفض الاعتصامات الذي قامت به قوات الأمن المصرية. أما صحيفة "ليبراسيون" فكان عنوانها "في القاهرة.. أطلقوا النار على النساء والأطفال". وكتبت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عنوان "فض اعتصام أنصار مرسي يتحول إلى حمام دم"، بينما استمرت الآلة الإعلامية المصرية في تكريس خطاب العنف والفتنة على شاشات التلفزيون وصفحات الصحف.
"كيف ترى السلطة التنفيذية الإعلام؟ من دون مواربة أو خجل ترى السلطة التنفيذية بشكل واضح أن مهمة الإعلام الرئيسية هي التعبئة العامة للمواطنين نحو ما تراه السلطة بأنه في مصلحة الشعب، وبث الروح الوطنية في المواطنين بإبراز حجم الإنجازات التي تقوم بها السلطة التنفيذية واستدعاء خطر المؤامرات لمنع توجيه أي انتقادات للسلطة"، سؤال طرحته وأجابت عليه مؤسسة "المرصد المصري"، في تقرير سابق لها.
هذه الرؤية التي أكدتها المؤسسة، سبق أن تحدث عنها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، صراحةً، عندما قال نصًا "أناشد الإعلاميين مراجعة أنفسهم حتى لا يضروا الوطن بدون قصد.. الإعلام في فترة الرئيس عبدالناصر كان يمجد المشروعات التي يقوم بها مثل السد العالي لرفع الروح المعنوية وبث الحماس داخل المواطنين.. أناشد وسائل الإعلام بتسليط الضوء على الإيجابيات والإنجازات التي تقدمها السلطة التنفيذية".
مبكرًا، كشف السيسي عن رؤيته لمنظومة الإعلام التي يرتضيها، وهو ما عبر عنه صراحة حين قال "عبدالناصر كان محظوظًا لأن الإعلام كان وراءه"، أو بشكل غير مباشر عندما أذيع تسريب صوتي منسوب له يتحدث فيه عن "أذرع إعلامية ممتدة تخدم مصالحه".
يشار إلى أن إعلام الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، كان يوصم بأنه كان "تعبويا وتحشيديا وإعلام الصوت الواحد"، وذلك خلال حقبتي الخمسينيات والستينيات على وجه الخصوص.
على هذه الوتيرة، استمرت علاقة السلطة بالإعلام، فكان حجب أكثر من 70 موقعًا إلكترونيًا
وصحيفة مصرية، قرارًا متوقعًا في إطار التسلسل الزمني لعلاقة السلطة المصرية مع وسائل الإعلام في أعقاب الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013.
وحملت السنوات الأربع الماضية، سمات عامة في تطور علاقة السلطة بالإعلام، بداية بعلاقة التفاهم والتوحد الشديد بين الإعلاميين ورؤساء التحرير الموالين للسلطة، بالنظام ورأسه، مرورًا بإطلاق التحذيرات والتهديدات بين الحين والآخر، وصولًا للمصادرة والمنع والحجب، الذي طاول الجميع بمن فيهم الموالون.
"يعيش الإعلام المصري أسوأ أيامه في ظل قهر تام، وتكميم للأفواه، واعتماد إعلام الصوت الواحد"، هذا ما خلص إليه المرصد العربي لحرية الإعلام، من خلال مراقبته للأداء الإعلامي على مدار السنوات الأربع الماضية.
واعتبر المرصد أنه "على مدار السنوات الأربع الماضية عانى الإعلام المصري أشد المعاناة من ممارسات عملية وصلت إلى حد القتل للعديد من الصحافيين والمصورين، ومن تشريعات قمعية كفيلة بإخراس أي صوت ناقد، أو غلق أي منبر حر".
وأشار المرصد إلى أن "نحو 300 صحافي دخلوا السجون وأقسام الحجز المصرية خلال تلك السنوات الأربع لمدد متفاوتة بين احتجاز مؤقت وحبس احتياطي وحبس حكمي، ظل منهم نحو مائة صحافي ومصور حتى الآن بعضهم قضى نحو 4 سنوات من الحبس، وبعضهم تجاوز مدة الحبس الاحتياطي التي يقدرها القانون بسنتين كحد أقصى ولم يفرج عنهم، ولم توجه لهم اتهامات جدية، وبعضهم يعاني أمراضا فتاكة في محبسهم وترفض إدارات السجون نقلهم للعلاج خارج السجون ولو على نفقتهم الشخصية.
وقال المرصد "في جمهورية الخوف التي نتجت عن انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 أصبحت الرقابة الذاتية ظاهرة عامة تجنبا لملاحقة الأجهزة الأمنية أو عقوبات جهة الإدارة، أو حتى الفصل من العمل، وأصبحت تهم التخابر أو دعم الإرهاب جاهزة لأي صحافي يخرج عن الخطوط الحمراء، وأصبحت القنوات الفضائية الرئيسية في قبضة مباشرة لأجهزة الأمن والمخابرات، وأصبحت نقابة الصحافيين مباحة لرجال الشرطة يقتحمونها بدون إذن قضائي ويقبضون على صحافيين من داخلها، بل ويحولون نقيبها ووكيلها وسكرتيرها العام للمحاكمة التي تقضي بحبسهم عاما مع وقف التنفيذ".
وأكد المرصد أنّه "في ظل حكم الانقلاب العسكري شغلت مصر المركز 161 من 180 دولة بمقياس حرية الصحافة العالمي، وأصبحت أحد أكبر سجون الصحافيين في العالم، وفقا لتقارير المنظمات الدولية".
اقــرأ أيضاً
أما الصحافة الأجنبية، فكانت وحدها تعبّر عما يدار في ساحات الرعب والدم في مصر، لكن صداها لا يصل إلى المصريين. فتحت عنوان "الجيش يسحق الإخوان والديمقراطية"، كتبت
"كيف ترى السلطة التنفيذية الإعلام؟ من دون مواربة أو خجل ترى السلطة التنفيذية بشكل واضح أن مهمة الإعلام الرئيسية هي التعبئة العامة للمواطنين نحو ما تراه السلطة بأنه في مصلحة الشعب، وبث الروح الوطنية في المواطنين بإبراز حجم الإنجازات التي تقوم بها السلطة التنفيذية واستدعاء خطر المؤامرات لمنع توجيه أي انتقادات للسلطة"، سؤال طرحته وأجابت عليه مؤسسة "المرصد المصري"، في تقرير سابق لها.
هذه الرؤية التي أكدتها المؤسسة، سبق أن تحدث عنها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، صراحةً، عندما قال نصًا "أناشد الإعلاميين مراجعة أنفسهم حتى لا يضروا الوطن بدون قصد.. الإعلام في فترة الرئيس عبدالناصر كان يمجد المشروعات التي يقوم بها مثل السد العالي لرفع الروح المعنوية وبث الحماس داخل المواطنين.. أناشد وسائل الإعلام بتسليط الضوء على الإيجابيات والإنجازات التي تقدمها السلطة التنفيذية".
مبكرًا، كشف السيسي عن رؤيته لمنظومة الإعلام التي يرتضيها، وهو ما عبر عنه صراحة حين قال "عبدالناصر كان محظوظًا لأن الإعلام كان وراءه"، أو بشكل غير مباشر عندما أذيع تسريب صوتي منسوب له يتحدث فيه عن "أذرع إعلامية ممتدة تخدم مصالحه".
يشار إلى أن إعلام الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، كان يوصم بأنه كان "تعبويا وتحشيديا وإعلام الصوت الواحد"، وذلك خلال حقبتي الخمسينيات والستينيات على وجه الخصوص.
على هذه الوتيرة، استمرت علاقة السلطة بالإعلام، فكان حجب أكثر من 70 موقعًا إلكترونيًا
وحملت السنوات الأربع الماضية، سمات عامة في تطور علاقة السلطة بالإعلام، بداية بعلاقة التفاهم والتوحد الشديد بين الإعلاميين ورؤساء التحرير الموالين للسلطة، بالنظام ورأسه، مرورًا بإطلاق التحذيرات والتهديدات بين الحين والآخر، وصولًا للمصادرة والمنع والحجب، الذي طاول الجميع بمن فيهم الموالون.
"يعيش الإعلام المصري أسوأ أيامه في ظل قهر تام، وتكميم للأفواه، واعتماد إعلام الصوت الواحد"، هذا ما خلص إليه المرصد العربي لحرية الإعلام، من خلال مراقبته للأداء الإعلامي على مدار السنوات الأربع الماضية.
واعتبر المرصد أنه "على مدار السنوات الأربع الماضية عانى الإعلام المصري أشد المعاناة من ممارسات عملية وصلت إلى حد القتل للعديد من الصحافيين والمصورين، ومن تشريعات قمعية كفيلة بإخراس أي صوت ناقد، أو غلق أي منبر حر".
وأشار المرصد إلى أن "نحو 300 صحافي دخلوا السجون وأقسام الحجز المصرية خلال تلك السنوات الأربع لمدد متفاوتة بين احتجاز مؤقت وحبس احتياطي وحبس حكمي، ظل منهم نحو مائة صحافي ومصور حتى الآن بعضهم قضى نحو 4 سنوات من الحبس، وبعضهم تجاوز مدة الحبس الاحتياطي التي يقدرها القانون بسنتين كحد أقصى ولم يفرج عنهم، ولم توجه لهم اتهامات جدية، وبعضهم يعاني أمراضا فتاكة في محبسهم وترفض إدارات السجون نقلهم للعلاج خارج السجون ولو على نفقتهم الشخصية.
وقال المرصد "في جمهورية الخوف التي نتجت عن انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 أصبحت الرقابة الذاتية ظاهرة عامة تجنبا لملاحقة الأجهزة الأمنية أو عقوبات جهة الإدارة، أو حتى الفصل من العمل، وأصبحت تهم التخابر أو دعم الإرهاب جاهزة لأي صحافي يخرج عن الخطوط الحمراء، وأصبحت القنوات الفضائية الرئيسية في قبضة مباشرة لأجهزة الأمن والمخابرات، وأصبحت نقابة الصحافيين مباحة لرجال الشرطة يقتحمونها بدون إذن قضائي ويقبضون على صحافيين من داخلها، بل ويحولون نقيبها ووكيلها وسكرتيرها العام للمحاكمة التي تقضي بحبسهم عاما مع وقف التنفيذ".
وأكد المرصد أنّه "في ظل حكم الانقلاب العسكري شغلت مصر المركز 161 من 180 دولة بمقياس حرية الصحافة العالمي، وأصبحت أحد أكبر سجون الصحافيين في العالم، وفقا لتقارير المنظمات الدولية".