مدير مستشفى ميداني بـ"النهضة": شهداء الاعتصام ماتوا نياماً

14 اغسطس 2014
الشواف: سأشارك في ذكرى فض الاعتصام (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يكن مدير المستشفى الميداني باعتصام "النهضة"، الدكتور عبد الرحمن الشواف، يعلم، وهو يحاول إسعاف المصابين، أنه سيعاقب عاماً كاملاً، قبل أن يخلى سبيله على ذمة القضية في 27 يوليو/تموز الماضي، ليعلن، في حوار  "العربي الجديد" معه، أنه مستمر في النضال، وسيشارك في فعاليات عام على المجزرة في 14 أغسطس/آب.

* كيف اخترتم ميدان النهضة مكاناً للاعتصام؟

- لم يكن هناك قرار مسبق بالاعتصام في ميدان النهضة، القرار اتُخذ خلال مسيرة نظمت قبل الانقلاب مباشرة، في منطقة بين السرايات بالجيزة، بالقرب من ميدان النهضة، وتعرضت للضرب من قبل بلطجية مأجورين، وبشكل عفوي ظهرت فكرة الاعتصام في النهضة.

* ما أشهر المجازر التي كنت شاهدًا عليها قبيل يوم الفض؟

- أولها في رابعة العدوية، يوم مجزرة الحرس الجمهوري في يوليو/تموز من العام الماضي، وكنت في العيادة الطبية الميدانية بشارع الطيران، ورأيت 3 حالات قتل وعشرات الإصابات. وفي اعتصام "النهضة" شاهدت البلطجية ورجال الشرطة من اتجاه كوبري الجامعة، يعتدون على المعتصمين، مما أسفر عن استشهاد اثنين منهم، كما حضرت أحداث بين السرايات، حيث قتل نحو 7 من المعتصمين.

وأتذكر واقعة اعتداء البلطجية بالرصاص، وحرق سيارات المعتصمين بالقرب من ميدان الجيزة، فضلاً عن قنص معتصمين بأعينهم، وأتذكر واقعة قنص فتاة من مبنى الجامعة داخل خيمتها.

ومن المفارقات أن بعض البلطجية، اعتقلوا خلال مجزرة فض اعتصام "النهضة"، ومنهم "ع.ن" مسجّل خطر مخدرات، وكان معي في مقر الاحتجاز الزنزانة، وعلى نفس القضية، إذ اعتقل أثناء سرقة المتعلقات الشخصية للمعتصمين يوم الفض، بسبب اختلافه مع الضباط في تقسيم الغنيمة، ولا يزال معتقلًا حتى الآن، واعترف لنا أن الشرطة كانت تستخدمهم لضرب المعتصمين مقابل 500 جنيه تقريباً إذا كان يمتلك سلاحاً، و250 جنيها إن لم يكن يمتلك سلاحا.

* تردد أنكم كنتم تعالجون البلطجية المعتدين على المعتصمين؟

- طبعاً. أي مصاب كنا نعالجه بالمستشفى الميداني ثم نسلمه للشرطة، وخلال الفض كانوا يسلموننا للشرطة، وبعد الفض أتذكر المسجون "ع.ن" كان يردد في كل جلسات محاكمتنا "أنا مسجّل خطر ببيع مخدرات ولست منهم"، باعتبار أن ذلك أحد وسائل النجاة من القضية.

* ما الذي حدث يوم مجزرة فض اعتصام النهضة؟

- لم أكن معتاداً على المبيت في الميدان بسبب ظروف عملي في مستشفى حميات إمبابة، ولكني بتّ ذلك اليوم، صلينا الفجر ورددنا الأذكار، وبعدها بقليل بدأ هجوم قوات من الشرطة من مختلف مداخل الاعتصام من شارع مراد، ومن حديقتي الحيوانات والأورمان، بالغاز والخرطوش والرصاص الحي على المعتصمين السلميين، وألقت الطائرات، التي كانت تحلق على مسافة قريبة، القنابل الحارقة على الخيام، والمستشفى الميداني فاشتعل الميدان، واحترق بعض المعتصمين أثناء نومهم، وحدثت حالات اختناقات شديدة، ثم أزالت الجرافات الخيام، وحاول المتظاهرون الذهاب إلى المستشفى الميداني، فكان يتم قتلهم برصاص لم أراه في حياتي، وكان العساكر الملثمون يقولون لنا "أنتم كفرة".

* هل شهدت أحداث تعذيب للمعتقلين خلال فترة اعتقالك؟

- التعذيب بدأ من اليوم الأول، إذ تعرض كل المعتقلين للإهانة والسبّ والضرب المبرح، وأجبرونا على خلع ملابسنا كلها عدا الداخلية، ومن أكثر من تعرض للتعذيب طلاب الأزهر، ومعتقلو منطقة كرداسة، وكانت الأحوال في السجن بشكل عام سيئة والعناية الطبية فيه منهارة، ووصلتنا أنباء قتل أنصار دعم الشرعية خلال ذكرى الثورة، فقررنا الإضراب عن الطعام، فأصيب بعضنا بهبوط حاد، وقامت إدارة السجن بإدخال 15 معتقلاً لمستشفى السجن، ومكثوا حوالي 12 يوماً يتناولون المياه فقط، ثم أوقفت إدارة السجن أي خدمات طبية للمضربين لإجبارهم على إنهاء الإضراب، وقال لنا أحد الضباط في مكتب المأمور إنه لا يهتم بموتنا.

* غالب المسجونين السياسيين لم يتم التحقيق معهم سوى مرة واحدة خلال عام ماذا عنك؟

- أول يوم في الحجز اعتقدنا أننا سنذهب للنيابة لإجراء التحقيقات، ولكننا وجدنا أنفسنا في مباحث أمن الدولة، ثم حققت النيابة معنا في 14 تهمة، وهذه المرة الوحيدة التى تم التحقيق فيها معي، إذ كان وكيل النيابة يحضر للسجن بشكل روتيني ليسجل أسماءنا فقط ويجدد لنا 15 يوما ثم 45 يوما، لنرجع لأماكن الاحتجاز دون تحقيق. ورفضنا الاستمرار في تلك المسرحية، وحاولنا أن نعترض بكتابة عدد أيام مكوثنا في السجن ظلماً، على الملابس التي نرتديها، والأصعب من ذلك تنقلنا بسيارة الترحيلات الشديدة الضيق العديمة التهوية الشديدة الزحام لمسافات طويلة، إلى مقر جلسات المحاكمات بأكاديمية الشرطة.

* كيف تم اقتيادك من مقر الاعتصام إلى السجن؟

- كنت في الدفعة الأولى التي تم اعتقالها من الميدان بشكل عشوائي، وضمت بلطجية وأشخاصا لم يكونوا في الاعتصام. ونُقلنا بواسطة عربة ترحيلات بها نحو 50 شخصاً، وبعدها تم نقل دفعات أخرى من المعتصمين إلى مديرية أمن الجيزة، ولفقوا لهم قضية حمل أسلحة، وتلقوا ضرباً مبرحاً قبل أن يرّحلوا إلى المعتقلات.

* البعض انتقد عدم استعداد "التحالف الوطني لدعم الشرعية" ليوم الفض، ما رأيك؟

- اتفق معهم لعدم تقدير "التحالف" هذا الأمر، ما أسفر عن خسائر في الأرواح واعتقال المئات، وكان لا بد أن يراعوا هذا عبر تخصيص ممرات يعرفها المعتصمون للخروج منها بشكل آمن وسريع، لكنهم اعتمدوا على مبدأ حسن النية، ولم يضعوا في مخيلتهم حدوث تلك المجازر.

* كيف تصنف المسجونين الذين سجنوا معك حسب انتماءاتهم؟

- حوالي 20 بالمئة منهم إخوان، ومن 25 إلى 30 سلفيين لا ينتمون إلى حزب "النور"، 15 بالمئة متعاطفين مع "الإخوان" وضد الانقلاب، و30 قبض عليهم عشوائياً، ومنهم مؤيدون للرئيس، عبد الفتاح السيسي، تغيرت مواقفهم منه بعد ذلك، و15 بالمئة بلطجية تعلموا القراءة والكتابة داخل السجن وقرروا التوبة، لدرجة أنهم كانوا يصومون معنا يومي الاثنين والخميس، وأصبحوا متعاطفين.

* هل كان للتحالف أو جماعة الإخوان تأثير عليكم داخل السجون في توجيهكم لأمور بعينها؟

- لا. قررنا أن ننسى انتماءاتنا وأن يتعامل الجميع كأخوة في السجن، دون سيطرة تيار على آخر.

* هل ستشارك في الفعاليات المقبلة ومنها مسيرات ذكرى الفض؟

نعم، مستمر في النضال وسأشارك في مسيرة ذكرى الفض، ولن يكون السجن سبباً لتفكيرنا بالسفر خارج مصر، بل دافعاً للحصول على حق من ظلم، والقصاص لدم الشهداء، وأدعو الجميع للنزول يوم 14 أغسطس/ آب تحت شعار "الحرية والعدل".