مدرّس أميركي يكشف سراً بعد 17 عاماً: لا أجيد القراءة والكتابة

20 ابريل 2018
يسعى كوركوران لمساعدة الآخرين من خلال مؤسسته (فيسبوك)
+ الخط -
نشأ جون كوركوران في نيو مكسيكو في الولايات المتحدة، تخرج من المدرسة الثانوية، التحق بالجامعة، وأصبح مدرسًا في الستينيات، وهي الوظيفة التي شغلها لمدة 17 عاماً، ولكنه أخفى سراً غير عادي.

وفي مقال نشرته "بي بي سي" قال "لقد تأخرت في الكلام، لكني ذهبت إلى المدرسة مع آمال كبيرة في تعلم القراءة مثل أخواتي، وبالنسبة للسنة الأولى كانت الأمور على ما يرام لأنه لم تكن هناك مطالب كثيرة".

وكان من المفترض أن يتعلم القراءة في الصف الثاني، لكن الأمر بالنسبة له كان بمثابة فتح صحيفة صينية والنظر فيها، لم يكن يفهم تلك الخطوط، وكطفل عمره ست أو سبع أو ثماني سنوات لم يكن يعرف كيف يعبر عن المشكلة.

وقال: "أتذكر عندما كنت أصلي ليلاً، وأقول "أرجوك يا رب، دعني أعرف كيف أقرأ غداً عندما أستيقظ" وأحياناً أقوم بتشغيل الضوء وأنظر في كتاب لأرى إذا ما حصلت المعجزة، لكنها لم تحصل".

ورغم أنه لم يتعلم القراءة والكتابة، إلا أن المعلمين رفعوه من سنة إلى أخرى متبعين العبارة التي كانوا يقولونها لوالديه "إنه ولد ذكي، سيتجاوز ذلك".

ووصف حجم الصعوبات التي واجهها في السنوات اللاحقة في المدرسة، حيث كان يشعر وكأنه ذاهب إلى حرب كل صباح، وكان يقضي معظم النهار في مكتب المديرة، وسئم من إحراج نفسه وعائلته.

في المرحلة الثانوية قرر أن يشق طريقاً آخر لنفسه في أسلوب التعامل، ويقوم بكل ما هو ضروري في النظام المدرسي، وأبدى مواهب رياضية، وكان يستطيع القيام بالحساب، وبدأ يظهر مهارات اجتماعية، حيث ألقى كلمة في حفل التخرج، وكل تلك الفترة كان يعتمد على أصدقائه في كتابة واجباته، ومعظمهن من الفتيات.



وأضاف "كان يمكنني كتابة اسمي وكانت هناك بعض الكلمات التي يمكن أن أتذكرها، لكن لم أتمكن من كتابة جملة، كنت في المدرسة الثانوية وأقرأ بمستوى الصف الثاني أو الثالث، ولم أخبر أحداً أبداً أنني لا أستطيع القراءة".

وفي الامتحانات كان ينظر في ورقة زميله، أو يمرر ورقته لشخص آخر ليكتب له الإجابات.

أما المرحلة الجامعية فقد كانت مختلفة، حيث كانت لديه نماذج من امتحانات سابقة، إذ إن بعض الأساتذة كانوا يكررون الأسئلة، وفي حالات أخرى اضطر للجوء إلى طرق غش أخرى أكثر إبداعاً.

وفي أحد الامتحانات كتب الأستاذ على السبورة أربعة أسئلة، وكان هو جالساً في المقعد الخلفي إلى جانب النافذة، ولم يكن قادراً على فهم مضمون الأسئلة.

كان معه كتاب المقرر، فنسخ الأسئلة الأربعة بعناية على الكتاب، ومرره عبر النافذة إلى صديق له في الخارج، كان ذلك الصديق هو الأذكى بين زملائه، لكنه كان خجولاً، فعرض عليه أن يساعده بالمقابل على ترتيب موعد مع فتاة تدعى ماري.

وبالفعل عاد إليه الكتاب، مع الإجابات عن الأسئلة عن المطلوبة.

ولجأ إلى طرق أخرى تتسم بنوع من الإجرام بحسب وصفه، حيث إنه فتح مكتب الأستاذ بعد منتصف الليل باستخدام سكين، وفشل في إيجاد أسئلة الامتحان، وكرر ذلك على مدار 3 ليال، إلى أن أحضر معه ثلاثة من أصدقائه، في الساعة الثالثة عند الفجر، وحملوا خزانة مقفلة، وأخذها إلى صانع أقفال، ساعده على فتحها، حيث كان يرتدي بدلة أنيقة، توحي بأنه رجل أعمال شاب، ليقنع الرجل بالتعاون معه، وأعطاه مفتاحاً للخزانة، وبالفعل حصل على نسخ من الامتحان، وأعاد الخزانة إلى مكانها.

أما في جلسات العصف الذهني، التي تعني أن على أحدهم أن يخرج ويكتب الأفكار على السبورة، فقد كانت تسبب له رعباً، لخشية أن يقع عليه الاختيار، حيث كانت لديه خطة لهذه الحالة أيضاً، إذ يمكن أن يتظاهر بأنه أغمي عليه قرب السبورة، ويطلب الاتصال بالإسعاف.

وبعد أن حصل على وظيفته كأستاذ مدرسة، تزوج، وذات يوم قرر أن يخبر زوجته بأنه لا يجيد القراءة، فقال لها "أنا لا أستطيع أن أقرأ"، لكنها لم تتوقف كثيراً عند الأمر، ولم تفهم ما قصده، ومضى الأمر بشكل عابر.



لكنها اكتشفت الحقيقة بسبب قصص الأطفال، حيث كانا يتناوبان على قراءة القصص لابنتهما التي كانت تبلغ 3 سنوات، وكان يعرف تلك القصص مسبقاً، فيضيف إليها المزيد من الدراما، ويخبرها لابنته، دون أن يقرأها فعلاً.

لكن ابنته فاجأته بكتاب جديد لم يكن يعرف قصته، ذات يوم، فحاول جاهداً أن يخمن المحتوى، فقالت له ابنته، بأنه لا يقرأها كما تفعل أمها، واكتشفت الزوجة الأمر عندما ضبطته وهو يحاول تهجئة قصة الأطفال، حيث كان يعتمد على زوجته طوال تلك الفترة في كتابة ما يلزمه للمدرسة.

عمل الرجل كأستاذ في المدرسة الثانوية من عام 1961 إلى عام 1978. وقال "بعد ثماني سنوات من ترك عملي التدريسي، تغير شيء في النهاية. كنت في السابعة والأربعين من عمري عندما رأيت باربرا بوش، التي كانت آنذاك السيدة الأولى للولايات المتحدة، تتحدث عن محو أمية الكبار في التلفزيون. لم أسمع أبداً أحداً يتحدث عن محو أمية الكبار من قبل، ظننت أنني الشخص الوحيد في العالم الذي كان في الوضع الذي كنت فيه".

وأصبحت لديه الرغبة في الحصول على المساعدة، وتعلم القراءة، وفي أحد الأيام في محل البقالة كان واقفا في الطابور وكانت هناك امرأتان أمامه تتحدثان عن أخيهما الكبير الذي يذهب إلى المكتبة لتعلم القراءة، وبالفعل ذهب إلى المكتبة، وقابل مديرة برنامج محو الأمية، وأخبرها أنه لا يعرف القراءة، وكانت الشخص الثاني الذي يطلعه على هذا السر، وفي النهاية تمكن من التعلم، ولديه اليوم مؤسسته الخاصة التي تهدف لمساعدة الأطفال والكبار على تعلم القراءة والكتابة.



(العربي الجديد)
المساهمون