واحدة من أزمات المهجّرين السوريين هي تعليم الأطفال في المخيّمات. هؤلاء الصغار الذين عانوا من صدمات عدّة، أولاها النزوح، خسروا كذلك وقتاً من عملية تعليمهم. وتبرز بعض المبادرات في السياق
مع استمرار معاناة المهجّرين القاطنين في مخيّم المحمدية ومخيّم دير بلوط في جنديرس الواقعة إلى جنوب مدينة عفرين (ريف حلب الشمالي)، لا سيّما في ظلّ تردّي الظروف المعيشية وسوء الإدارة وعدم توفير الاحتياجات اليومية لقاطني المخيم، عمد متطوعون إلى إنشاء مدرسة خاصة بهدف سدّ جزء من النقص الذي يعاني منه الأطفال في المخيّمَين.
وكان عدد كبير من سكّان مخيّم دير بلوط قد طالب في وقت سابق بتخصيص كرفانات لتعليم الأطفال، ونُظّمت اعتصامات لهذا الغرض أمام إدارة المخيم. كذلك كانت مطالبات بتوفير أدنى الحقوق، من خلال تأمين مياه الشرب على نطاق أوسع. وقد شارك أطفال في تلك الاعتصامات ورفعوا شعارات من قبيل "من حقي أن أعيش وأتعلم" و"أنا الطفل من حقّي أن تكون لي مدرسة".
رأى عدد من الشبان أنّ لا أمل من المسؤولين عن المخيّم، فأنشأوا بأنفسهم مدرسة بإشراف الناشط محمود الدمشقي، وهو مدير "مؤسسة دعوة للإعلام"، وهي عبارة عن خيمة حملت اسم "كيدزينا". ويشرح الدمشقي لـ"العربي الجديد" عن فكرة المدرسة، قائلاً إنّها "جاءت من برنامج خواطر، وهو برنامج تلفزيوني يتضمن مجموعة زيارات لأماكن عامة في اليابان، وإحدى تلك الزيارات كانت لمدينة الأطفال كيدزنيا. وفي تلك المدينة، يتعلم الطفل كلّ شيء، الإطفاء والإسعاف والتاريخ والجغرافيا والكهرباء، حتى المعاملات المصرفية والتجارية. هكذا خطر لي أنّنا نستطيع نقل فكرة المدارس في تلك المدينة إلى مخيّمنا، إنّما بالمواد المتوفرة بين أيدينا وبحسب الظروف المحيطة بنا". يضيف الدمشقي أنّ "الكادر التدريسي يتألف بمعظمه من خرجين جامعيين إلى جانب طلاب جامعيين، لكنّهم يملكون جميعاً خبرة واسعة في التدريس. هم سبق أن خاضوا تجارب التدريس لمدّة أربعة أعوام في مدراس جنوب العاصمة، وثمّة مدرّسون يملكون خبرة سبعة أعوام". ويشير إلى أنّه "لمّا بدأنا من تلك الخيمة التعليمية، كان هدفنا تحويلها إلى مدرسة نظامية مثلما يحلم التلاميذ".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يتحدّث المدرّس والإداري في مدرسة "كيدزينا"، أبو الفداء، لـ"العربي الجديد"، عن "تعليم الأطفال من خلال الممارسة الفعلية للمهن والأسلوب العربي"، مشيراً إلى المعاناة التي واجهتهم في الانطلاق. ويوضح: "اصطدمنا بصعوبات واقعنا، فهذه المدرسة أنشئت في مخيّم دير البلوط الذي يضمّ مهجّرين من جنوب دمشق. وللأسف، حتى الآن، فإنّ المدرسة لا تحتوي على أيّ شيء من شأنه أن يساعد على التعليم، لا مقاعد ولا قرطاسية، بينما لا تحوي سوى لوح واحد".
تجدر الإشارة إلى أنّ المدرسة - الخيمة أشبه بغرفة ساونا، إذ إنّ الخيام المتوفّرة كلّها بلا عوازل حرارية. ويرتاد المدرسة نحو 200 تلميذ في المرحلتَين الابتدائية والإعدادية، يشرف عليهم 21 مدرساً. والدرس يُعطى على اللوح نفسه، بالتوالي بين الصفوف. وهو ما يؤكد أنّ مقوّمات التعليم معدومة، لا سيّما في ظلّ النقص في الوسائل المساعدة، بالإضافة إلى افتقار المدرسة إلى الكتب المدرسية. ويعتمد الكادر التعليمي على نفسه في البحث عن مصادر التعليم من قبيل الكتب الإلكترونية على الإنترنت، تطوّعاً. فهمّهم هو الأطفال الذين يفتقرون إلى التعليم، وهدفهم تعليمهم بأقلّ قدر من المقوّمات. يُذكر أنّ الأطفال بمعظمهم من المتأخرين في الدراسة وهم في حاجة إلى متابعة.
في السياق، يقول أبو أسامة، وهو من سكان المخيّم: "لقد عشنا ثلاثة أشهر في هذا المخيّم ودخلنا في الشهر الرابع، ونحن لا نعلم أين تنتهي هذه الحال. أمّا الأطفال فكانوا في حاجة إلى تعليم فوري، لذلك أرسل ابني كلّ يوم إلى الخيمة التعليمية كي يعوّض ما فاته وحتى لا يبقى بلا تعليم في هذه الحياة القاسية". أمّا أبو راشد، فيقول: "لست مهتماً باللباس المدرسي الذي يحلم به ولدي ولا بالحقيبة التي تفرحه. ما نحتاج إليه هو مكان جيّد يكون أفضل من تلك الخيمة البسيطة التي يتعلم فيها الأطفال، ونشكر القائمين على العمل بسبب جهودهم على هذا العمل العظيم بالإمكانات البسيطة".
تجدر الإشارة إلى أنّ إدارة المدرسة ناشدت مرّات عدّة منظمة "أفاد" الإنسانية المسؤولة عن إغاثة المخيّم، لتقديم دعم للمدرسة من قرطاسية وألواح تدريس، من دون جدوى. ويشير المشرفون على المشروع إلى أنّ ما قدمته "أفاد" هو "عرض بصري بسيط لـ200 تلميذ وتلميذة يفتقرون إلى الأقلام والدفاتر ليُدوّنوا ما يتعلمونه".
اقــرأ أيضاً
وقبل أيام، اعتصم عشرات من سكّان مخيّمَي المحمدية ودير بلوط للمطالبة بحقوقهم الأساسية وبتغيير المسؤول عن المخيّم أبو صبحي. ورفع المعتصمون لافتات كُتبت عليها شعارات من قبيل "أين الحكومة السورية المؤقتة منا؟" و"إلى مدير منظمة أفاد: هل تقبل أن تعيش في هذه الخيمة؟". وعلى خلفية ذلك الاعتصام، اعتقلت الشرطة الحرة عدداً من المعتصمين، لا سيّما منسقي الاعتصام. يُذكر أنّ مخيّمات جنديرس تقع في منطقة صحراوية، في حين يُعَدّ مخيم دير بلوط واحداً من أكبر مخيّمات النازحين من ريف دمشق وأحياء جنوب العاصمة الذين تهجّروا في مطلع إبريل/ نيسان الماضي.
مع استمرار معاناة المهجّرين القاطنين في مخيّم المحمدية ومخيّم دير بلوط في جنديرس الواقعة إلى جنوب مدينة عفرين (ريف حلب الشمالي)، لا سيّما في ظلّ تردّي الظروف المعيشية وسوء الإدارة وعدم توفير الاحتياجات اليومية لقاطني المخيم، عمد متطوعون إلى إنشاء مدرسة خاصة بهدف سدّ جزء من النقص الذي يعاني منه الأطفال في المخيّمَين.
وكان عدد كبير من سكّان مخيّم دير بلوط قد طالب في وقت سابق بتخصيص كرفانات لتعليم الأطفال، ونُظّمت اعتصامات لهذا الغرض أمام إدارة المخيم. كذلك كانت مطالبات بتوفير أدنى الحقوق، من خلال تأمين مياه الشرب على نطاق أوسع. وقد شارك أطفال في تلك الاعتصامات ورفعوا شعارات من قبيل "من حقي أن أعيش وأتعلم" و"أنا الطفل من حقّي أن تكون لي مدرسة".
رأى عدد من الشبان أنّ لا أمل من المسؤولين عن المخيّم، فأنشأوا بأنفسهم مدرسة بإشراف الناشط محمود الدمشقي، وهو مدير "مؤسسة دعوة للإعلام"، وهي عبارة عن خيمة حملت اسم "كيدزينا". ويشرح الدمشقي لـ"العربي الجديد" عن فكرة المدرسة، قائلاً إنّها "جاءت من برنامج خواطر، وهو برنامج تلفزيوني يتضمن مجموعة زيارات لأماكن عامة في اليابان، وإحدى تلك الزيارات كانت لمدينة الأطفال كيدزنيا. وفي تلك المدينة، يتعلم الطفل كلّ شيء، الإطفاء والإسعاف والتاريخ والجغرافيا والكهرباء، حتى المعاملات المصرفية والتجارية. هكذا خطر لي أنّنا نستطيع نقل فكرة المدارس في تلك المدينة إلى مخيّمنا، إنّما بالمواد المتوفرة بين أيدينا وبحسب الظروف المحيطة بنا". يضيف الدمشقي أنّ "الكادر التدريسي يتألف بمعظمه من خرجين جامعيين إلى جانب طلاب جامعيين، لكنّهم يملكون جميعاً خبرة واسعة في التدريس. هم سبق أن خاضوا تجارب التدريس لمدّة أربعة أعوام في مدراس جنوب العاصمة، وثمّة مدرّسون يملكون خبرة سبعة أعوام". ويشير إلى أنّه "لمّا بدأنا من تلك الخيمة التعليمية، كان هدفنا تحويلها إلى مدرسة نظامية مثلما يحلم التلاميذ".
من جهته، يتحدّث المدرّس والإداري في مدرسة "كيدزينا"، أبو الفداء، لـ"العربي الجديد"، عن "تعليم الأطفال من خلال الممارسة الفعلية للمهن والأسلوب العربي"، مشيراً إلى المعاناة التي واجهتهم في الانطلاق. ويوضح: "اصطدمنا بصعوبات واقعنا، فهذه المدرسة أنشئت في مخيّم دير البلوط الذي يضمّ مهجّرين من جنوب دمشق. وللأسف، حتى الآن، فإنّ المدرسة لا تحتوي على أيّ شيء من شأنه أن يساعد على التعليم، لا مقاعد ولا قرطاسية، بينما لا تحوي سوى لوح واحد".
تجدر الإشارة إلى أنّ المدرسة - الخيمة أشبه بغرفة ساونا، إذ إنّ الخيام المتوفّرة كلّها بلا عوازل حرارية. ويرتاد المدرسة نحو 200 تلميذ في المرحلتَين الابتدائية والإعدادية، يشرف عليهم 21 مدرساً. والدرس يُعطى على اللوح نفسه، بالتوالي بين الصفوف. وهو ما يؤكد أنّ مقوّمات التعليم معدومة، لا سيّما في ظلّ النقص في الوسائل المساعدة، بالإضافة إلى افتقار المدرسة إلى الكتب المدرسية. ويعتمد الكادر التعليمي على نفسه في البحث عن مصادر التعليم من قبيل الكتب الإلكترونية على الإنترنت، تطوّعاً. فهمّهم هو الأطفال الذين يفتقرون إلى التعليم، وهدفهم تعليمهم بأقلّ قدر من المقوّمات. يُذكر أنّ الأطفال بمعظمهم من المتأخرين في الدراسة وهم في حاجة إلى متابعة.
في السياق، يقول أبو أسامة، وهو من سكان المخيّم: "لقد عشنا ثلاثة أشهر في هذا المخيّم ودخلنا في الشهر الرابع، ونحن لا نعلم أين تنتهي هذه الحال. أمّا الأطفال فكانوا في حاجة إلى تعليم فوري، لذلك أرسل ابني كلّ يوم إلى الخيمة التعليمية كي يعوّض ما فاته وحتى لا يبقى بلا تعليم في هذه الحياة القاسية". أمّا أبو راشد، فيقول: "لست مهتماً باللباس المدرسي الذي يحلم به ولدي ولا بالحقيبة التي تفرحه. ما نحتاج إليه هو مكان جيّد يكون أفضل من تلك الخيمة البسيطة التي يتعلم فيها الأطفال، ونشكر القائمين على العمل بسبب جهودهم على هذا العمل العظيم بالإمكانات البسيطة".
تجدر الإشارة إلى أنّ إدارة المدرسة ناشدت مرّات عدّة منظمة "أفاد" الإنسانية المسؤولة عن إغاثة المخيّم، لتقديم دعم للمدرسة من قرطاسية وألواح تدريس، من دون جدوى. ويشير المشرفون على المشروع إلى أنّ ما قدمته "أفاد" هو "عرض بصري بسيط لـ200 تلميذ وتلميذة يفتقرون إلى الأقلام والدفاتر ليُدوّنوا ما يتعلمونه".
وقبل أيام، اعتصم عشرات من سكّان مخيّمَي المحمدية ودير بلوط للمطالبة بحقوقهم الأساسية وبتغيير المسؤول عن المخيّم أبو صبحي. ورفع المعتصمون لافتات كُتبت عليها شعارات من قبيل "أين الحكومة السورية المؤقتة منا؟" و"إلى مدير منظمة أفاد: هل تقبل أن تعيش في هذه الخيمة؟". وعلى خلفية ذلك الاعتصام، اعتقلت الشرطة الحرة عدداً من المعتصمين، لا سيّما منسقي الاعتصام. يُذكر أنّ مخيّمات جنديرس تقع في منطقة صحراوية، في حين يُعَدّ مخيم دير بلوط واحداً من أكبر مخيّمات النازحين من ريف دمشق وأحياء جنوب العاصمة الذين تهجّروا في مطلع إبريل/ نيسان الماضي.