مخطوفو عدرا العمالية: لا مبالاة رسمية وتعتيم إعلامي

04 مارس 2015
من وقفات سابقة تطالب بالإفراج عن المخطوفين (فيسبوك)
+ الخط -

تعد قضية مخطوفي عدرا العمالية، والذين يتجاوز عددهم الـ2500 وينتمون للطائفة العلوية، واحدة من آلاف المآسي التي يعاني منها المدنيون السوريون، لكنها تشهد تعتيماً إعلامياً كبيراً، إذ لا تعتبر وسائل الإعلام المعارضة نفسها معنية بالقضية التي بدأت فصولها أواخر عام 2013، فيما يعمل النظام على كتم أي صوت وقمع أي مطالب بحلها.

قضية المخطوفين، الذين أسرهم جيش الإسلام، عادت إلى الواجهة من جديد، بعد أن زار الرئيس السوري بشار الأسد في شهر فبراير/شباط الماضي عائلة أحد المخطوفين، واعداً إياها ببذل كل جهد ممكن لاستعادة ابنها. الزيارة التي سجلت تلفزيونياً، دفعت الجهة الخاطفة إلى الرد من خلال تسجيل مصوّر يظهر فيه الشاب المختطف برفقة رجلين مسلحين، محددين مهلة قدرها 72 ساعة لمبادلة الشاب بمعتقلين في سجون النظام أو إعدامه.
انتهت المهلة المحددة من الجهة الخاطفة من دون أن تقوم الدولة بأي مبادرة لإنقاذ الشاب الذي لا يزال مصيره مجهولاً، إذ لم يصدر عن الجهة الخاطفة أي بيان يؤكد أو ينفي تنفيذ التهديد.

اقرأ أيضاً: مصير الأسد وفوبيا "الإخوان" يعمّقان خلافات "هيئة التنسيق"

لا مبالاة النظام بالمخطوفين العلويين في منطقة عدرا ليست جديدة، إذ تعود آخر مبادرة استجاب لها النظام في سبيل مبادلتهم بمعتقلين في سجونه إلى شهر مايو/أيار من عام 2014. وقد توقفت المفاوضات بشكل مفاجئ من قبل النظام، بحجة أن الجهة الخاطفة تطلب أن تشمل قائمة المفرج عنهم أسماء لمسلحين يشكلون خطراً على أمن الدولة. وهي الحجة التي يرفضها ذوو المخطوفين، مذكرين بقوائم المسلحين الذين أفرج النظام عنهم حين تعلق الأمر بمبادلة تشمل راهبات معلولا أو الزوار الإيرانيين، إضافة إلى ما يتم من عمليات تبادل سرية تجري بين الجهات المسلحة وحزب الله اللبناني.
ودفع تجاهل النظام ووسائل الإعلام لقضية المخطوفين بذويهم إلى تأسيس صفحة على موقع "فيسبوك" بعنوان "عدرا العمالية، رسائل من الداخل" يحاولون من خلالها التذكير بقضية أبنائهم، وتحريض الرأي العام الموالي للضغط نحو تحرك جدي من قبل النظام لإنقاذ سراح ما يزيد عن 2500 مختطف.
مسؤولو الصفحة أكدوا لـ"العربي الجديد" أن عدداً من المخطوفين تم إطلاق سراحهم في مبادرات فردية، إلا أن الغالبية العظمى منهم لا يزالون تحت أسر فصيل تابع لجيش الإسلام، وأنهم على تواصل دائم مع الجهة الخاطفة التي تزودهم بالمعلومات حول المخطوفين وحالتهم الصحية، ولا سيما في ظل الشحّ في الأدوية والمواد الغذائية، بسبب الحصار الذي يفرضه جيش النظام على المنطقة.

وفي موازاة عمل الصفحة في النطاق الافتراضي ووصول متتبعيها إلى 12 ألفاً، فقد خططت لاعتصامات ووقفات احتجاجية عدة للضغط على الدولة السورية للقبول بإبرام صفقة تبادل. لكن النظام واصل تجاهله للقضية، بل قام بإرسال تهديدات لمسؤولي الصفحة عن نية الأجهزة الأمنية السورية منع أي اعتصام آخر، ولو اضطرت إلى استعمال القوة.
وفيما يتعلق بسبب الاختطاف، يرى القائمون على الصفحة أن الدافع الأساسي طائفي بحت. فالمخطوفون من المدنيين الذين لم يحملوا السلاح يوماً، بينهم الكثير من النساء والأطفال. والقول إنهم أسر لأفراد في الأجهزة الأمنية أو الجيش لا يبرر خطفهم أو التعرض لهم. لكنهم في الوقت نفسه يحمّلون الدولة السورية بالدرجة الأولى مسؤولية سلامة أبنائهم، علماً أنهم يشعرون بالظلم من تجاهل النظام لهم وعدم مساواتهم بقضايا مماثلة سابقة.
في غضون ذلك، يرى عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، برهان غليون، أن تجاهل النظام لهذه القضية ليس بالمستغرب؛ "فمنذ بداية الثورة كان من الواضح أن نظام الأسد لا يهتم بمصير أحد، لا العلويين ولا غيرهم، وإنما يستخدم الجميع للحفاظ على ما أصبح ينظر إليه كإمارة عائلية، على الجميع من كل المذاهب والقوميات الخضوع لأصحابها والعمل في خدمتها". ووفقاً لغليون، فإن "من لا يهتم بمصير البلاد ولا يعرف معنى المسؤولية تجاه الشعب الذي يحكمه منذ عقود، لا يمكن أن يهتم بمصير جزء منه، ولا يعرف الشعور بالمسؤولية تجاهه".
ويؤكد غليون رفضه لأي عمل يؤذي المدنيين أو يستهدف جماعة سورية بسبب هويتها الطائفية، رافضاً ربط الأسد بالطائفة العلوية، بقوله إن "الأسد لا ينتمي، في الحقيقة، إلى أي طائفة، ولا حتى للإنسانية. من لا يفكر في شعبه لا يفكر في طائفته. وكما يستخدم سورية والسوريين وقوداً لأطماعه السلطوية ولا يهمه حتى إدخال المليشيات الأجنبية والرهان عليها للدفاع عن بقائه في السلطة، يستخدم العلويين".
ويشدد غليون على "أن الأسد لن ينقذ أحداً، ولن يحرر أسيراً، بل هو مدفوع إلى التضحية بالمزيد من الأسرى كل يوم من كل الأطراف السورية المتحاربة، ولم يعد يملك حتى إنقاذ نفسه". ويضيف غليون "في المقابل، نحن وحدنا، سوريون من كل الطوائف والأطياف، من يستطيع أن يحرر الأسرى، ويوقف سفك الدماء، والدخول في حوار وطني جامع يخرج سورية من المحرقة التي دفعت إليها منذ أربعة أعوام، للدفاع عن عرش زائل".

اقرأ أيضاً: "حزم" من البداية حتى النهاية: انتقام "النصرة" من واشنطن؟

المساهمون