تداعيات العقوبات الأميركية.... مخاوف من انهيار الدينار العراقي بسبب جمع الإيرانيين للدولار

16 اغسطس 2018
إيران تسعى لإنقاذ عملتها (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -

تواصل شركات استيراد وتصدير وإنشاءات، عمليات شراء كميات كبيرة من الدولار من محال الصرافة في بغداد. وقال مسؤولون عراقيون لـ"العربي الجيد" إن الشركات التي تجمع الدولار مرتبطة بإيران ومدعومة من أحزاب وفصائل مسلحة ضمن الحشد الشعبي.

وتراجعت قيمة العملة العراقية من 1200 دينار مقابل الدولار الأحد الماضي، إلى 1210 دنانير حالياً، بعد استقرار طويل شهدته العملة العراقية مقابل الدولار بفعل سياسة اعتمدها البنك المركزي العراقي مطلع العام الجاري بالتعاون مع صندوق النقد الدولي تهدف في النهاية إلى إلغاء صفر واحد من الدينار لمعالجة التضخم في البلاد.

وكان البنك المركزي قد أوقف كافة التعاملات المصرفية بالدولار مع المصارف ومكاتب الحوالات الخارجية الإيرانية بسبب فرض العقوبات الأميركية على طهران.

وقال بيان للبنك المركزي: "استنادًا إلى قرار إدارة البنك المركزي العراقي، تقرر حظر التعامل بالدولار مع فروع المصارف الإيرانية أما عملة اليورو، فالأمر متروك لمتطلّبات التعامل مع البنك المركزي الأوروبي، والمصارف التي تتعامل باليورو".

وجاء حظر التعامل مع المصارف الإيرانية بالدولار، بعد أيام من سريان الحزمة الأولى من عقوبات واشنطن الاقتصادية على طهران، الثلاثاء قبل الماضي، بهدف تكثيف الضغط عليها بسبب برنامجها النووي.

وقال مسؤول عراقي بارز في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي ردا على استفسار لـ "العربي الجديد" حول دقة ما يتردد بالشارع العراقي من وجود جماعات تسحب كميات كبيرة من الدولار بأنه "صحيح".


وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن جهاز الأمن الوطني وجهاز المخابرات رصدا جهات مختلفة تقوم بشراء الدولار من مكاتب الصرافة والشركات المالية المرخصة في بغداد والمحافظات. وحسب المسؤول، تشير التقديرات إلى أن ما تم جمعه حتى الآن لا يقل عن 400 مليون دولار سحبت من سوق التداول اليومي منذ السبت الماضي ولم تعد إليه، موضحاً أن "تلك الجهات تابعة لإيران ومدعومة من أحزاب وفصائل مسلحة ضمن الحشد الشعبي".

وحول كيفية نقل تلك الأموال إلى إيران قال "لديك 1300 كيلومتر من الحدود المشتركة مفتوحة بين البلدين".

وأشار إلى أن إجراءات حازمة ستتخذها الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي من ضمنها تحديد مقدار ما يمكن بيعه من الدولار للشركات أو الأشخاص وإنشاء قاعدة بيانات بكل شخص يشتري الدولار وإلى أين يتجه به أو جهة إنفاقه لكي نحافظ على سعر الدينار ونمنع انهياره في ظل المتغيرات الجديدة.

وقال مدير مفوض في واحدة من أكبر شركات الصرافة ببغداد لـ"العربي الجديد"، إن كثيرا من تلك الجهات التي تشتري الدولار سياسية أو تتبع فصائل بالحشد ولا نستطيع رفض التعامل معها.

ووفقاً للمسؤول ذاته، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن "الحكومة مطالبة بتجنيب شركات الصرافة والتحويل المالي هذه المسؤولية فورا"، مؤكدا أن عمليات سحب الدولار تزداد من بغداد وأربيل والسليمانية والنجف والبصرة وكربلاء باعتبارها أغنى المحافظات العراقية من حيث الاستحواذ على سيولة مالية ضخمة.

وأضاف أن "زيادة شراء الدولار ستؤدي إلى نقصه بالسوق وبالتالي تؤثر سلباً على الدينار، وفي حال استمر الأمر لفترات طويلة قد تنهار العملة المحلية لتتراوح بين 1290 و1300 دينار للدولار.

من جهته قال المختص في الشأن الاقتصادي العراقي علي حسين محمود لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحدث الآن بالسوق متوقع وأغلب المراقبين كانوا متأكدين من أن إيران إن لم تسحب الدولار من العراق عبر شركات الصرافة ومزاد البنك المركزي فستسحبه عبر الحدود بالطريقة التقليدية".

وأوضح محمود أن العراق منذ نحو 14 عاما المورد الأول للدولار بالنسبة لإيران ونتحدث عما لا يقل عن 12 مليار دولار سنويا تذهب لإيران، وموضوع إيقافها أكبر من حكومة بغداد إذ تعتبر إيران العراق سلة عملاتها وأي مساس بهذا الجانب يعني تهديدا لأمنها الاقتصادي، لذا نعتقد أن إجراءات العراق بمنع التداول الرسمي مع إيران بالدولار لن تكتمل".

من جانبه قال عضو غرف التجارة العراقية في بغداد أنس أحمد الدليمي لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يتعامل مع إيران عبر منظومة تجار كبار لهم علاقات مع صناع القرار بالبلاد والحديث عن أن العراق أوقف التعامل عبر الحوالات بالدولار غير صحيح فهناك شركات غير معروفة ما زالت تتعامل بينها طواعية وأخرى مكرهة".

ولفت إلى أن السوق العراقية للسلع والخدمات لم تتأثر حتى الآن ولكن مع زيادة نزيف العملة الصعبة سينعكس ذلك سلباً على كل القطاعات.

وكان رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، أكد الثلاثاء قبل الماضي، عدم تعاطف العراق مع العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، إلا أن حكومته مجبرة على الالتزام بتلك العقوبات لحماية مصالح الشعب العراقي.
المساهمون