محمود فياض... غزّي غيرت السيوف والخناجر حياته

غزة

أمجد ياغي

avata
أمجد ياغي
27 اغسطس 2020
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻓﻴﺎﺽ... ﻏﺰّﻱ ﻏﻴﺮﺕ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑ ﻭﺍﻟﺨﻨﺎﺟﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ
+ الخط -

في بلدة القرارة شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، يعيش محمود فياض (36 عاماً) مع أسرته. كان معظم أفراد الأسرة يعملون في الزراعة، لكنّه رغب في إبراز موهبته حتى بات معروفاً في جنوب قطاع غزة ولدى القبائل البدوية التي تحب اقتناء السيوف والخناجر القديمة، على الرغم من أن هذه الموهبة/ المهنة لا تدرّ عليه دخلاً كبيراً. لكنّها أصبحت بالنسبة إليه أسلوب حياة، هو الذي لم يحصل على فرصة عمل في تخصصه مدرّساً للتاريخ. 
درس فياض التاريخ وتخرّج من جامعة الأقصى في عام 2008. كان يحبّ مادة التاريخ والقصص في الثانوية العامة. لكنه صدم بالواقع الوظيفي بعد الانقسام الفلسطيني والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. وعلى مدى 12 عاماً، لم يحصل على أي فرصة عمل، على الرغم من أنه تخرّج بمعدّل جيد جداً. نجح مرتين في اختبارات تعيين المعلمين الدورية لدى وزارة التربية والتعليم، لكنّه رُفض بعد مقابلة وزارة التربية والتعليم في غزة. وفي المرة الثالثة، لم ينجح بعدما شعر بعدم الجدية في الحصول على فرصة عمل. يقول إن الاختبار كان يحتوي على أسئلة من خارج التخصص.
بداية فياض مع عالم السيوف والخناجر كانت في الخامسة من عمره. حصل على شبرية (تشبه الخنجر) وهي بحجم مقاس اليد. كان قد عاش في العاصمة الأردنية عمّان خلال السنوات العشر الأولى من حياته، لافتاً إلى أن استخدام الخناجر والشبرية لا يقتصر على الدفاع عن النفس، بل "للقص أو الذبح وأهداف أخرى لدى القبائل البدوية".


يقول فياض لـ "العربي الجديد": "أحبّ هذا العالم كثيراً. هذه أدوات ثمينة تمثل حضارات قديمة. كما أنها حرفة فيها إبداع وتدل على ذوق الصانع وحبه لتلك المهنة والتاريخ. في الأردن اعتزاز بالشباري والسيوف وكذلك في بعض المنازل في غزة. في هذا العالم إبداع لا محدود، وقد ساعدني التاريخ على فهمه".

محمود فياض 1

 

صنع فيّاض مختلف أنواع الخناجر التاريخية، مثل العُماني واليمني والحجازي والمجدلاني السوري والعثماني، إضافة إلى أنواع مختلفة من السيوف، منها العربي الإسلامي الذي يتميّز عن باقي أنواع السيوف بمقبض على شكل دائرة صغيرة، والسيف العثماني الذي يختلف عن العربي بنصله الأعرض والرفيع من الوسط، والسيف الإفرنجي الذي يتميّز بحدته من الجهتين وبشكله المستقيم.
كذلك صنع سيف الساموراي الياباني والسيف الهندي والسيف الدمشقي، وبعض أنواع السواطير الكبيرة، مثل الساطور العثماني. يبيع ما يصنعه لتجار فلسطينيين يطلبون بعضها، إذ تقدم كهدايا أو تستعمل للزينة في المنازل الغزية وخارجها. لكنه يجد صعوبة في تصدير تلك الأنواع وبيعها خارج قطاع غزة بحكم الحصار الإسرائيلي وعدم وجود آلية لتصدير المنتجات المحلية الحادة.

محمود فياض 2

 

يشير فياض إلى أنه يختلف عن صانعي السيوف من خارج قطاع غزة، لأنّ الصانعين في الخارج يحصلون على المواد الخام بشكل أسهل منه. أما هو، فيضطر إلى توصية أصدقائه للحصول على بعض أنواع المعادن الخام ليقوم بإعادة تدويرها وصناعة السيوف، مثل النحاس الأبيض والفضي والنحاس الأصفر والأبيض والفولاذ.

وإثر عدم توفر تلك الأدوات بشكل سهل، يبحث عن معادن بديلة كتلك الموجودة في بعض الأجهزة الكهربائية، حتى إنّه يضطر إلى تفكيك بعضها. كذلك يحصل على تحف أو بعض الخواتم القديمة التي تحتوي على أحجار مميزة وملونة لتزيين الخنجر أو السيف. يضيف: "في غزة بعض الأحجار المميزة، لكنّها ليست بجودة تلك الموجودة في دول أخرى. للأسف، تصلني رسائل على صفحتي في فيسبوك من أشخاص يطلبون السيوف والخناجر التي أصنعها. لكنني لا أملك وسيلة لإيصالها إلى خارج قطاع غزة. لكن هذا لن يمنعني عن العمل، وسأبقى في عالمي في ظل إشادة كثيرين بجودة ما أصنع".

محمود فياض 3

 

وفي محاولة يعتبرها فياض الأولى من نوعها في فلسطين، أطلق علامة على صناعته للسيوف الفلسطينية والشبريات ووضع طبعة تظهر رموز التراث الفلسطيني، ورمز الدولة الذي اعتمده صانعو السيوف والشبريات في الأردن كالتاج الملكي، وفي الدولة العثمانية الهلال والنجمة. كذلك وضع عملة الجنيه الفلسطينية النقدية القديمة المستخدمة قبل النكبة عام 1948، ومسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى.

محمود فياض 4

 

أنواع السيوف والشبريات لا تختلف بين فلسطين والأردن في ظل التقارب الاجتماعي والجغرافي بين الشعبين، لكنه يشعر بالضيق بسبب التسويق الضعيف لمنتجاته. يقول: "للأسف، بعض الناس لا يثقون بالصناعة المحلية. ولا يوجد أي دعم من الجهات المتخصصة في التراث الفلسطيني. المشكلة الأساسية أنه لا توجد سياحة داخلية في مجتمعنا المحاصر، خصوصاً أن السياح يقدرون قيمة التراث وما نصنعه لأجل فلسطين". يأمل أن يحصل على دعم من أي جهة، وينشئ معملاً كبيراً لصناعة السيوف والخناجر والشبريات وتنظيم معرض كبير لتقديم ما يصنعه بشكل لافت مع كتابة معلومات حول ما يصنعه وأهميته التاريخية.

ذات صلة

الصورة
قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم جنين في الضفة الغربية، 22 مايو 2024(عصام ريماوي/الأناضول)

سياسة

أطلق مستوطنون إسرائيليون الرصاص الحي باتجاه منازل الفلسطينيين وهاجموا خيامهم في بلدة دورا وقرية بيرين في الخليل، جنوبي الضفة الغربية.
الصورة
جنديان إسرائيليان يعتقلان طفلاً في الضفة الغربية (حازم بدر/ فرانس برس)

مجتمع

بالإضافة إلى الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن التنكيل بالضفة الغربية، فيعتقل الأطفال والكبار في محاولة لردع أي مقاومة
الصورة
الحرب حرمت طلاب غزة من امتحانات الثانوية العامة ودمرت العديد من المدارس، 20 يونيو 2024 (الأناضول)

مجتمع

بدأ نحو 50 ألف طالب وطالبة، اختبارات الثانوية العامة بمحافظات الضفة الغربية والمدارس الفلسطينية في الخارج، بينما حرمت الحرب طلاب غزة من الاختبارات
الصورة
علما إسرائيل والإمارات في مبنى القنصلية الإسرائيلية بدبي، يونيو 2021 (كريم صاحب/فرانس برس)

سياسة

اندلعت أزمة دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، بسبب 100 كيلوغرام من التمور مع نوى، والتي وصفتها أبوظبي بأنها "صدع" حقيقي.
المساهمون