محمد علي في الأصل

08 يونيو 2016
... هذا يعني أنّني قادر على إنجازه (بنترست)
+ الخط -

"إذا كان عقلي قادراً على تصوّره وإدراكه وإذا كان قلبي قادراً على الإيمان والوثوق به، فهذا يعني أنّني قادر على إنجازه". قد يكون هذا تحديداً ما جعل كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور، ينجز. هو أنجز "نفسه" ليتحوّل "أسطورة". لطالما كان جازماً.. "من ليس شجاعاً كفاية للمخاطرة، فإنّه لن ينجز شيئاً في حياته".

هو محمد علي. ليس محمد علي الذي تحدّى العنصريّة. ليس محمد علي الذي اعتنق الإسلام. ليس محمد علي الذي رفض المشاركة في حرب فيتنام. ليس محمد علي الذي عشق الملاكمة ليحطّم الأرقام القياسيّة ويُتوَّج "الأعظم". هو محمد علي. محمد علي الإنسان الشامل الذي احترف المخاطرة في كلّ ما أقدم عليه. هو الذي أدرك ما يريد وآمن به وأنجزه. معادلة قد تبدو بديهيّة متيسّرة للوهلة الأولى.

كثر استذكروه في الأيام الماضية. كثر استعادوا مشهداً - دون المشاهد الأخرى - من مسيرة "الأعظم". كثر رثوه، وقد أضاءوا على محطة - دون المحطات الأخرى - من تاريخ "الأسطورة". اختصروه بمشهد يتماهون به. اختصروه بمحطّة يتماهون بها. فكان الثائر المنتفض ضدّ العنصريّة والمنادي بالحقوق المدنيّة. كان المؤمن الذي أكّد أنّ ليس له إلا الله "حارس شخصيّ". كان الإنسانيّ الذي رفض المشاركة في "مجازر فيتنام". كان الملاكم الذي لا يرضى بخسارة، الواثق بأنّه هو "الملاكَمة".

"إذا كان عقلي قادراً على تصوّره وإدراكه وإذا كان قلبي قادراً على الإيمان والوثوق به، فهذا يعني أنّني قادر على إنجازه". كان محمد علي مدركاً وواثقاً مؤمناً عندما أنجز "نفسه". معادلة قد تبدو بديهيّة متيسّرة للوهلة الأولى، فيما الواقع غير ذلك.

الواقع هو أنّنا، أكثرنا، نحلم بإنجاز. قد يتصوّره عقلنا، من دون أن يدركه حقيقة. قد يدركه عقلنا، من دون أن يؤمن أو يثق به قلبنا. ونحلم. جميل أن نحلم. نظنّ أنّ الأحلام لا بدّ من أن تتحقّق. محمد علي أيضاً قال بالأحلام، لكنّه كان جازماً. "إذا لم تُخفك أحلامك، فهذا يعني أنّها ليست كبيرة كفاية". في الوقت نفسه، شكّك في قدرة الأحلام على الإنجاز، هو القائل "حتى لو حلمتَ في التغلّب عليّ، من الأفضل أن تصحو وتعتذر". كانت ثقته كبيرة لدرجة "العجرفة"، بالنسبة إلى كثيرين. لكنّها "عجرفة" مدركة وواقعيّة. قد يكون التشكيك في قدرة أحلام الآخرين على الإنجاز، مفتاحاً لإنجازنا نحن. قد يكون ذلك أيضاً ما سهّل "إنجازه".

الإيمان والثقة، لا شكّ في أنّهما عنصران أساس - حتى لا نقول العنصران الأساس - في المعادلة التي تبدو بديهيّة متيسّرة، وهي غير ذلك. تُضاف إليهما الشجاعة التي من شأنها تسديد الضربة القاضية لذلك الخوف.

نحلم بإنجاز. قد يتصوّره عقلنا، من دون أن يدركه حقيقة. قد يدركه عقلنا من دون أن يؤمن أو يثق به قلبنا. كثير من الثقة والإيمان، لعلّنا ننجز بعضاً من نفسنا.


المساهمون