محمد ترجمان مصوّر صور التاريخي

20 نوفمبر 2014
المصوّر محمد ترجمان (العربي الجديد)
+ الخط -
لا تخلو مكتبة أو مؤسسة تملك صوَراً عن "صور" الحديثة والقديمة إلا وموقّعة باسم ترجمان. يجمع في محلّه الألبومات وصوراً نادرة لمجموعة من رجالات صور ومقاوميها وفدائييها ومبانيها التاريخية وحاراتها وبحرها وشاطئها. بالإضافة إلى مئات الصور الموزّعة في متاحف العالم التي التقطها لأهم المكتشفات الأثرية في مدينة صور إبّان عمليات التنقيب عام 1964.

ما زال ترجمان يواظب عمله في "استديو رمسيس" في مدينة صور بنشاط، يعاونه ابنه إبراهيم. أمضى في هذه المهنة أكثر من 70 عاماً. يروي لـ"العربي الجديد" حكايته: "عندما كنت في الثانية عشرة من عمري، كنت أعمل في نقل جرّات الحليب على دراجتي الهوائية، وبعد الظهر أساعد أبي في النجارة. وبعدها عملت في مهنة الألبان والأجبان عند خالي حتى نكبة فلسطين عام 1948، وشهد البلد حينها أزمة في تجارة الحليب الطازج، فتركت العمل عند خالي. كنت أقضي معظم وقت العصر قرب البحر، ألتقط الصور. وكنت ألجأ إلى قدامى المصوّرين في صيدا لأتلقى نصائحهم. وأضاف: "خلال عملي في معمل الحليب قرب ميناء صيدا، التقيت بمغترب قادم من أفريقيا، وأفصحت له عن رغبتي بالسفر إلى بلاد العاج، فرحّب بالفكرة وطلب منّي الوثائق الثبوتية الخاصة بالسفر، وأعطاني عنواناً للحصول على التأشيرة في مدينة صور. قصدت المنطقة أكثر من 5 مرات ولم تحضر الأوراق. في المشوار الأخير، أخذت معي آلة التصوير. التقيت بشابين قرب البحر وطلبا منّي تصويرهما، وتواعدنا في اليوم التالي لإعطائهما الصور، وهذا ما حصل. صوّرت بعدها ثلاثة أفلام مقابل 16 ليرة. وهكذا صرت أحضر صباحاً إلى صور لأصوّر وأعود في المساء إلى صيدا، أطبع الصور وأحضرها معي في اليوم التالي. في تلك الفترة التقطت أجمل الصور لمدينة صور". لا يمرّ يوم من دون عودة محمد إلى "نيجاتيف" الصور التي يسأل عنها أبناء أو أحفاد لشخصيات ومقاومين، وهواة يحتفظون بالصور ويدوّنونها. 
في منتصف الخمسينيات، التقط مئات الصور لمقاتلي حركة القوميين العرب، وهم خلف متارسهم في نادي التضامن، وحارة صور في عز المواجهات في عهد الرئيس الراحل كميل شمعون. ويتابع: "فتحت استديو للتصوير في حيّ الكاثوليك في صور بتشجيع من الأصدقاء. وبقيت على عادتي، بالعودة إلى صيدا لتظهير الأفلام، لعدم وجود كهرباء في صور".

ويشير إلى أنّه باع أكثر من مليونيّ صورة لمدخل صور والشاطئ ومنطقة البوابة والحارات التي تعود إلى عام 1956. وقد استعان بصوره القديمة أعضاء بلدية صور مؤخراً لإزالة المخالفات التي تبرزها الصور وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل العام المذكور. "اشترت وزارة الثقافة عام 1949 مني صورة لقلعة صيدا، لأنّها تظهر فيها كل معالم القلعة، وهذا نجاح يسجل لي. كما عملت مصوراً في مصلحة الآثار. وأتيح لي تصوير مدينة صور من على متن طائرة فرنسية، لكن لسوء حظي لم أتمكن إلا من التقاط صورة واحدة فقط، بسبب ضعف تقنية الكاميرا". كان لترجمان حلم ببناء معهد مهني لتعليم الطلاب أصول فن التصوير، إلا أنّ حالته المادية حالت دون ذلك.
المساهمون