محمد السعدي لن يتنازل عن حلم العودة إلى المدرسة

04 أكتوبر 2016
يعمل لساعات طويلة (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد بدء الحرب في سورية، تركت العائلة المؤلفة من أب وأم وطفلهما مدينة حمص السورية، وقدمت إلى لبنان، حيث مكثت في منطقة تعمير عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان). الابن، ويُدعى محمد السعدي، ترك مدرسته في حمص وهو في الصفّ الثالث أساسي، ليعمل في تنظيف الزجاج. يتوجّه إلى الأماكن التي اعتاد الوقوف فيها، ويمسح زجاج السيّارات. يحمل قماشة صغيرة مهترئة، وقنينة يضع فيها المياه، ليرشّه على الزجاج.

عادة ما يقف قرب إحدى إشارات المرور. وما إن تتوقف السيارات حتى يقترب منها ويسأل سائقيها إذا ما كانوا يرغبون في تنظيف الزجاج. يصدّه البعض، فيما يرأف آخرون بحاله، ويوافقون على طلبه. وبعدما ينتهي، يحصل على مبلغ بسيط، وهذا كافٍ ليفرح الطفل. يضعه في جيبه، وهو حريص على ألّا تضيع منه.



يوميّاً، يركض من رصيف إلى آخر لتأمين المال. وخلال مسحه الزجاج، يتلفّت يميناً ويساراً خشية حضور القوى الأمنيّة إلى المكان وملاحقته. يشير إلى أنهم عادة ما يلاحقونه وغيره من الأطفال، الذين اختار بعضهم بيع المياه أو العلكة وغيرها. ورغم أن الخطر مستمرّ، إلّا أنه مضطر إلى المجازفة، لأنه لا خيار آخر أمامه إلا تأمين المال، خصوصاً أنّه لا يوجد مؤسسة تقدّم له العناية والدعم المادي والنفسي. أما والده، فهو عاجز عن تأمين احتياجاته الأساسية.

ورغم أنّه يبعد عن حلمه أكثر فأكثر، إلّا أنّه ما زال يرغب في أن يكون في المدرسة، حاله حال رفاقه. لكنّ ذلك صعب، بل مستحيل، لأنّ العائلة لا تملك المال. يقول لـ "العربي الجديد" إن والده لا يستطيع العمل لأنه يعاني من داء السكري، وليس لديه أشقاء، وقد توفيت والدته بعد مجيئهم إلى لبنان. لذلك، عليه أن يعمل لتأمين بدل إيجار الغرفة التي يسكن فيها ووالده، بالإضافة إلى الطعام والدواء.

يتابع أن والده يتولّى إعداد الطعام في البيت، خصوصاً أنه يخرج من الصباح الباكر من المنزل، ولا يعود إلّا عند غروب الشمس. يعمل طوال النهار ليحصل على خمسة عشر ألف ليرة لبنانية (عشرة دولارات)، وأحياناً أكثر أو أقل. يذكر الحرب في سورية جيّداً، ويقول إن "القنابل التي سقطت على بيتنا دمّرته. واليوم، لم يعد لدينا مسكن أو مدرسة أو وطن". أكثر من ذلك، "حرمتُ من أمي. أرغب في أن أكون على مقاعد الدراسة على غرار العديد من الأطفال. أتمنى أن تنتهي الحرب في سورية وأعود إلى حمص وألتحق بالمدرسة من جديد".

المساهمون