بعد خمس سنوات من اندلاع الثورة التونسية وفشل حكومي متتال في تحقيق العدالة الانتقالية، بات واضحا تنكر القوى السياسية في تونس لأيقونة الثورة ووقودها.
هؤلاء المستفيدون وعلى الرغم من أنهم حققوا أهدافهم - الحراك الحزبي - عن طريق هذه القوى وتضحياتها إلا أنهم على غرار النظام السابق يحاولون أن يجعلوا من هذه القوة "قوة خدومة لا أكثر" وواجهة دعائية لبرامجهم الانتخابية وديكورا لمحافلهم والورقة التي يسقطونها في حروبهم السلطوية.
ولعل ملف شهداء الثورة أكثر الملفات تجسيداً للجحود السياسي، فالملفات التي استغلتها الأحزاب في الدعايات الانتخابية أكثر من 80% منها تم غلقها وإطلاق سراح المتورطين فيها على غرار ملف شهداء الوردانين وشهداء الرقاب والمتهمين في قضية الشهيد سليم الحضري وأمين القرامي وهو ما أكدته ليلى حداد المحامية في هيئة الدفاع في قضايا شهداء وجرحى.
مؤسسات الدولة متورطة في محاولة دفن الملف وطمس ملامح الجريمة، بدءا بالمستشفيات، ذلك أن الجرحى أو الشهداء الذين سقطوا قبل تاريخ هروب بن علي، لم يتم تسليم ملفاتهم أو أي دليل على حوادث القتل والإصابات في ذلك التاريخ.
النيابة لم تفتح ملفات الشهداء، إلا الملفات التي تقدمت بها عائلاتهم في انتظار الإجابة عن سؤال "اشكون قتل أولادنا" لتبقى الحقيقة كل الحقيقة هي الهدف الأساسي لكل عائلات الجرحى والشهداء.
ولعل محمد الحنشي، الجريح الذي تحول إلى شهيد بفعل الإهمال والتجاهل الممارس من قبل مؤسسات الدولة ليلة 26 فبراير/شباط يجسد الصورة المثلى لهذا الجحود، ليقتل الشهيد مرتين.. مرة برصاص القناص ومرة بالتجاهل وعدم تلقي مساعدات في سبيل ضمان علاجه.
وفي سؤال لـ"جيل العربي الجديد" للمحامية ليلى حداد عن ملفات الشهداء وما وصلت إليه، قالت "ليس سهلا أن نختزل قضايا شهداء وجرحى الثورة التي امتدت أنفاسها طيلة خمس سنوات، وما زالت تقاوم في المحاكم العسكرية، وذلك بفضل استماتة عائلات الشهداء والجرحى في أن تناصر وتظل مرابطة في كل الجلسات من دون ملل أو إعياء، ولم تكن المسافات الفاصلة بينها وبين هذه المحاكم حاجزا، انطلقت القضايا في المحاكم العدلية، ثم في شهر مايو/أيار 2011 تم سحبها من القضاء المدني إلى القضاء العسكري وانطلقت المعاناة لعائلات الشهداء التي وجدت نفسها في محاكم اختصت سابقا في قضايا العسكر، دون سواها، واستمر التحقيق في جل القضايا من دون حضور محامي الضحايا، نظرا لتأخر تنقيح مجلة المرافعات العسكرية إلى حين الانتهاء من مرحلة التحقيق التي تم فيها إخفاء العديد والعديد من الأدلة وعدم القيام بتشريح طبي للضحايا والمعاينة الوطنية وغيرها من الأدلة الضرورية لمعرفة هوية القاتل، ولكن رغم ذلك تم نشر القضايا الخاصة بشهداء تالة والقصرين والقيروان والكاف، وفيها 23 شهيداً وأكثر من 700 جريح، والتي تم الحكم فيها في المحكمة العسكرية بالكاف على جملة القيادات الأمنية وقيادات ميدانية بتهمة القتل ومحاولة القتل وتراوحت بين 20 سنة وخمس سنوات سجنا، وكذلك كان الشأن في قضايا تونس الكبرى التي ضمت شهداء وجرحى خمس ولايات تونس وأريانة منوبة وبن عروس وبنزرت ونابل وزغوان وسوسة وليت تم الحكم فيها في محكمة العسكرية بتونس، أما قضايا دوز المتعلقة بالشهيد الدكتور حاتم بالطاهر والرقاب ودقاش وحامة فكانت من اختصاص المحكمة العسكرية بصفاقس وكانت الأحكام فيها جرعة أمل للعائلات، باعتبار أن الإدانة كانت بتهمة القتل العمد ومحاولة القتل العمد وتراوحت الأحكام بين 15 سنة وعشر سنوات، ولكن كان أكثر المتورطين بالقتل في حالة سراح رغم خطورة الجرائم، وكان لحضور النقابات الأمنية تأثير على سير القضايا، إضافة إلى الضغط الذي يمارس على المحاكم العسكرية، باعتبار أن المؤسسة العسكرية هي أيضا متورطة في قتل المتظاهرين وقد كانت أحكامها في خصوص منشوريا لم تتجاوز الشهرين مع عدم النفاذ أو خطايا مالية.
باستئناف القضايا تم تجميعها في محكمة الاستئناف العسكرية في تونس، وهناك بدأ عامل الزمن وهيمنة رأس المال الفاسد والإعلام الذي ساهم في تبييض نظام بن علي بشكل يومي، مع التعتيم على كل الاحتجاجات التي تقوم بها عائلات الشهداء والجرحى وغياب المجتمع المدني عن دوره الحقيقي في مساندة هذه القضية".
كما أكدت أن قضية الشهداء من أهم الملفات، لأنها الإدانة الأكيدة لنظام بن علي والمؤسسات الأمنية التي قتلت المدنيين، وأضافت "الثابت من خلال قضايا الشهداء من خلال المكالمات الهاتفية بين القيادات الأمنية والميدانية والتي تزامنت مع قتل المتظاهرين وشهادة الشهود من الأمنيين بحد ذاتهم، فإن الصفقة للأسف كانت أقوى من أن تسجل تونس بعد الثورة من خلال قضائها قطيعة مع قضاء التعليمات، ولقد كانت الأحكام صادمة خاصة الحكم يوم 12 إبريل/نيسان 2014 والذي من خلاله تم إطلاق سراح جميع المتورطين في القتل، واعتبار أن القتل هو مجرد اعتداء بالعنف نجم عنه موت.
وفي سؤال حول ما إذا تلقى الجرحى أي مساعدات للمداواة، خصوصا أن عدم إثبات جريمة القتل تجعل "التعويض" غير متاح، أكدت المحامية ليلى حداد أن ملف الجرحى والشهداء وقع استغلاله سياسيا، وأن الدولة أهملت ملف الجرحى، ولم يتم علاجهم، بل تم تخويفهم إلى أن أصبحت حالة البعض منهم صعبة، ومن بينهم محمد الحنشي الذي استشهد، وبترت رجل كل من مسلم قصد الله ووليد الكسراوي.
وأكدت المحامية في هيئة الدفاع عن جرحى وشهداء الثورة أن الأمر يزداد تعقيدا، خصوصا في ظل تدخل الأمنيين في طبيعة سير الملف، حيث قالت "مما زاد تعويم الملف وأصبح مطية لإدخال حالات الأمنيين، بل إن المكلفة مارست نوعاً من التنكيل تجاه أمهات الشهداء، وذلك بطردهم، حتى أنها لم تكلف نفسها زيارة عائلات الشهداء ومعرفة وضعهم، وتم رفض معالجة الجرحى، ولعل الجريح خالد بن نجمة صورة حقيقية للتنكيل بالجرحى في حكومات فضلت نهب الهبات والمساعدات والقروض بفضل الثورة التونسية على امتيازاتها الخاصة".
هؤلاء المستفيدون وعلى الرغم من أنهم حققوا أهدافهم - الحراك الحزبي - عن طريق هذه القوى وتضحياتها إلا أنهم على غرار النظام السابق يحاولون أن يجعلوا من هذه القوة "قوة خدومة لا أكثر" وواجهة دعائية لبرامجهم الانتخابية وديكورا لمحافلهم والورقة التي يسقطونها في حروبهم السلطوية.
ولعل ملف شهداء الثورة أكثر الملفات تجسيداً للجحود السياسي، فالملفات التي استغلتها الأحزاب في الدعايات الانتخابية أكثر من 80% منها تم غلقها وإطلاق سراح المتورطين فيها على غرار ملف شهداء الوردانين وشهداء الرقاب والمتهمين في قضية الشهيد سليم الحضري وأمين القرامي وهو ما أكدته ليلى حداد المحامية في هيئة الدفاع في قضايا شهداء وجرحى.
مؤسسات الدولة متورطة في محاولة دفن الملف وطمس ملامح الجريمة، بدءا بالمستشفيات، ذلك أن الجرحى أو الشهداء الذين سقطوا قبل تاريخ هروب بن علي، لم يتم تسليم ملفاتهم أو أي دليل على حوادث القتل والإصابات في ذلك التاريخ.
النيابة لم تفتح ملفات الشهداء، إلا الملفات التي تقدمت بها عائلاتهم في انتظار الإجابة عن سؤال "اشكون قتل أولادنا" لتبقى الحقيقة كل الحقيقة هي الهدف الأساسي لكل عائلات الجرحى والشهداء.
ولعل محمد الحنشي، الجريح الذي تحول إلى شهيد بفعل الإهمال والتجاهل الممارس من قبل مؤسسات الدولة ليلة 26 فبراير/شباط يجسد الصورة المثلى لهذا الجحود، ليقتل الشهيد مرتين.. مرة برصاص القناص ومرة بالتجاهل وعدم تلقي مساعدات في سبيل ضمان علاجه.
وفي سؤال لـ"جيل العربي الجديد" للمحامية ليلى حداد عن ملفات الشهداء وما وصلت إليه، قالت "ليس سهلا أن نختزل قضايا شهداء وجرحى الثورة التي امتدت أنفاسها طيلة خمس سنوات، وما زالت تقاوم في المحاكم العسكرية، وذلك بفضل استماتة عائلات الشهداء والجرحى في أن تناصر وتظل مرابطة في كل الجلسات من دون ملل أو إعياء، ولم تكن المسافات الفاصلة بينها وبين هذه المحاكم حاجزا، انطلقت القضايا في المحاكم العدلية، ثم في شهر مايو/أيار 2011 تم سحبها من القضاء المدني إلى القضاء العسكري وانطلقت المعاناة لعائلات الشهداء التي وجدت نفسها في محاكم اختصت سابقا في قضايا العسكر، دون سواها، واستمر التحقيق في جل القضايا من دون حضور محامي الضحايا، نظرا لتأخر تنقيح مجلة المرافعات العسكرية إلى حين الانتهاء من مرحلة التحقيق التي تم فيها إخفاء العديد والعديد من الأدلة وعدم القيام بتشريح طبي للضحايا والمعاينة الوطنية وغيرها من الأدلة الضرورية لمعرفة هوية القاتل، ولكن رغم ذلك تم نشر القضايا الخاصة بشهداء تالة والقصرين والقيروان والكاف، وفيها 23 شهيداً وأكثر من 700 جريح، والتي تم الحكم فيها في المحكمة العسكرية بالكاف على جملة القيادات الأمنية وقيادات ميدانية بتهمة القتل ومحاولة القتل وتراوحت بين 20 سنة وخمس سنوات سجنا، وكذلك كان الشأن في قضايا تونس الكبرى التي ضمت شهداء وجرحى خمس ولايات تونس وأريانة منوبة وبن عروس وبنزرت ونابل وزغوان وسوسة وليت تم الحكم فيها في محكمة العسكرية بتونس، أما قضايا دوز المتعلقة بالشهيد الدكتور حاتم بالطاهر والرقاب ودقاش وحامة فكانت من اختصاص المحكمة العسكرية بصفاقس وكانت الأحكام فيها جرعة أمل للعائلات، باعتبار أن الإدانة كانت بتهمة القتل العمد ومحاولة القتل العمد وتراوحت الأحكام بين 15 سنة وعشر سنوات، ولكن كان أكثر المتورطين بالقتل في حالة سراح رغم خطورة الجرائم، وكان لحضور النقابات الأمنية تأثير على سير القضايا، إضافة إلى الضغط الذي يمارس على المحاكم العسكرية، باعتبار أن المؤسسة العسكرية هي أيضا متورطة في قتل المتظاهرين وقد كانت أحكامها في خصوص منشوريا لم تتجاوز الشهرين مع عدم النفاذ أو خطايا مالية.
باستئناف القضايا تم تجميعها في محكمة الاستئناف العسكرية في تونس، وهناك بدأ عامل الزمن وهيمنة رأس المال الفاسد والإعلام الذي ساهم في تبييض نظام بن علي بشكل يومي، مع التعتيم على كل الاحتجاجات التي تقوم بها عائلات الشهداء والجرحى وغياب المجتمع المدني عن دوره الحقيقي في مساندة هذه القضية".
كما أكدت أن قضية الشهداء من أهم الملفات، لأنها الإدانة الأكيدة لنظام بن علي والمؤسسات الأمنية التي قتلت المدنيين، وأضافت "الثابت من خلال قضايا الشهداء من خلال المكالمات الهاتفية بين القيادات الأمنية والميدانية والتي تزامنت مع قتل المتظاهرين وشهادة الشهود من الأمنيين بحد ذاتهم، فإن الصفقة للأسف كانت أقوى من أن تسجل تونس بعد الثورة من خلال قضائها قطيعة مع قضاء التعليمات، ولقد كانت الأحكام صادمة خاصة الحكم يوم 12 إبريل/نيسان 2014 والذي من خلاله تم إطلاق سراح جميع المتورطين في القتل، واعتبار أن القتل هو مجرد اعتداء بالعنف نجم عنه موت.
وفي سؤال حول ما إذا تلقى الجرحى أي مساعدات للمداواة، خصوصا أن عدم إثبات جريمة القتل تجعل "التعويض" غير متاح، أكدت المحامية ليلى حداد أن ملف الجرحى والشهداء وقع استغلاله سياسيا، وأن الدولة أهملت ملف الجرحى، ولم يتم علاجهم، بل تم تخويفهم إلى أن أصبحت حالة البعض منهم صعبة، ومن بينهم محمد الحنشي الذي استشهد، وبترت رجل كل من مسلم قصد الله ووليد الكسراوي.
وأكدت المحامية في هيئة الدفاع عن جرحى وشهداء الثورة أن الأمر يزداد تعقيدا، خصوصا في ظل تدخل الأمنيين في طبيعة سير الملف، حيث قالت "مما زاد تعويم الملف وأصبح مطية لإدخال حالات الأمنيين، بل إن المكلفة مارست نوعاً من التنكيل تجاه أمهات الشهداء، وذلك بطردهم، حتى أنها لم تكلف نفسها زيارة عائلات الشهداء ومعرفة وضعهم، وتم رفض معالجة الجرحى، ولعل الجريح خالد بن نجمة صورة حقيقية للتنكيل بالجرحى في حكومات فضلت نهب الهبات والمساعدات والقروض بفضل الثورة التونسية على امتيازاتها الخاصة".
ليلى حداد أكدت أن ملف جرحى وشهداء الثورة التونسية ما زال مفتوحا وأن القضايا العادلة لا يمكن أن تموت، فرغم التعتيم الإعلامي ومحاولات دفن الملف وتناسيه إلا أن إصرار عائلات الجرحى والشهداء على معرفة الحقيقة وهيئة الدفاع يجعل الملف حيا وغير قابل للطي.
(تونس)