وبدأت الصحيفة، من محطة انتقاد الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال عصام الزامل، العام الماضي، خطة بن سلمان لعرض الأسهم على المستثمرين في شركة النفط الوطنية العملاقة "أرامكو"، مشيرة إلى أنّ زامل، أراد على الأقل، طرح نقاش عام حول الخطة، من خلال تغريداته على "تويتر"، غير أنّه "لا يوجد مكان لهذا النقاش العام في السعودية"، بحسب الصحيفة.
وذكّرت بأنّ الزامل، سرعان ما تمّ اعتقاله ضمن الحملة التي استهدفت عدداً من الصحافيين ورجال الدين والأكاديميين السعوديين وغيرهم، لافتة إلى أنّ الزامل، ورغم تراجع ولي العهد في النهاية عن خطته بشأن "أرامكو"، عوقب بشدة، واُتهم بالانتماء إلى "منظمة إرهابية"، والاجتماع مع أجانب ونشر تغريدات "ضارة بالنظام العام"، وهو لا يزال حالياً في السجن وراء القضبان.
وأشارت الصحيفة، إلى "النوع الجديد" من القمع، رغم كون السعودية، ملكية مطلقة لا تتسامح مع المعارضة، مذكّرة بأنّ حكام المملكة "لطالما قاموا بتقييد السلوك، وغالباً تحت تفسيرات شديدة للشريعة الإسلامية، ونفّذوا عقوبات بربرية".
ولفتت في هذا السياق، إلى المطالبات السابقة بشأن "المعاملة غير العادلة" التي لقيها المدون رائف بدوي المعتقل منذ عام 2012، والمحكوم عليه بالسجن 10 سنوات، لمنشوراته على الإنترنت التي طالب خلالها سلطات بلاده بممارسات أكثر اعتدالاً وتعددية، بينما كانت معاملة النظام له "غير متسامحة وقاسية"، وفق الصحيفة.
وقالت "واشنطن بوست"، إنّ النظام القديم في المملكة سمح بقنوات محدودة للتعبير عن الآراء، غير أنّه تم خنق هذه القنوات في عهد الملك سلمان الذي تولّى السلطة في عام 2015، وابنه محمد الذي أصبح ولياً للعهد في يونيو/حزيران 2017".
— Washington Post Opinions (@PostOpinions) October 19, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Washington Post Opinions (@PostOpinions) October 19, 2018
|
وأضافت أنّ "الحكام الجدد أعادو تنظيم المؤسسات، وصياغة قوانين مكافحة الإرهاب، لكسب مزيد من السلطة في قمع المعارضة وسجن الناس لفترات طويلة تحت أي ذريعة".
وذكّرت بأنّ ولي العهد أزاح ابن عمه الأمير محمد بن نايف، المسؤول عن وزارة الداخلية، وتم تجريد الوزارة من سلطاتها في الاستخبارات ومكافحة الإرهاب.
وحلّت مكان الوزارة، وكالة جديدة قوية هي "رئاسة أمن الدولة"، والتي ترفع تقاريرها مباشرة إلى الملك، ويمكنها إجراء "البحث والتحقيق والاستيلاء والملاحقة الجنائية والإدارية" دون إشراف قضائي، وفقاً لتقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ولفتت إلى أنّ جميع المحاكمات تقريباً للناشطين السياسيين، ونشطاء حقوق الإنسان، تم توجيهها من خلال المحكمة الجنائية المتخصصة، التي أنشئت أصلاً في عام 2008 للتعامل مع قضايا الإرهاب، حيث لا يتم غالباً توكيل محامين للمتهمين خلال مرحلة التحقيق، وتكون الاعتقالات بانتظار إجراء المحاكمة "تعسفية وطويلة الأمد".
وذكّرت الصحيفة، أنّ المملكة قامت، في أكتوبر/تشرين الأول 2017، بتحديث قانون مكافحة الإرهاب الخاص بها، والذي كان نطاقه واسعاً في الأصل، لإضافة مجموعة من "أسلاك التعقب" لتجريم حرية التعبير.
وذكرت على سبيل المثال، أنّه تمت توسعة تعريف الإرهاب ليشمل أولئك الذين "يصفون" الملك أو ولي العهد "بأي شكل من أشكال الهجوم على الدين أو العدالة".
كما توقفت الصحيفة عند محطة اعتقال الناشطات اللاتي كن يسعين، منذ فترة طويلة، وراء الحق في قيادة السيارة، وتغيير نظام الوصاية، مشيرة إلى أنّ ولي العهد الجديد "لم يكن ليتسامح مع أصواتهن"، إذ منح المرأة حق القيادة، ثم عاقب أولئك اللواتي سعين وراء تحقيق هذا الإصلاح.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ السجون في المملكة العربية السعودية، تكتظ الآن بأشخاص شملتهم حملة القمع التي أطلقها ولي العهد، من بينهم 11 من مؤسسي "الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية"، وحُكم عليهم بما مجموعه 200 عام تقريباً في السجن وحظر السفر.
وفي المجمل، وفق الصحيفة تم احتجاز أكثر من 400 شخص في عام 2017، وهو العام الأول من ولاية ولي العهد في منصبه، بينهم صحافيون ونشطاء ورجال دين ورجال أعمال.
وقالت "واشنطن بوست"، "هذه هي خلفية اختفاء جمال خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول، والمساهم في قسم الرأي العام في الصحيفة، الذي دخل القنصلية السعودية في إسطنبول، ولم يُشاهد منذ ذلك الحين".
ولفتت إلى أنّ خاشقجي كان مراقباً وناقداً لاذعاً لهذا التشدد، ووصف في مقالاته كيف احتفظ ولي العهد بـ"قائمة سوداء" تهدف إلى تعنيف وترهيب الكتاب الذين عرضوا أي انتقاد للنظام.
وختمت بالقول إنّ "خاشقجي أدرك أنّ جعل الناس أحراراً في التفكير والتعبير عن أنفسهم، سيكون مصدر قوة أكبر بكثير للمملكة العربية السعودية، من إسكاتهم وسجنهم واختطافهم... وقتلهم".