يتسارع الحراك الدبلوماسي الخاص بأزمة سد النهضة في مجلس الأمن وبين الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية في نيويورك، لا سيما بعد عقد اجتماع غير رسمي برئاسة فرنسا للدول أعضاء مجلس الأمن أمس الأول لمناقشة الخطابين المرسلين من مصر وإثيوبيا، ورغم أن الاجتماع لم يسفر عن اتخاذ قرارات، إلا أن مصر استطاعت دفع مشروع قرار إلى طاولة التفاوض عبر الولايات المتحدة ودول أخرى بالمجلس من غير الدول دائمة العضوية.
وكشف مصدر دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، أن مشروع القرار الذي ترغب مصر في تمريره ويحظى بدعم أميركي كبير يتضمن ثلاثة أقسام، موضحاً أن الأول يؤكد دعوة كلّ من مصر وإثيوبيا والسودان إلى استئناف المفاوضات الفنية للتوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بشكل مستديم يضمن مصالح الجميع ويمنع إلحاق الضرر بأي طرف.
أما القسم الثاني، فهو بحسب المصدر، يتضمن دعوة الدول إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي في حماية الحقوق المائية لجميع الدول المشاطئة للنيل الأزرق وأن يكون الاتفاق منظماً لآلية دائمة لفض النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف، أما القسم الثالث فيدعو جميع الأطراف - والمقصود بذلك إثيوبيا بالطبع - إلى عدم اتخاذ أي خطوات أحادية الجانب بشأن السد إلا بعد التوصل إلى اتفاق.
اقــرأ أيضاً
وأشار المصدر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن هناك "توافقاً واسعاً داخل مجلس الأمن على القسمين الأول والثاني من مشروع القرار، لكن بعض الدول - ومنها أعضاء دائمون - متحفظة على القسم الثالث الذي يؤدّي إلى منع إثيوبيا من الملء الأول العاجل للسد خلال الشهر المقبل دون التوصل إلى اتفاق، وهو الأمر الذي تحاول أديس أبابا ترويجه بين الدول الأعضاء من خلال تحركات واتصالات دبلوماسية مكثفة، مقابلة للتحركات المصرية الواسعة أيضاً"، والتي يصفها المصدر بأنها تتضمن "اتصالات على مدار الساعة، ولقاءات متكررة بين أعضاء الوفد المصري ووفود الدول الأعضاء".
وبيّن أن مصر طلبت من السودان إرسال مذكرة إلى مجلس الأمن بشأن النزاع لتأكيد إصرار الدولتين على القسم الثالث من مشروع القرار ورفض الملء الأول قبل التوصل إلى اتفاق، وأيضاً للبرهنة على جدية ووجاهة الطلب المصري المقدم في الشكوى، والتقليل من أثر خطاب الرد الإثيوبي الذي خلا من تفنيد النقاط الفنية التي أوضحتها مصر في خطابها وملحقاته، وركز بشكل أكبر على رواية المظلومية التاريخية لإثيوبيا ودول المنبع، والادعاء بأن الوضع في حوض النيل يتطلب إعادة لتوزيع الحصص المائية.
اقــرأ أيضاً
ولفت من جهة أخرى إلى أن القاهرة قلقة من موقف دول عدّة، من بينها الصين، والتي تشير الاتصالات الأخيرة معها إلى عدم تعاطيها بإيجابية مع الشواغل المصرية، وهو أمر يمكن تفسيره بسبب عمل شركتين صينيتين كبيرتين في السد وإبرام العديد من اتفاقيات التعاون مع إثيوبيا في مجالات التنمية المترتبة على المشروع، وهو أمر سبق أن ناقشته القاهرة مع بكين بصورة موسعة ولم تحصل على رد الفعل المرجو منها.
وبحسب بيانات سابقة للمسؤولين عن مشروع السد، فإن شركة "جيجوبا" الصينية، هي المسؤولة عن إنشاء الهياكل في الموقع، وشركة "سينوهيدرو" الصينية هي المسؤولة عن تجميع هياكل الصلب المستوردة وتكوين الوحدات الكهرومائية، وأن شركة "جي أو هيدرو" الفرنسية هي التي تقوم بتوريد وتشغيل المولدات والتوربينات.
وبالتزامن مع الجهود الدبلوماسية في نيويورك، فإن قنوات التواصل بين القاهرة وأديس أبابا عبر الخرطوم ما زالت قائمة، إذ ذكر المصدر أن مصر تتمسّك بعدم العودة إلى التفاوض إلا بعد كلمة مجلس الأمن، فيما تطالب إثيوبيا بإعطاء الفرق القانونية فرصة جديدة، ولا يعارضها السودان في ذلك.
يذكر أن إثيوبيا في خطابها إلى مجلس الأمن قد طالبت ضمنياً بإعادة محاصصة مياه النيل، تأكيداً لما نشره "العربي الجديد" الثلاثاء الماضي، على لسان مصدر سياسي إثيوبي مطلع كشف أن إثيوبيا تسعى إلى اقتران اتفاق الملء والتشغيل باتفاق جديد ينظم محاصصة جديدة لمياه النيل الأزرق، وبصورة "عادلة" تتعامل واقعياً مع استفادة مصر من كميات أكبر بكثير من حصتها المنصوص عليها، واستفادة السودان المتوقعة من كميات إضافية أيضاً حال البدء في ملء السد النهضة وتفعيل مصفوفات التدفق في حالتي الفيضان والشح المائي، وأنها تصر على أن يكون أي اتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة "استرشادياً" طالما استمرت مصر والسودان في تمسكهما باتفاق المحاصصة الموقع عام 1959 باعتبار أنه من المستحيل الوفاء بذلك التقسيم المائي في حالة الأخذ بأي مصفوفة من أي طرف تتعلق بتنظيم تدفق المياه من السد.
وحتى الآن؛ تستفيد مصر من فوائض الحصص أو بواقي الفيضان، ورغم أهميتها، فإن إثيوبيا والسودان يبالغان في تقدير كميتها ويعتبران أن مصر تستفيد منها بشكل كبير، وكانا يقولان خلال مفاوضات واشنطن إن مصر يصلها حالياً أكثر من 80 مليار متر مكعب، أي بأكثر من الحصة المنصوص عليها في اتفاقية 1959 مع السودان بواقع 30 ملياراً، وتجادل إثيوبيا بأن ملء بحيرة سد النهضة سيخفض الحصة المصرية (الفعلية) إلى رقم يتراوح بين 52 و55 مليار متر مكعب، شاملة بواقي الفيضان، مقابل ارتفاع نصيب الخرطوم الفعلي إلى ما يتراوح بين 18 و20 مليار متر مكعب، بدلاً من 8 مليارات كان منصوصاً عليها في اتفاقية 1959.
ويرفض السودان ومصر تلك الحسابات وذلك الاتجاه الإثيوبي، خاصة الخرطوم التي صرح مسؤولوها أكثر من مرة بعد فشل المفاوضات الفنية الأخيرة بأن الاتفاق المنشود لا يجوز أن يمتد لإعادة المحاصصة.
ووجهت إثيوبيا في خطابها إلى مجلس الأمن اتهامات عنيفة لمصر بممارسة الخداع والتضليل، مطالبة بإدراج اتفاقية 1959 في ملف الأزمة أمام مجلس الأمن، مدعية أن مصر لم تستأذنها عندما حولت مجرى النيل وأنشأت السد العالي مطلع ستينيات القرن الماضي، وأن مصر هي التي تتعمد اتخاذ قرارات أحادية، وحملتها مسؤولية إلحاق أي ضرر بالسلم والأمن في المنطقة، مدعية أنها هددت أكثر من مرة باستخدام العمل العسكري.
ولم تصدر مصر إشارات أو بيانات تهاجم الإثيوبيين وتلمح لاستخدام حلول غير دبلوماسية إلا في الأشهر الثلاثة الأخيرة بعد مقاطعتهم جولة مفاوضات واشنطن الأخيرة، كان أبرزها عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اجتماعاً في الثالث من مارس/ آذار الماضي بعدد كبير من القيادات العسكرية في مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع، على رأسهم وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي ورئيس الأركان الفريق محمد فريد حجازي، وتطرق البيان الرئاسي الصادر عن الاجتماع إلى "ضرورة التحلي بأعلى درجات الحيطة والحذر والاستعداد القتالي، وصولاً إلى أعلى درجات الجاهزية لتنفيذ أية مهام توكل إليهم لحماية أمن مصر القومي، وذلك في ظل التحديات الراهنة التي تموج بها المنطقة".
وتضمن خطاب السيسي، السبت الماضي، عبارات سلمية وودودة إزاء إثيوبيا التي سبق أن أعلن مسؤولوها الحرب ضمناً على مصر، تارة بإصرارهم على الملء الأول للسد دون اتفاق مسبق مع مصر وبما يسمح بإلحاق ضرر جسيم بها، وتارة أخرى بتصريحاتهم التصعيدية التي وصلت إلى حد تذكير المصريين بهزائم سابقة تعرضوا لها في الحبشة منتصف القرن التاسع عشر، بل إن السيسي قال وهو يستعرض جنود المنطقة الغربية العسكرية: "منذ اللحظة الأولى حرصنا على المسار التفاوضي، وعندما تحركنا إلى مجلس الأمن كان بهدف اتباع المسار الدبلوماسي والسياسي حتى نهايته"، مفضلاً التركيز على ليبيا في باقي خطابه الذي امتد 40 دقيقة.
وكشف مصدر دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، أن مشروع القرار الذي ترغب مصر في تمريره ويحظى بدعم أميركي كبير يتضمن ثلاثة أقسام، موضحاً أن الأول يؤكد دعوة كلّ من مصر وإثيوبيا والسودان إلى استئناف المفاوضات الفنية للتوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بشكل مستديم يضمن مصالح الجميع ويمنع إلحاق الضرر بأي طرف.
أما القسم الثاني، فهو بحسب المصدر، يتضمن دعوة الدول إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي في حماية الحقوق المائية لجميع الدول المشاطئة للنيل الأزرق وأن يكون الاتفاق منظماً لآلية دائمة لفض النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف، أما القسم الثالث فيدعو جميع الأطراف - والمقصود بذلك إثيوبيا بالطبع - إلى عدم اتخاذ أي خطوات أحادية الجانب بشأن السد إلا بعد التوصل إلى اتفاق.
وبيّن أن مصر طلبت من السودان إرسال مذكرة إلى مجلس الأمن بشأن النزاع لتأكيد إصرار الدولتين على القسم الثالث من مشروع القرار ورفض الملء الأول قبل التوصل إلى اتفاق، وأيضاً للبرهنة على جدية ووجاهة الطلب المصري المقدم في الشكوى، والتقليل من أثر خطاب الرد الإثيوبي الذي خلا من تفنيد النقاط الفنية التي أوضحتها مصر في خطابها وملحقاته، وركز بشكل أكبر على رواية المظلومية التاريخية لإثيوبيا ودول المنبع، والادعاء بأن الوضع في حوض النيل يتطلب إعادة لتوزيع الحصص المائية.
وبحسب بيانات سابقة للمسؤولين عن مشروع السد، فإن شركة "جيجوبا" الصينية، هي المسؤولة عن إنشاء الهياكل في الموقع، وشركة "سينوهيدرو" الصينية هي المسؤولة عن تجميع هياكل الصلب المستوردة وتكوين الوحدات الكهرومائية، وأن شركة "جي أو هيدرو" الفرنسية هي التي تقوم بتوريد وتشغيل المولدات والتوربينات.
وبالتزامن مع الجهود الدبلوماسية في نيويورك، فإن قنوات التواصل بين القاهرة وأديس أبابا عبر الخرطوم ما زالت قائمة، إذ ذكر المصدر أن مصر تتمسّك بعدم العودة إلى التفاوض إلا بعد كلمة مجلس الأمن، فيما تطالب إثيوبيا بإعطاء الفرق القانونية فرصة جديدة، ولا يعارضها السودان في ذلك.
يذكر أن إثيوبيا في خطابها إلى مجلس الأمن قد طالبت ضمنياً بإعادة محاصصة مياه النيل، تأكيداً لما نشره "العربي الجديد" الثلاثاء الماضي، على لسان مصدر سياسي إثيوبي مطلع كشف أن إثيوبيا تسعى إلى اقتران اتفاق الملء والتشغيل باتفاق جديد ينظم محاصصة جديدة لمياه النيل الأزرق، وبصورة "عادلة" تتعامل واقعياً مع استفادة مصر من كميات أكبر بكثير من حصتها المنصوص عليها، واستفادة السودان المتوقعة من كميات إضافية أيضاً حال البدء في ملء السد النهضة وتفعيل مصفوفات التدفق في حالتي الفيضان والشح المائي، وأنها تصر على أن يكون أي اتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة "استرشادياً" طالما استمرت مصر والسودان في تمسكهما باتفاق المحاصصة الموقع عام 1959 باعتبار أنه من المستحيل الوفاء بذلك التقسيم المائي في حالة الأخذ بأي مصفوفة من أي طرف تتعلق بتنظيم تدفق المياه من السد.
وحتى الآن؛ تستفيد مصر من فوائض الحصص أو بواقي الفيضان، ورغم أهميتها، فإن إثيوبيا والسودان يبالغان في تقدير كميتها ويعتبران أن مصر تستفيد منها بشكل كبير، وكانا يقولان خلال مفاوضات واشنطن إن مصر يصلها حالياً أكثر من 80 مليار متر مكعب، أي بأكثر من الحصة المنصوص عليها في اتفاقية 1959 مع السودان بواقع 30 ملياراً، وتجادل إثيوبيا بأن ملء بحيرة سد النهضة سيخفض الحصة المصرية (الفعلية) إلى رقم يتراوح بين 52 و55 مليار متر مكعب، شاملة بواقي الفيضان، مقابل ارتفاع نصيب الخرطوم الفعلي إلى ما يتراوح بين 18 و20 مليار متر مكعب، بدلاً من 8 مليارات كان منصوصاً عليها في اتفاقية 1959.
ويرفض السودان ومصر تلك الحسابات وذلك الاتجاه الإثيوبي، خاصة الخرطوم التي صرح مسؤولوها أكثر من مرة بعد فشل المفاوضات الفنية الأخيرة بأن الاتفاق المنشود لا يجوز أن يمتد لإعادة المحاصصة.
ووجهت إثيوبيا في خطابها إلى مجلس الأمن اتهامات عنيفة لمصر بممارسة الخداع والتضليل، مطالبة بإدراج اتفاقية 1959 في ملف الأزمة أمام مجلس الأمن، مدعية أن مصر لم تستأذنها عندما حولت مجرى النيل وأنشأت السد العالي مطلع ستينيات القرن الماضي، وأن مصر هي التي تتعمد اتخاذ قرارات أحادية، وحملتها مسؤولية إلحاق أي ضرر بالسلم والأمن في المنطقة، مدعية أنها هددت أكثر من مرة باستخدام العمل العسكري.
ولم تصدر مصر إشارات أو بيانات تهاجم الإثيوبيين وتلمح لاستخدام حلول غير دبلوماسية إلا في الأشهر الثلاثة الأخيرة بعد مقاطعتهم جولة مفاوضات واشنطن الأخيرة، كان أبرزها عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اجتماعاً في الثالث من مارس/ آذار الماضي بعدد كبير من القيادات العسكرية في مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع، على رأسهم وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي ورئيس الأركان الفريق محمد فريد حجازي، وتطرق البيان الرئاسي الصادر عن الاجتماع إلى "ضرورة التحلي بأعلى درجات الحيطة والحذر والاستعداد القتالي، وصولاً إلى أعلى درجات الجاهزية لتنفيذ أية مهام توكل إليهم لحماية أمن مصر القومي، وذلك في ظل التحديات الراهنة التي تموج بها المنطقة".
وتضمن خطاب السيسي، السبت الماضي، عبارات سلمية وودودة إزاء إثيوبيا التي سبق أن أعلن مسؤولوها الحرب ضمناً على مصر، تارة بإصرارهم على الملء الأول للسد دون اتفاق مسبق مع مصر وبما يسمح بإلحاق ضرر جسيم بها، وتارة أخرى بتصريحاتهم التصعيدية التي وصلت إلى حد تذكير المصريين بهزائم سابقة تعرضوا لها في الحبشة منتصف القرن التاسع عشر، بل إن السيسي قال وهو يستعرض جنود المنطقة الغربية العسكرية: "منذ اللحظة الأولى حرصنا على المسار التفاوضي، وعندما تحركنا إلى مجلس الأمن كان بهدف اتباع المسار الدبلوماسي والسياسي حتى نهايته"، مفضلاً التركيز على ليبيا في باقي خطابه الذي امتد 40 دقيقة.