المراقب للوضع العراقي يُدرك بكل سهولة، أنَّ الأوضاع وصلت فيه إلى طريق مسدود على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما أن الوضع الأمني بات معروفاً للجميع ولا حاجة للدخول في تفاصيله. وما يجري في العراق الآن، هو وصف كامل لما سبق أن توقعناه واستشرفناه لمآل العملية السياسية. وهذه نتيجة طبيعية ومنطقية للأسس التي بُنيت عليها العملية السياسية من محاصصة طائفية وعرقية، في ظلّ استخدام آليات الإقصاء والإبعاد والتهميش، والاعتماد على الطارئين من الخارج لإدارة شؤون البلاد ونهب المال العام. بالإضافة إلى استخدام القوة المفرطة في تصفية الخصوم والمعارضين، والتوافق بين الأحزاب السياسية الطائفية وغيرها، بعيداً عن الإرادة الحقيقية للشعب العراقي. وتكمن المشكلة في الأصل بالدستور، الذي هو أساس كل المشاكل في العراق بعد الاحتلال الأميركي في عام 2003.
وأدى كل ذلك إلى خروج مئات الآلاف من شباب العراق في المحافظات الوسطى والجنوبية، للتعبير عن رفضهم للأوضاع التي وصل إليها العراق. وهذا بحدّ ذاته دليلٌ كافٍ على أن هؤلاء المفترض أن يكونوا القاعدة الانتخابية للأحزاب السياسية المهيمنة على الحكم في بغداد، قد وصلوا أخيراً إلى نقطة عدم الاقتناع بالنظام السياسي القائم.
كما أن شعارات هذه التظاهرات واضحة وصريحة وقد بدأت بالخدمات ثم انتقلت إلى الفساد، وها هي تصل أخيراً إلى محطة انتقاد الوضع السياسي القائم برمته والدعوة إلى تغييره. وهذا ما سبق لنا أن ذكرناه سابقاً وكررناه في مؤتمر الوفاق في العاصمة المصرية القاهرة عامي 2005 و2006. وها نحن بعد عشر سنوات نرى كثيرين قد وصلوا إلى ما قلناه سابقاً، بل يتسابقون في إظهار مساوئ العملية السياسية، ولا نجد عبارة قلناها سابقاً، إلّا وهي على لسان أحد السياسيين حالياً. وإذ بهم جميعاً يعودون إلى المربع الأول، الذي كانوا يتهموننا فيه بأننا نحاول العودة إليه، ويصفونه بأنه أمر مستحيل بحجة أن العجلة قد دارت، ولكنهم هذه المرة يعودون إليه ليس بمحض إرادتهم وإنما تحت ضغط الجماهير.
* الملف الإنساني سيئ جداً كيف ترون تعامل الحكومة معه؟
هذا فصل جديد من معاناة العراقيين الإنسانية منذ عام 2003، واتخذت هذه المأساة أشكالاً وألواناً متعددة. وفي كل مرحلة زمنية من مراحل الصراع مع المحتلّ وعمليته السياسية، يحصل نوع من المعاناة الإنسانية عبر التهجير والنزوح والاستهداف والطرد من الأرض والتغيير الديموغرافي. غير أن ما يجري الآن، هو الفصل الأكبر والأضخم من فصول هذه المأساة، لأن ملايين الناس نزحوا أو أُجبروا على الهجرة، فضلاً عن استهداف لون محدد من السكان.
وأسباب ما حصل كثيرة، في مقدمتها: فشل العملية السياسية، وغياب الاستقرار الأمني، فضلاً عن عدم قدرة الحكومة أساساً على درء أي أذى أو منع حصول أي مشكلة إنسانية في العراق. كما تدير الحكومة شؤون العراقيين بروحية طائفية، فمشكلة أربعة ملايين نازح من لون معيّن، عملت الحكومات المتعاقبة في ظل الاحتلال على إقصائه وتهميشه أمر متوقع من هكذا حكومة، فالتمييز الطائفي ما زال مستمراً وبأعلى درجاته. والدليل على ذلك هي طريقة التعامل العنصرية مع النازحين، وموضوع الكفيل في دخول بغداد. أما الإهمال وعدم الاهتمام الحقيقي بالنازحين وعدم توفير المستلزمات اللازمة لهم وعدم متابعة أحوالهم، فهذا أمر لا يحتاج إلى أدلة. قد يقولون: "فعلنا وقدمنا، وهناك إجراءات"، ولكن هذه الإجراءات لا تتوازى أبداً مع حجم ما هو واقع على الأرض.
اقرأ أيضاً: قطر تحتضن مشاورات لـ"المصالحة الوطنية" العراقية
* عادت مجدداً التصريحات الأميركية والعراقية حول تقسيم العراق إلى أقاليم. كيف ترون ذلك؟
أرى أنّ الدعوة إلى تقسيم العراق إلى أقاليم قد فقدت وهجها المخادع الآن، وخفتت داخل أوساط دعاة الأقاليم أنفسهم إلى حدّ ما، بسبب عدم قدرتهم على تحقيقها على الأرض، وبقائها دعوة سياسية وإعلامية بالدرجة الأولى. لكنها نشطت هذه المرة في أوساط أميركية وغربية أخرى، في محاولة واضحة جداً لإعادة إلهائنا وإشغالنا بهذا الموضوع. وهنا أنبّه إلى نقطة مهمة، فلو كانت هناك إمكانية لإقامة إقليمٍ، لأُقيم منذ سنوات، غير أنه لا يوجد قرار إقليمي أو دولي إلى الآن بإقامة أقاليم أخرى في العراق. وأغلب من يطالب به أو يدعو إليه، يستخدمه كورقة سياسية.
ونحن نرفض منطق الأقاليم لأنها تقوم على أسس طائفية وعرقية، وسيؤدي هذا إلى تقسيم العراق، وإذا كانت الدعوة إلى إنشاء الأقاليم تحقق ما يتمناه البعض من أمن وسلام وحماية الأنفس والدماء والأعراض والأموال فهذا أمر لا ينكره عاقل، لكن التجارب السابقة في تاريخ الأمم، والتجارب الموجودة داخل العراق، تدلّ على ذلك. ومثال هذا عدد من المحافظات الست الثائرة، التي هي أشبه بأقاليم غير معلنة.
ولو أخذنا محافظة الأنبار كمثال، فهي أشبه بإقليم ولها حكومة إدارية، كما أن لديها محافظ ومجلس محافظة ومجالس محلية، وكلهم من أبناء المحافظة ولديها ميزانية وتدير أمورها بنفسها، أو هكذا يفترض. لكنها لا تستطيع أن تحمي نفسها من أي طارئ، فالملف الأمني بيد حكومة بغداد، خصوصاً أن حكومة المحافظة لم تستطع أن تحمي حتى المتظاهرين من أبنائها السلميين خلال مرحلة الاعتصامات 2013، ثم تحوّلت إلى ساحة حرب ونزح كثير من أهلها.
ولنفترض أنَّ الإقليم كان قائماً وحصلت المشكلة ووقعت الحرب، فهل سيستطيع الإقليم حماية مواطنيه من ويلاتها؟ عدا عن ذلك، فإن الموانع الاقتصادية والاجتماعية والخلافات السياسية المتوقعة داخل حدود الإقليم المقترح، ستكون متعددة. وهنا ينبغي التنبيه على أمر مهم، وهو أننا عندما نرفض الإقليم لأنه يؤدي بالنتيجة إلى التقسيم، فإننا نعارض في الوقت نفسه سياسات الحكومة القائمة في بغداد، في محاولاتها للهيمنة على العراق ووضع الأمور كلها في يدها. لأننا نرفض المركزية ذات الأبعاد السياسية الخاصة بها. ورفضنا للأقاليم لا ينسجم ولا يتفق تماماً مع توجهات الحكومة في رفضها المماثل، لأنَّ الحكومة ترفض الأقاليم لسبب ونحن نرفضها لأسباب. هي ترفضها بسبب اعتبارها العراق صيداً ثميناً في يدها ولا يمكن أن تتركه، كما تراه من زاوية الرغبة الإيرانية في الهيمنة عليه كله.
تريد الحكومة عراقاً موحّداً خاضعاً للنفوذ الإيراني، لا عراقاً موحّداً حراً سيد نفسه، فضلاً عن سعيها لضمان التواصل الجغرافي مع سورية وغيرها، التي تملك طهران فيها مصالح ومشاريع غير خافية، وتعمل حكومة بغداد على تحقيق قسم منها بالنيابة. وشتّان ما بين وحدة العراق التي ندعو إليها وبين وحدة العراق تحت العلم والخيمة الإيرانية.
* كيف ترون الزيارات المتكررة من زعامات سنية عراقية إلى طهران خلال الفترة القريبة الماضية؟
الحقيقة أن لا فرق كبيراً بين ما مضى وما هو حاصل الآن. الفارق فقط هو أنَّ الزيارات كانت سرية من قبل وباتت الآن علنية. وحطّم هؤلاء جدار الخجل، وبدأوا يتهافتون على زيارة طهران لأهداف تتعلق بتوافقات العملية السياسية وضرورات أخذ الأذونات والموافقات في مختلف الملفات العراقية الداخلية. والزيارات إلى إيران تأتي في إطار الجهود الإيرانية المتواصلة منذ عقود لترسيخ هيمنتها ووجودها في المنطقة وتغذية عناصر بقاء الإمبراطورية الإيرانية ذات البُعد الديني المذهبي الطائفي المُعلن، والبعد الإيراني القومي المضمر. والمشكلة في هذا الأمر أنَّ إيران في طموحها لأن تكون دولة كبرى أو مهيمنة في المنطقة، وسعيها لبناء الإمبراطورية الإيرانية، تتجاهل عن عمد وقصد، مصالح شعوب ودول المنطقة، وتتعاون بكل براغماتية مع التوجهات المصلحية الغربية في المنطقة، وإن كانت تعلن غير ذلك. وآثار هذا ظاهرة في العراق وسورية واليمن ولبنان وغيرها.
* هل تشمل سياسة إيران المصلحية مع الغرب إسرائيل؟
إنّ السياسة المصلحية الإيرانية التي تتخذ اللباس الطائفي في العراق وألبسة أخرى في غيره، تتفق بالنتيجة والمحصّلة مع الأهداف التوسعية للكيان الصهيوني، لأن كلا الطرفين، اتفقا أو لم يتفقا، يقومان بإشغال المنطقة بخلافات جانبية وتفصيلية. وجميعنا يعلم أنَّ سياسة الكيان الصهيوني المعروفة، هي إشغال المنطقة بخلافاتها من أجل الحفاظ على أمنه، وهذا ما يحصل الآن.
* كيف ترون الحلّ في العراق؟
الحل الأمني ليس علاجاً حاسماً في العراق، لأنَّ العلاج فيه وفي غيره في مثل هذه المشاكل، له مستويان: المستوى الأول هو المستوى الأمني، إذ لا يُمكن أن تحلّ قضية بهذا التعقيد إلّا إذا كانت هناك قوة كبيرة تفرض إرادتها على الأرض وتحسم الأمور لصالحها، وهذا غير حاصل الآن. والمستوى الثاني هو السياسي الذي يجب معالجته من جذور المشكلة، فبقاء جذور هذه العملية، يعني ألّا أمل في أي جهود تُبذل.
ونحن في الهيئة، نرى بأنَّ هناك طائفية سياسية في العراق لها جذور طائفية حقيقية عند الأحزاب والقوى الطائفية الحاكمة، التي عملت مع قوات الاحتلال على تعميق البعد الطائفي في المجتمع، للإيحاء بأنَّ هناك طائفية مجتمعية في العراق. والمشكلة الخطيرة هي في استخدام البعد المذهبي للوصول لأهداف سياسية. ومن هنا كنا نقول في الهيئة دائماً: إنَّ الطائفية في العراق هي طائفية سياسية، وأنَّ المشكلة هي مشكلة سياسية في الدرجة الأساس. ولكن كيف تُحلّ هذه المشكلة السياسية، هل تحل بإصلاحات وهمية ترقيعية؟
اقرأ أيضاً: هجرة العراقيين بين الموت و"التقفيص"
* ماذا عن مشروع "العراق الجامع"؟
المبادرة عراقية أولاً وآخراً، ليست مذهبية ولا طائفية ولا عرقية ولا ترقيعية، وهي غير موجهة للنظام السياسي الحالي في العراق، كما فهم بعضهم أو حاول أن يفهمها بعض آخر، وذلك لأن هذا النظام لا يُرجى إصلاحه، وإنما هي موجهة للقوى العراقية الحية، المناهضة للواقع السياسي الحالي وعمليته السياسية.
واقترحنا في المبادرة أربع آليات للعمل الوطني، وهي التشاور مع القوى المناهضة للعملية السياسية، وعقد لقاءات وندوات وحوارات بين نخب المجتمع لتبادل الآراء ووجهات النظر، ولعلّ التظاهرات وما يجري فيها هي نوع من هذه الأنواع. والدعوة إلى تكتل واجتماع بعض القوى في عناوين وأطر أكبر، وعقد مؤتمر وطني عام تجتمع فيه كل هذه القوى تحت عنوان واحد، لتسهيل التعامل مع كل الأطراف وقطع حجج المتحججين بأنَّ هذه القوى مشتتة، ومن ثم إعلان ميثاق وطني توضح فيه هذه القوى رؤيتها للحل.
* نفهم منكم أنه لا نية لأي حوار مع النظام؟
نعم لا يمكن ذلك، لأنه نظام سياسي لا يرجى إصلاحه وما زال يمارس السياسات القديمة نفسها، ويسعى مستميتاً لجلب بعض الأسماء الجديدة لترقيع العملية السياسية، للخلاص من الأزمة الحالية الكبيرة التي يمر بها بسبب حملة الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي تواجهه.
* هل سيكون مشروعكم تأسيسي لمرحلة مقبلة؟
نعم إنَّ مشروعنا هو قاعدة تأسيس لمرحلة مقبلة، بالتعاون مع القوى الأخرى المناهضة للنظام السياسي القائم. وهذا ما قلناه في نصّ المبادرة، ونحن لسنا أوصياء كي نقيم مشروعاً لوحدنا ولكننا ندعو القوى الأخرى، من منطلق الإحساس بالمسؤولية، إلى الاجتماع من أجل بناء قاعدة أساسية لمشروع عتيد، نفتح بواسطته باب أمل للعراقيين.
وسنعمل على إنضاج هذا المشروع وإيصاله إلى بر الأمان، ونستقبل كل العراقيين بغض النظر عن الدين والعرق والمذهب والفكر، في إطار ثوابت المشروع الوطني ومحددات المحافظة على مصالح العراق والعراقيين الحقيقية وليست المتوهمة. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنَّ الذين حضروا المؤتمر الصحافي لإعلان إطلاق المبادرة كانوا من مختلف الأعراق والأطياف والتوجهات السياسية، من عرب وأكراد وتركمان، سنّة وشيعة، إسلاميون وعلمانيون. وقد حضرت التيارات القومية العربية والحزب الشيوعي، الذي كان ممثلاً بجناحه الوطني الذي لم يدخل العملية السياسية والتيارات القومية العربية، فضلاً عن مجالس العشائر من الجنوب وغيره، ونخب مجتمعية من التكنوقراط والشباب والنساء والإعلاميين، وكذلك ممثلون لعدد من فصائل المقاومة، وضباط سابقون في الجيش. وحضره كذلك ممثلون عن الفعاليات الوطنية العراقية في أوروبا، وبعض الأصدقاء من الناشطين الغربيين في منظمات وجمعيات مناهضة الاحتلال ودعم العراق، ومنظمة "محكمة بروكسل" البلجيكية وإحدى المنظمات الإسبانية.
* ما هي الخطوة الثانية التي ستعقب إعلان مبادرتكم هذه؟
التشاور وفقاً للخطوة الثانية في المبادرة، وقد بدأت هذه المرحلة داخل العراق وخارجه.
* ما هي فائدة مشروعكم للمواطن العراقي؟
فائدة المشروع للمواطن العراقي أنه في مرحلة فشل العملية السياسية الواضح، ومطالبة الجماهير بالتغيير، تعلن القوى المناهضة للاحتلال عن جمع نفسها في إطار جامع لاستغلال هذه الفرصة التي قد تنبّه المجتمع الدولي إلى فشل العملية السياسية، وحدوث متغيّرات في المنطقة وفي الإقليم تتيح، كما قلنا في نص المبادرة، أن يلتفت إليها قبل فوات الأوان.
اقرأ أيضاً: "ثورة مضادة" لإجهاض تظاهرات العراق
* في أي سياق تضعون طرحكم؟
لم نطرح أنفسنا يوماً بأننا نمثل الشارع السني، وخطابنا منذ اليوم الأول يندرج تحت عنوان "هيئة علماء المسلمين"، وهي هيئة شرعية تتكلم بخطاب عراقي جامع لكل العراقيين، وإن كنا سنّة، فهذا واقعنا كما للآخرين واقعهم الذي لا يُمكن الانسلاخ عنه. ونحن لا نرى أنَّ هناك تعارضاً بين ما هو سنّي وما هو وطني، لأنَّ الأصل في أن يتكلم السنّي، عربياً كان أم كردياً أم تركمانياً بخطاب وطني، وكذلك ينبغي أن يفعل الشيعي والمسيحي والصابئي وغيرهم. والعبرة هي في التطبيق. ونحن كهيئة نتكلم بلسان عراقي صرف. وهذا لا يعني، كما يتوهّم البعض، تجاهل مطالب السنّة. نحن لسنا "هيئة سنية"، بحسب الوصف الذي تطلقه وسائل الإعلام الحكومية وغيرها علينا من أجل دمغنا بوسم الطائفية، بل نحن هيئة عراقية.
* هل تعارض هيئة علماء المسلمين العملية السياسية لأنها وليدة الاحتلال أم بسبب أسلوبها وطريقة إدارة البلاد من خلال هذه العملية؟
كلا الأمرين معاً، لأنَّهما يكمّلان بعضهما البعض. وعندما نقول: إننا نعارض العملية السياسية لأنها وليدة الاحتلال، فلأننا نعرف تماماً بأنه لا يمكن للاحتلال أن يأتي بخير لشعبٍ احتله. ولنفترض أننا أخطأنا، أفلا يثبت الواقع المتردي للعملية السياسية صحة ما قلناه؟
* البعض يصفكم بالمتزمتين في رفضكم التعامل مع النظام الحالي فكيف تردون؟
سمعنا هذا الكلام كثيراً وما زلنا نسمعه ولا يهمنا، لكننا نسأل: كيف يُمكن ألا نعارض نظاماً يدعو فيه مسؤولون أميركيون، ومنهم قائد جيش الاحتلال في العراق رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة السابق جون أوديرنو، إلى تقسيم البلاد؟ أليس هناك واقع سياسي ودولة ديمقراطية معترف بها؟ فلماذا الدعوة إلى التقسيم إذن؟
* ما هو رأيكم بإصلاحات رئيس الحكومة حيدر العبادي الأخيرة؟
ما يُسمّى بـ"الإصلاحات" هي مجرد خطوة اضطرارية لا اختيارية، لإنقاذ العملية السياسية الحالية وتفادي أزمة كبيرة، وصدّ الموجة العاتية التي ستقتلع أسس هذا النظام السياسي. والدليل على ذلك اتفاقهم جميعاً في مجلس النواب العراقي على الموافقة على الإصلاحات سلّة واحدة، بينما كان بند صغير في ثنايا قانون ما يثير خلافات دامية ويقيم الدنيا ولا يقعدها. لماذا اتفقوا جميعاً وسكتت الكتل على تنحية بعض قياداتها من مناصبهم؟ لقد أيقنوا أنَّ هناك موجة عاصفة ستطيح بالعملية السياسية إن لم ينحنوا لها قليلاً. فضلاً عن ذلك التدخلات الأميركية والإيرانية والنصائح في هذا المجال ومحاولة دعم حكومة العبادي لتجاوز الأزمة، فجاءت هذه الإصلاحات الخادعة التي لن تغيّر من الواقع شيئاً، فالفساد المستشري في بنية العملية السياسية بالكلية، والأحزاب الطائفية التي تحكم، يمكن إصلاحه بجرة قلم أو بإصلاحات وقرارات شكلية، فالقضية تحتاج إلى عقود وعقود لإصلاح الخلل، فيما لو كانت هناك حكومة عراقية وطنية ترعى مصالح العراق والعراقيين بشكل صحيح.
* كيف تردون على دعوة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم للمعارضين للمشاركة في الانتخابات المقبلة؟
لن ندخل لا نحن ولا غيرنا في أي انتخابات في ظل النظام السياسي القائم، لأنه لن يستطيع أحد أن يحدث أي تغيير، فآلية النظام السياسي وعمليته السياسية وإجراءاتها وانتخاباتها مصممة خصيصاً لإبقاء من فيها الآن في سدة الحكم وتبادل الأدوار في ما بينهم.
اقرأ أيضاً: ذكرى سرسم: لا خيار أمام الحكومة العراقية سوى الإصلاح