متى أكون شركسياً؟

26 أكتوبر 2015
"أنا هنا"، أحمد علي/ سورية
+ الخط -

عالم الفضائيات تزحمه اللغات.. والمزعج أنك لا تجيد كل هذه اللغات لتتابع ما يقارب 2000 قناة فضائية حتى لو كنت عصفوراً من عصافير الفولغا التي يقال إنّها تجيد حتى اللغات المندثرة. وبالتالي قد تشعر باليأس وتتساءل: ما فائدة كل هذه الثروة من الشاشات؟

للخلاص من كل هذا الثراء الثقيل، اقترحتُ على نفسي فكرة أن لا ضرورة لزيارة عالم الفضائيات الشبيه بسفينة نوح؛ مائجة بالخلق وصنوف الكائنات ومئات الحجرات واللغات.

يمكنني أن أتعلّم لغةً أو اثنتين أو حتى ثلاثاً أو أربعاً، وتكون كافية؛ تلك هي لغة الموسيقى والمعمار والتشكيل ولغة الجسد، أي اللغات التي لا تتغير أبجدياتها مع تغير الأمكنة والأزمنة.

يكفي أن أحضر كمشاهد حفلة فلامنكو فأكون إسبانياً، ويكفي أن أتفرّج على رقصة قوقازية فأكون شركسياً، ولكي أكون هندياً يكفيني التحديق براقصات المعابد بعد أن انتقلن إلى المسارح، أما إذا استمعتُ إلى أوبرا إيطالية فسأكون فوراً من آكلي المعكرونة الأصليين، وسأفهم الألمانية فور أن أشاهد أوركسترا برلينية تعزف إحدى سيمفونيات بتهوفن.

إذن لن يكون هذا الثراء ثقيلاً، ولن يدفعني إلى الحيرة والبكاء مثل طفل يعجز عن الاختيار أمام الكثرة الكاثرة من هدايا عيد ميلاده، وسأقول مع زوربا اليوناني لكل من يتحدث ولا أفهم لغته :"ليتك ترقص ما تقول أو تغنيه.. وسأفهم!".

دلالات
المساهمون