كشف مسؤول محلي عراقي، أمس، عن عمليات فساد وتجاوز على أملاك العراقيين المسيحيين في بغداد، مؤكداً أن 70 في المائة من منازل المسيحيين المهاجرين خارج البلاد بعد الاحتلال، تم الاستيلاء عليها من قبل جهات لم يسمها، وقامت بتزوير سندات العقارات لغرض بيع تلك الدور بأسعار خيالية.
وقال عضو مجلس محافظة بغداد، محمد الربيعي، إن "70 في المائة من بيوت المسيحيين المهاجرين في بغداد تم الاستيلاء عليها من قبل جهات متنفذة، غالبيتها منازل وعقارات وشركات تابعة لهم، ومصالح تجارية مختلفة، من خلال تزوير ملفاتها في دوائر التسجيل العقاري ووزارتي المالية والبلديات، وتغيير أسماء العراقيين المسيحيين إلى أسماء تلك الجهات النافذة بالسلطة العراقية الجديدة".
وأوضح الربيعي، في حديث لتلفزيون محلي عراقي، أن "غالبية تلك الممتلكات تقع في محلات بغدادية عريقة بقلب بغداد، أهمها محلة 906 و904 و902 في شارع الصناعة، وسط بغداد والكرادة ومنطقة بغداد الجديدة"، مؤكداً أن هذه الأعمال جرت من قبل جهات وأحزاب موجودة حالياً بالعملية السياسية.
وتحدى الربيعي ما وصفه بأي "مسؤول في الحكومة أن يظهر ويتحدث في هكذا ملفات فساد، لأن من يقوم بمثل هذه الأعمال لا يفرّق نفسه عن داعش الإرهابي، الذي يستولي على منازل المدنيين الأبرياء في نينوى، خصوصاً المسيحيين في نينوى، ويكتب عليها عقارات "الدولة الإسلامية" (داعش)"، مطالباً بفتح "تحقيق في هذا الموضوع والكشف عن الجهات التي تقوم به".
ودفعت تصريحات المسؤول العراقي بمجلس القضاء الأعلى إلى فتح ملف الاستيلاء على أملاك وعقارات المواطنين في بغداد خصوصاً المسيحيين. وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس، عبدالستار البيرقدار، لـ"العربي الجديد"، إن "مجلس القضاء يفتح تحقيقاً في الملف، ولن يتهاون مع أي جهة تورطت بالجريمة مهما كان موقعها واسمها". وأوضح البيرقدار: "ندعو جميع العراقيين المسيحيين خارج العراق إلى التواصل مع مجلس القضاء الأعلى وتقديم شكاواهم في حال كانوا ضحية أي تلاعب أو سلب لممتلكاتهم".
وأكد البيرقدار أن "أي شكوى ستُعامل بأهمية من قبل القضاء، ويمكن للذين تعرضوا للتهديد أو الابتزاز مقابل بيع ممتلكاتهم تقديم شكوى أيضاً ضمن قانون بطلان البيع في مثل تلك الحالات". وأشار إلى أنه "اذا ثبتت عائدية العقار لشخص خارج العراق وتم الاستيلاء عليه، فالمحكمة تتخذ إجراءاتها بإصدار أوامر قبض بحق الشاغلين وفق المادة 438 من قانون العقوبات ويتم تدوين أقوالهم".
وأضاف المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى أن السلطات القضائية تنسّق مع قوات الأمن وتقوم بإعلان تدعو فيه "من فقد عقاره لمراجعتنا".
اقرأ أيضاً: التغريبة العربية..النزوح يخلق "مدن الأشباح" في العراق
ويقول أحد المتضررين المسيحيين، ويدعى نينوس سركون، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الأوضاع غير المستقرة بعد عام 2003، والاستهدافات المتكررة في بغداد وباقي المحافظات ضد المسيحيين، جعلتنا نترك منزلنا في منطقة أبو أقلام بحي الكرادة وسط بغداد، وحين عدت بغرض بيع منزلي، حاولت أن أفتح باب المنزل، وإذا بالأبواب جميعها قد تغيّرت، وخرج لي أحد الغرباء وقال لي من أنت، قلت له أنا صاحب المنزل، فطردني من منزلي، وأنا أمتلك كافة الأوراق التي تدل على أنني صاحب الملك والبيت، وطلب مني الرحيل وقال لي إنه اشترى المنزل بمبلغ 350 مليون دينار عراقي، وسجلت شكوى في مركز الشرطة. وبين الشرطة والقضاء، ما زالت القضية تراوح مكانها. وتعرضت لتهديد من مجموعة مسلحة كي أغادر العراق مجدداً".
وتساءل: "ما الفرق بين الذين سرقوا منزلي وبين داعش سوى أن الأول يرتدي ربطة عنق ويحتل منصباً بالسلطة والثاني لم يستحم منذ شهر".
اقرأ أيضاً: وحدات مسلّحة للمسيحيين شمالي العراق لمواجهة "داعش"
في السياق، يقول الناشط المدني توماس صليوا، لـ"العربي الجديد"، إن "ما يجري اليوم في العراق، من الاستيلاء على بيوت المسيحيين، يقع ضمن حملة منظمة تقودها جهات سياسية مرتبطة بأحزاب متنفذة، وجميع ممتلكات المسيحيين تلاشت، حتى أن الدير الذي يختصر ذكريات طفولتنا ببغداد تحوّل إلى وقف ديني باسم والدة أحد السياسيين المعروفين، وكانت حجته أن الأرض تعود لأجداده، وأن (الرئيس العراقي الأسبق) صدام حسين طردهم من العراق، وهذا كذب؛ فقد بات أي سياسي يريد السيطرة على شيء يقول إنه له، وإن صدام سلبه منه ويكتب قطعة باتت معروفة لأهل بغداد تحمل عبارة (عاد الحق لأهله)"، مشيراً إلى أن كشف أحد المسؤولين لهذه الجرائم بعد كل هذه السنوات قد يكون لتضارب مصالح أو تصفية حسابات شخصية.