متحف السكك الحديدية في مصر

10 ابريل 2017
يمتاز المتحف من الداخل بالأناقة والنظافة (Getty)
+ الخط -
في ميدان رمسيس (ميدان باب الحديد سابقاً) الذي لا يهدأ، وسط العاصمة المصريّة القاهرة المزدحمة بملايين البشر، تقف محطة السكك الحديدية التي تبدأ منها العاصمة، ويدور حولها الناس والمركبات. وفي آخر مبنى المحطة، ومن دون لافتة مضيئة أو علامة كبيرة، يقع متحف السكك الحديدية في مكان ناءٍ لا يمر فيه أحد إلا نادراً، فالمكان بعيد جداً عن أماكن سير المشاة، وقد يمر عليه قليل من الناس دون أن يلحظوا وجوده.
متحف سكك حديد مصر أنشأه الملك فؤاد الأول في أكتوبر/ تشرين الأوّل عام 1932، بعد 77 عاماً من دخول القطارات الحديدية إلى مصر، وقد وافق افتتاحه مناسبة عالمية، وهي انعقاد المؤتمر العالمي للسكك الحديدية في القاهرة التي كانت آنذاك مصنفة بأنها واحدة من أجمل مدن العالم.
لا يقتصر المتحف على السكك الحديدية والقطارات فقط، بل يقدم نحو 700 نموذج وصورة تضم وسائل نقل مختلفة من الدواب والسيارات والسفن، أما المعروضات ذات الصلة بالسكك الحديدية فهي كثيرة جداً، مثل التذاكر والمطابع الأولى التي استخدمت في إصدارها، وأدوات المحصل (الكمساري) في تعليم التذاكر بالقطار، والكتب التي تتحدث عن إنشاء السكك الحديدية وإدارتها عبر الزمن.
يمتاز المتحف من الداخل بالأناقة والنظافة، وهما عنصران قلما نجدهما في القاهرة الآن. وهو مكون من طابقين؛ الأول يقابلك فيه موظفو الأمن وأجهزة التفتيش، إذ يتوسطون قاعتين كبيرتين، واحدة على يمين الداخل بها قطعتان أصليتان، الأولى لإحدى قاطرات الجيل الأول العتيق للسكك الحديدية، والقاطرة الخاصة بالخديوي سعيد مؤسس السكك الحديدية المصرية، وهي تحفة فنية لا تزال تزهو بنقوشها الذهبية، وكانت فرنسا قد أهدتها له عام 1862.
في القاعة المقابلة نماذج وقطع أثرية وأشكال تبيّن تركيب عربات القطارات في ذلك الزمان، وأجزاء من القطارات، كفوانيس الإضاءة بالبترول وآلات الفرامل والأمان. كذلك يوجد نموذج لسفينة خشبية قديمة استخدمت للنقل بالنيل في عهد الملك منقرع سنة 2000 قبل الميلاد، وصور مختلفة للقطارات البخارية التي استمرّت لفترة طويلة قبل دخول قاطرات الاحتراق الداخلي بديلاً عنها.
ويعرض المتحف أيضاً مجموعة كبيرة من النماذج تشرح تطورات القاطرات الأولى في العالم ومصر، من بينها نموذج لأول فكرة قاطرة ظهرت في عام 1783، وأخرى لأول قاطرة سارت في مصر عام 1854، وثالثة بالحجم الطبيعي مشطورة إلى شطرين تبيّن جميع الأجزاء للقاطرة، وأيضاً نماذج للقاطرات والعربات والصالونات الخاصة المختلفة قديمها وحديثها، والتي تبين تطور السكك الحديدية المصرية منذ إنشائها سنة 1854، حتى أحدث قاطرات الديزل الكهربائي.
من أهم المقتنيات في المتحف العَقد الأصلي الذي وقعه الخديوي عباس الأول في 1951 مع روبرت ستيفنسون لإنشاء خط سكك حديدية بين القاهرة والإسكندرية بطول 209 كيلومترات، وبقيمة 56 ألف جنيه إنكليزي. وتوجد وثائق في المتحف تؤكد أن صاحب فكرة السكك الحديدية كان محمد علي باشا الكبير عام 1843.
يصل بين طابقي المتحف سلم موضوع في منتصفه تمثال لفؤاد الأول، وفي بداية السلم ونهايته مجموعة صور لملوك أسرة محمد علي الذين عاصروا إنشاء المتحف والسكة الحديدية. في الطابق الثاني، توجد قاعتان أيضاً، في اليمنى منهما نماذج لمحطات السكة الحديد القديمة تبين مدى الأناقة والنظافة والترتيب التي كانت عليها قبل عصور القبح الإسمنتي، وفي القاعة الثانية توجد مطابع التذاكر القديمة.
من المقتنيات المتحفية أيضاً نموذج متحرك كبير يعمل بالكهرباء، يصور حركة القطارات والأنفاق والكباري المعلقة والمتحركة التابعة للسكك الحديدية، ويجري تشغيله لكبار الزوار فقط. ولن تفوت الزائر رؤية لوحة بالقاعة العلوية توضح كمَّ التدمير الذي حدث للممتلكات التاريخية للسكك الحديدية، فاللوحة فيها صور للعربات التي كانت مخصصة للأسرة المالكة قبل تحويلها إلى عربات للأكل يستمتع بها الضباط بعد سنة 1952.




المساهمون