مبادرة مصالحة فتح وحماس: هل ينجح الضغط الشعبي والفصائلي؟

24 سبتمبر 2019
شكوك حول قدرة الفصائل على الضغط على الطرفين(عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
مع إطلاق مبادرتها لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، تسعى ثمانية فصائل فلسطينية لإدخال نفسها في أتون محاولة، هي الأولى بشكل رسمي، لحل الصراع الداخلي المستمر منذ العام 2007، ولم تنجح في إنهائه حوارات مطولة جرت بشكل ثنائي بين حركتي فتح وحماس، وجماعي شاركت فيها كافة الفصائل. وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديمقراطية، فضلاً عن حزب الشعب والمبادرة الوطنية وحزب فدا والصاعقة والجبهة الشعبية ــ القيادة العامة، في مؤتمر صحافي، أمس الإثنين،عن رؤية لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، والتي ترتكز على اتفاقيات المصالحة المبرمة بين حركتي فتح وحماس، والموقَّع عليها من جانب الفصائل منذ 2005 وحتى 2017.


وقال مسؤول حركة المبادرة الوطنية في غزة، عائد ياغي، في المؤتمر الصحافي الذي عقدته الفصائل الفلسطينية في المدينة، إن الرؤية ترتكز على اتفاقات القاهرة، أعوام 2005 و2011 و2017، إلى جانب اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني المنعقد في بيروت في العام 2017. وتتضمن الرؤية الوطنية التي أعدّتها الفصائل الفلسطينية عقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية القاهرة، بحضور الرئيس محمود عباس خلال أكتوبر/تشرين الأول المقبل، للاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير هذه المرحلة حتى إجراء الانتخابات الشاملة، بحسب ياغي.

وسلمت الفصائل المبادرة في وقت سابق لقيادتَي حركتي حماس وفتح ووفد المخابرات المصرية، وأرسلت نسخة منها إلى الجامعة العربية، في مسعى لتحويلها منطلقاً حقيقياً في سبيل إنجاز المصالحة، خصوصاً مع التحديات الكبرى التي تعيشها القضية الفلسطينية.

وقال مصدر في حماس، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحركة تدرس المبادرة الوطنية وسترد عليها في وقت لاحق. ولم يتسن الحصول على موقف من حركة فتح في غزة على المبادرة التي بدأت أطرها التنظيمية العليا في دراستها. غير أنّ الشكوك تحوم حول قدرة الفصائل على تشكيل عامل ضغط على طرفي الانقسام من أجل المضي قدماً في المصالحة، خصوصاً في ظل "الفشل" المصري في تحقيق المصالحة وتجاوز نقاط الخلاف بين حماس وفتح.

ويُخشى من أنّ تكون العوامل الخارجية، خصوصاً الموقف الإسرائيلي من المصالحة الفلسطينية، عامل تفجير للمبادرة، في ظل خشية الفصائل من التهديدات الإسرائيلية بابتلاع مزيد من الأرض في الأغوار والضفة الغربية المحتلة لصالح المستوطنات والخشية المتزايدة من فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن". والقضية الفلسطينية في وقتها الراهن، بحاجة إلى وحدة موقف سياسي، خصوصاً مع وضوح نية الأطراف الضاغطة الوصول إلى حل يُنهي القضية الفلسطينية ويحيل حلم الدولة المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 إلى "حلم أبدي".

ويقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خضر حبيب، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه على طرفي الانقسام التحلي بالحرص الوطني من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام، في ضوء المؤامرات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية ومحاولات تصفيتها. ويضيف أن "التحديات القائمة حالياً في وجه القضية الفلسطينية تعتبر دافعاً مهماً لطرفي الانقسام، من أجل تجاوز هذه المرحلة، وإعادة الوحدة للشعب الفلسطيني من أجل مقاومة المشروع الإسرائيلي التصفوي".


وبحسب القيادي في "الجهاد"، تتضمن تحركات الفصائل الثمانية فعاليات شعبية وجماهيرية، ولقاءات مع شرائح، كالمثقفين والأكاديميين والوجهاء والعشائر، للضغط على حركتي فتح وحماس لتمرير الرؤية الوطنية وتنفيذها من أجل تحقيق المصالحة. ويشير حبيب إلى أنه تم توزيع الرؤية، التي اتفقت عليها الفصائل، على أطراف عدة، من ضمنها المصريون والجامعة العربية والرئيس الفلسطيني ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ونسخة إلى حركة فتح، بالإضافة إلى أطراف أخرى مختلفة.

ولم تصدر الفصائل الفلسطينية، التي عملت على إعداد الرؤية الوطنية، أية ردود حتى اللحظة بشأنها، كونها لا تزال في المراحل الأولى من عملية عرضها على مختلف الفئات والشرائح في المجتمع الفلسطيني، إلى جانب توزيعها على أطراف خارجية مختلفة، وفقاً لحبيب.

من جانبه، يوضح عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومسؤول فرعها في قطاع غزة، جميل مزهر، لـ"العربي الجديد"، أن الوقت قد حان لتمرير الرؤية الوطنية لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، اعتماداً على الضغط الشعبي والجماهيري، ومحاولة فرضها عبر مجهود متواصل. ويقول مزهر إن "الفصائل ستعمل بكل طاقتها وجهدها وبشكل متواصل، ولن تكتفي بالإعلان فقط عن الرؤية الوطنية، وستكون هناك لقاءات شعبية وجماهيرية تتوج بمليونية الوحدة الوطنية، من أجل إنهاء الانقسام الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني". ويشدد على أن "القوى الثماني ستمارس دور الوساطة بين طرفي الانقسام الفلسطيني، سواء عبر الاتصالات أو الضغط الشعبي، واستخدام كافة الوسائل لجلب الجميع إلى طاولة الحوار الوطني". وعن إمكانية أن تعلن الفصائل الفلسطينية الثمانية الطرف المعطل لتنفيذ المصالحة الفلسطينية، كشف مزهر أنه في حال استدعى الأمر ذلك، فإن الفصائل ستعلنه رسمياً، وستمارس كل أشكال الضغط لتنفيذ رؤيتها للمصالحة بعد أكثر من 12 عاماً على الانقسام.

المساهمون