ما سرّ اختفاء 660 مليار دولار من صافي الاستثمارات في بريطانيا؟

23 أكتوبر 2017
تنقيح البيانات يظهر حقائق مختلفة (فرانس برس)
+ الخط -
ما قصة فقدان حوالى 660 مليار دولار من صافي حجم الاستثمار الدولي في بريطانيا؟ سؤال ضجت به الأسواق البريطانية خلال اليومين الماضيين، يظهر من خلال تتبع القصة منذ البداية حتى نشر التوضيحات الرسمية اليوم من المكتب الوطني للإحصاءات في المملكة المتحدة.

فقد نشر موقع "ذا تليغراف" البريطاني، يوم الخميس الماضي، خبراً بعنوان: "كيف لبلد أن يفقد نصف تريليون جنيه في ليلة واحدة؟". يشير الخبر إلى أن 500 مليار جنيه اختفت أو هكذا أظهرت مراجعة البيانات الرسمية. 


ويتابع التقرير، إنه ساد اعتقاد، خلال العام الماضي، أن المستثمرين البريطانيين عززوا الإنفاق في الخارج، مما أعطى بريطانيا دفعة مطمئنة في مقابل الاضطرابات الاقتصادية والسياسية، حيث تحول صافي الاستثمار الدولي الى إيجابي للمرة الأولى منذ الأزمة المالية عام 2008.


إلا أن التنقيحات التي أجراها مكتب الإحصاءات الوطنية تشير إلى أن الاعتقاد السابق كان وهماً. وبشكل غير متوقع، لا يزال حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة المتحدة يفوق الاستثمارات البريطانية في الخارج.


وصافي حجم الاستثمار الدولي يقيس مساهمات المستثمرين البريطانيين في الأصول الأجنبية، مطروحاً منه المبلغ الذي يضعه المستثمرون الأجانب في أصول المملكة المتحدة. ويمكن أن تشمل السندات والأسهم والمصانع والمنازل والمشتقات وأي استثمارات أخرى. والمبالغ الإجمالية لحجم الاستثمار الدولي الصافي تعتبر ضخمة، إذ تفوق الاستثمارات بالاتجاهين 10.5 تريليونات جنيه استرليني.


وبلغت الأصول المملوكة للمملكة المتحدة في الخارج ذروتها بقيمة 11.4 تريليون جنيه في أواخر عام 2008، وارتدت إلى حوالى 10 تريليونات جنيه ثم إلى 11 تريليون منذ ذلك الحين. وفي الوقت نفسه، بلغت الأصول المملوكة للأجانب في المملكة المتحدة ذروتها بقيمة 11.6 تريليون جنيه في عام 2011.


والنتيجة هي أن صافي حجم الاستثمار تاريخياً كان عادة إما سلبياً أو نحو الصفر، حيث تفوق الأصول المملوكة للأجانب في المملكة المتحدة الأصول المملوكة للمملكة المتحدة في الخارج.


في حين أن هذا قد يبدو شيئاً سيئاً، فإنه يعكس جاذبية أصول المملكة المتحدة، وفق التقرير. فخلال أزمة منطقة اليورو، على سبيل المثال، كان ينظر إلى بريطانيا في كثير من الأحيان على أنها ملاذاً آمناً من قبل المستثمرين الدوليين. ونتيجة لذلك، كانت بريطانيا مستقبلاً مفضلاً لتدفقات الاستثمار الدولي.


ويشرح التقرير، كانت بريطانيا فجأة لديها تصنيف "إيجابي" في صافي حجم الاستثمار بقيمة  470 مليار جنيه لعام 2016. وفجأة أيضاً، قام مركز الإحصاءات أخيراً بتنقيح الأرقام ليلغي التصنيف الإيجابي الكبير، ويحوله إلى رقم سلبي صغير.

وتظهر البيانات المنقحة وفق التقرير، أن هناك بالفعل تحولاً كبيراً في التصنيف هذا في عام 2016، ولكن من قاعدة أقل بكثير مما كان مذكوراً في قاعدة البيانات. إذ بدلاً من الذهاب من -86.4 مليار جنيه إلى 437.3 مليار جنيه، فإن الأرقام اختلفت بحيث أصبحت تراجعاً في "السلبية" من 468.5 مليار جنيه إلى 21.3 ملياراً.


وفي ما يتعلق بهذا التغيير، يشرح التقرير أنه كان هناك المزيد من الاستثمارات الأجنبية في المملكة المتحدة وأقل منه في الاستثمار البريطاني في الخارج. وكان أحد العوامل التي أدت إلى زيادة الاستثمار الأجنبي في المملكة المتحدة حصول صفقات محددة وكبيرة العام الماضي. وحدث تنقيح آخر من قبل الهيئة الوطنية للإحصاء طاول الطريقة التي تحسب الفائدة على سندات الشركات.

كما كان للتغيرات في أنماط الاستثمار أثر، وقد دفعت زيادة مستويات الاستثمار في الأموال المعيارية إلى زيادة الأموال الدولية عما كان متوقعاً في أسهم المملكة المتحدة. ونتيجة لذلك، انخفض صافي تصنيف الاستثمار الدولي.

دافع مكتب الإحصاءات البريطانية عن بياناته، وقال نائب رئيس المكتب "جوناثان آثو" في تغريدة على تويتر: "هل تم فقدان 500 مليار جنيه؟ كلا، أما الجواب الطويل فهو: الأمر معقد".


ونشر آثو تدوينة قال فيها، إنه تم تحديث تقديرات صافي الاستثمارات الدولية في المملكة المتحدة ليشمل بيانات جديدة حول ممتلكات الأسهم والسندات ودمج عمليات الاستحواذ الأجنبية الكبرى، ما يجعلها تقدماً قياساً أفضل. 

وهذا يعني أن رصيد عام 2016 الخاص بالأصول المحتفظ بها في الخارج من قبل المقيمين في المملكة المتحدة مقابل تلك التي يحتفظ بها في الداخل من قبل المقيمين في الخارج تم تعديله بشكل أقل، وهو الآن ناقص حوالى 20 مليار جنيه إسترليني مقارنة مع 470 مليار جنيه إسترليني سابقاً. 

وأضاف أن ذلك لا يعني وجود أموال مفقودة، ولكن يعني أن هناك زيادة طفيفة في الأصول المملوكة من قبل المستثمرين الأجانب مقارنة بتقديراتهم الأصلية.

(العربي الجديد)

المساهمون