ما دلالات تسليم قوات حفتر عشماوي للقاهرة؟

30 مايو 2019
تقول قوات حفتر إنها حققت مع عشماوي (تويتر)
+ الخط -
أثار تسليم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المفاجئ لضابط الجيش المصري المفصول، هشام عشماوي، للسلطات المصرية، تساؤلات حول دلالة توقيت التسليم، وعلاقتها بموقف حفتر العسكري والسياسي بعد انكسار حملته العسكرية على العاصمة طرابلس.

وأعلنت قيادة قوات حفتر، أمس الأول الثلاثاء، عن تسليم عشماوي للسلطات المصرية، عقب زيارة مفاجئة غير معلن عنها لرئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل لحفتر في مقره العسكري بالمرج شرق البلاد، دون الإعلان عن تفاصيل الزيارة المفاجئة.

وقال آمر إدارة التوجيه المعنوي بقيادة قوات حفتر، خالد المحجوب، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أمس الأربعاء، إن "تسليم عشماوي للسلطات المصرية جاء وفق اتفاقيات التعاون الأمني المشترك بين البلدين"، مؤكداً أن تسليمه "جاء بعد التحقيق معه بسبب تورطه في قضايا قتل وجرائم إرهابية".

وفي القاهرة، احتفى الإعلام الرسمي المصري، بعد تسلم عشماوي، بما وصفه بـ"الإنجاز الكبير للحكومة المصرية"، كما نقل الإعلام المقرب من حفتر عن ضباط قواته، تأكيدهم على "التعاون الأمني المشترك مع الشقيقة مصر".

ورجح الكاتب الصحافي الليبي، مصعب الزهاري، حصول صفقة بين حفتر والقاهرة مرتبطة بمستجدات الأوضاع التي خلفتها حملة اللواء المتقاعد على العاصمة طرابلس، مشيراً إلى أنها "قد تكون على علاقة بوعود مصرية لحشد مزيد من الدعم لحملة حفتر على طرابلس".

ورأى الزهاري، لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث عن وجود اتفاقات أمنية بين حفتر ونظام السيسي أمرٌ يضحك، فحفتر لا يعدو كونه منفذاً لأوامر السيسي، وليس في مستوى شراكة مع الأجهزة الأمنية المصرية"، مؤكداً أن مصر اختارت أن تمارس بعض الضغوط على حفتر وإعادته لبيت الطاعة في ظروفه العصيبة التي يعيشها جنوب طرابلس.

واعتبر الزهاري أن زيارة حفتر للسيسي مرتين مؤخراً في أقل من أسبوعين "تشير إلى فتور في العلاقة، وأن القاهرة أدارت لحفتر ظهرها رغم استمرار التصريحات الرسمية لدعمه، فمما لا شك فيه أن الموقف المصري من الهجوم على طرابلس يتنافى تماماً مع الموقف الإماراتي الداعم لهذا الهجوم"، لافتاً الى أن تسليم العشماوي سعى لاسترضاء القاهرة.

في المقابل، اعتبر عبد الرحيم بشير، مدير مركز الليبي للبحوث والتنمية السياسية (أهلي) أن "للأمر علاقة بتراجع قناعة أطراف دولية فاعلة في الملف الليبي بشعار الإرهاب الذي يقاتل حفتر تحته".

وناقش بشير القضية في بعدها المتعلق بتراجع قناعة أطراف دولية بأسباب الحرب التي أطلقها حفتر على العاصمة، قائلاً  لـ"العربي الجديد" إنه "بعد قرابة الشهرين، لم ير العالم إرهابيين يقاتلون حفتر في العاصمة عكس ما يدعي حفتر، وبالتالي عليه بمساعدة شركائه المصريين تجديد علاقته بمكافحة الإرهاب"، معتبراً أن الضجة الإعلامية التي أحدثت تزامناً مع تسليم عشماوي أضخم من الحدث بكثير.

وتابع "في تقديري أن حفتر يعاني أزمة سياسية رفقة فشله العسكري في اقتحام طرابلس، وعليه وشركائه، خصوصاً مصر بثقلها الدولي والإقليمي، البحث عن تأييد أوسع ولفت أنظار العالم الى مشاركة حفتر في الحرب على الإرهاب".

كما رأى بشير أن موعد التسليم على علاقة بالقمتين الخليجية والعربية الطارئتين واللتين دعت إليهما السعودية، الحليف الآخر لحفتر، مقابل مساعي حكومة الوفاق لحشد موقف مغاربي أثبتته زيارات السراج لتونس والجزائر، واللتين تقفان موقفا معارضاً لحرب حفتر على طرابلس.

وكانت قوات حفتر أعلنت القبض على عشماوي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلال عملياتها العسكرية في مدينة درنة شرق البلاد، كما أعلنت حينها أنها باشرت معه التحقيق.
 
لكن الزهاري تساءل عن "نتائج تلك التحقيقات، إذ إن قادة قوات حفتر أكدوا أن تسليمه جاء بعد اكتمال التحقيق معه، فمن الطبيعي أن يحاكم العشماوي في ليبيا، وإذا كان لم يعرض على المحكمة، يعني أن لا جرم يدينه، وإلا فإن سلطات حفتر فرطت في حقوق الناس الذين تأذوا من عمليات عشماوي". وأعرب المحلل الليبي عن اعتقاده أنه "ببساطة حفتر يتودد للسيسي بعد وعود الأخير له بحشد المزيد من الدعم السياسي لحملته على طرابلس، فموقف حفتر صعب جداً الآن".

ويتفق الزهاري وبشير على أن قضية تسليم عشماوي "أحيطت بالكثير من التهويل، وأعطيت حجماً أكبر مما تستحق". واختتم بشير حديثه بالقول "لم نر نظاماً عسكرياً حفظ للمدنيين حقوقهم من الإرهاب، ولن يكون السيسي وحفتر استثناءين، وأعمالهما منظورة للجميع".
دلالات
المساهمون