ما تأثيرات حظر السلاح الأوروبي على العملية التركية بسورية؟

14 أكتوبر 2019
تعتمد تركيا على صناعات عسكرية محلية (أوزكان بيلغين/ الأناضول)
+ الخط -

بعد إطلاق تركيا لعمليتها العسكرية في شمالي شرق سورية ضد "قوات سورية الديمقراطية" الأربعاء الماضي، ردت دول أوروبية بفرض حظر بيع السلاح إلى تركيا، للضغط عليها لوقف عمليتها العسكرية، ومن بينها دول كبرى كألمانيا وفرنسا، انضمت إلى كل من السويد وهولندا وفنلندا والنرويج، لتطرح هذه الخطوة تساؤلات عن تأثير هذا التطور على العملية التركية وفعاليتها في الضغط على أنقرة لإيقاف الهجوم الذي أسفر حتى الآن عن سيطرة القوات التركية على عشرات القرى والبلدات في مناطق شرقي الفرات خلال بضعة أيام.

تركيا التي عملت في السنوات الأخيرة على تطوير الإنتاج الدفاعي الداخلي، تحاول تلبية كافة احتياجاتها في العمليات العسكرية الأخيرة من إنتاجها المحلي، وهو ما تم في عملياتها السابقة في "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، إذ تم الاعتماد بنسبة كبيرة على الإنتاج المحلي، الأمر الذي وفّر استقلالية للقرار التركي في تلك العمليات من دون تأثيرات خارجية. ولكن انضمام فرنسا وألمانيا لقرار حظر تصدير السلاح، وهما دولتان كبيرتان على مستوى إنتاج السلاح في العالم، يلقي الضوء على حجم الاستيراد التركي من السلاح من تلك البلدان، ومدى تأثير ذلك على قرار أنقرة وسير معركة شرقي الفرات، فيما تشير المعطيات إلى أن الخطوات الأوروبية هذه تفتقد لتأثير كبير، نظراً لانخفاض حجم استيراد أنقرة للسلاح من تلك البلدان.

واستوردت تركيا في الفترة بين عامي 2008 و2017 سلاحاً بأكثر من 7 مليارات دولارات من الخارج، غير أنها لم تشتر أي مستلزمات دفاعية مهمة من هولندا وفنلندا، فيما استوردت في الفترة ذاتها من النرويج ما قيمته 12 مليون دولار كمنتجات صناعية دفاعية، وفق ما نقل الإعلام التركي عن معهد استوكهولم للسلام، في تقرير يشمل الفترة من 2008 إلى 2017. في وقت بلغت فيه قيمة الواردات من فرنسا 23 مليون دولار في الفترة نفسها، على الرغم من أن أنقرة تشتري صواريخ مضادة للدبابات من باريس، ولكن حجم استيرادها كان قليلاً.

أما حجم ما استوردته أنقرة من برلين من سلاح خلال 9 سنوات فبلغ ما قيمته 757 مليون دولار، ولكن 90 في المائة من هذه الأسلحة كان ما بين عامي 2008 و2013، وهو التاريخ الذي بدأ فيه التباعد التركي الأوروبي على وقع تصاعد الأزمات الداخلية التركية، التي عدّتها أوروبا تجاوزات من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم على الحريات وحقوق الإنسان، في حين بلغ حجم شراء الأسلحة في السنوات الخمس الأخيرة من ألمانيا لوحدها ما بين 15 و30 مليون دولار فقط.



ولعل هذه الأرقام إذا ما قورنت بحجم الاستيراد التركي من الأسلحة في 9 سنوات والبالغ 7.6 مليارات دولار، تعتبر قليلة جداً ولا تؤثر على القرار التركي، وتقلل من قيمة الخطوة الأوروبية، إذ تستورد تركيا 60 في المائة من أسلحتها من الخارج من الولايات المتحدة. ويبلغ حجم الإنفاق العسكري التركي 2.3 في المائة عالمياً وتحتل المرتبة 13 على مستوى العالم، في حين أن إسبانيا تأتي في المرتبة الثانية من بين البلدان التي تشتري أنقرة منها أسلحة، إذ تستورد منها ما نسبته 17 في المائة، تليها إيطاليا بنسبة تصل إلى 13 في المائة، فيما تسيطر روسيا وأميركا على سوق السلاح في العالم.

هذه الأرقام تُظهر أن الحملة الأوروبية لوقف تصدير السلاح لأنقرة لا تأثير كبيراً لها، في ظل ما يبدو ضوءاً أخضر أميركياً للعمل العسكري التركي شمال شرق سورية، وبالتالي فإن هذه الخطوات الأوروبية تبقى رمزية، خصوصاً مع اعتماد تركيا على الطائرات المسيّرة من دون طيار من إنتاجها الذاتي، سواء تلك التي تستخدم للمراقبة، أو التي تطلق الصواريخ، كما أن أنقرة تنتج دبابات ومدفعيات ومروحيات وأسلحة فردية، فيما يبقى اعتمادها الجوي على مقاتلات "إف 16" الأميركية في أعمالها العسكرية.

وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قد أفاد بعد انتهاء عملية "غصن الزيتون" في منطقة عفرين قبل أكثر من عام، بأن تركيا اعتمدت على إنتاجها الذاتي في العملية العسكرية، بما نسبته 90 في المائة من مجمل السلاح المستخدم في العمل العسكري، وهو ما يظهر بوضوح أن الخطوة الأوروبية الجديدة لن تؤثر على سير المعركة، خصوصاً في ظل الدعم الروسي والأميركي للعملية العسكرية، وهو ما يُذكّر بما جرى في عملية "غصن الزيتون" التي عارضتها الدول الغربية من دون أن تتمكن من منعها أو تأخيرها.


المساهمون