ما بعد الضربة الأميركية

08 ابريل 2017
جاءت الضربة بعد الهجوم الكيماوي على خان شيخون(فراس فحام/الأناضول)
+ الخط -
رغم تأييد المعارضة السورية المطلق للضربة العسكرية الأميركية لمطار الشعيرات التابع للنظام السوري في حمص فجر يوم الجمعة الماضي، رداً على استخدامه منطلقاً لتنفيذ مجزرة بالسلاح الكيماوي في مدينة خان شيخون في ريف إدلب، إلا أن أنظار المعارضة تتجه إلى ما ستؤول إليه الأمور ما بعد الضربة، وفي ما إذا كانت الضربة ستؤدي إلى تغيير جذري في السياسة الأميركية تجاه سورية، أم أنها ستبقى ضمن حدود إثبات الوجود للإدارة الأميركية الجديدة على الساحة السورية مع الروس الذين استفردوا بكل مفاتيح القضية السورية سياسياً وعسكرياً.
ما من شك بأن سرعة تنفيذ القرار الأميركي تشي بأن إدارة دونالد ترامب الجديدة تنوي القيام بدور فاعل في سورية، مختلف عن دور الإدارة السابقة التي سلّمت كل المفاتيح للروس، وحتى أن مسؤوليها كانوا يطلبون من المعارضة السورية التفاهم مع موسكو إذا كانت تريد حلاً سياسياً. ولكن في الوقت نفسه، فإن طريقة التدخّل الأميركي تؤكد أيضاً أن الإدارة الأميركية الجديدة ليس لها مصلحة حتى اللحظة بإسقاط نظام بشار الأسد، فجاءت الضربة لضبط إيقاع جرائمه أكثر منها ضربة رادعة له عن ارتكاب جرائم جديدة. وهي في الوقت نفسه جاءت بالنسبة لعلاقة النظام مع مؤيديه من نوع الضربات التي يصلح معها المثل "الضربة التي لا تكسر ظهرك تقويه"، إذ استغل النظام هذه الضربة لإثبات نفسه أمام جمهوره بأنه نظام مقاوم وممانع ويتحدى إرادة أكبر دولة في العالم.
ومن غير المنطقي بعد تدخّل الولايات المتحدة عسكرياً في سورية، أن يقتصر تدخّلها على هذه الضربة، إذ لا بد أن تتبعها إجراءات تكون مؤثرة على سير العمليات العسكرية على الأرض وعلى مسار الحل السياسي. فعلى مستوى الدول المتدخّلة بالشأن السوري، جاءت الضربة كرسالة للروس بأن تدخّلهم في سورية ليس مطلق الصلاحيات، وأن الولايات المتحدة تستطيع التدخّل منفردة في أي وقت ترى فيه ضرورة لوضع حد لتماد ما. كما تلقاها داعمو المعارضة الإقليميون على أنها قد تكون بداية لتنسيق يُشكّل نوعاً من التوازن مع إيران وروسيا داعمي النظام.
المساهمون