لم أعتد على أشخاص يُعرّفون أنفسهم بكونهم "انطوائيّين" (introverts). كان التوصيف الأكثر استخداماً الذي نعتمده، نحن الانطوائيين، أنّنا "غير اجتماعيين". وفي وقت يُعدّ هذا خياراً فردياً، تحوّلنا جميعاً، خلال فترة من حياتنا، إلى "introverts" من دون أن نملك أيّ قدرة على تغيير الواقع، بينما فضّلنا اعتماد عبارة "العزلة" أو "الحجر الصحي"، كنوعٍ من المواساة.
ويُفترض بنا، نحن الذين قد نكون أكثر قدرة على التأقلم في نمط حياة خالٍ من البشر، أن نكون أكثر راحة، وأقل شعوراً بالغضب، وكأن شيئاً لم يُسلب منّا. وربّما، يُتوقّع أن نكون قد تحوّلنا إلى "شمّاتين" بأولئك المحبّين للناس والذين وجدوا أنفسهم بين جدران يتنقلون من شاشة إلى أخرى. كنّا جميعاً خلف شاشات لا نعرف إن كانت تُقرّب بعضنا من بعض أو تبعد بعضنا عن بعض. وبدا هذا في النتيجة أمراً شخصياً، بحسب قدرة كلّ واحد منّا على التواصل الافتراضي. وإن كان هذا التواصل جزءاً من يومياتنا، إلّا أننا لم نكن محرومين غيرَه.
ونصحَنا الأشخاص الإيجابيّون والمعالجون النفسيّون باستثمار هذه العزلة بما هو إيجابي، بدلاً من الشعور باليأس وكل ما يتبعها من مشاعر سلبية. خلال هذه الفترة، لم نُفكّر طويلاً في ما فكّرنا فيه حقاً من دون أن ننتبه. الأفكار كانت كثيرة، شئنا أو أبينا، خططنا للأمر أو لم نُخطط له.
ولا يتعلّق الأمر بمراحل حياتنا فقط. ليست مجرّد مشاهد رأيناها وأرعبنا بعضها. ليست طفولة أكثر ما نتذكره منها ليالٍ قضينا نبكي ونبحث عن معنى لحياتنا، وإن كانت التفاصيل الأساسية لأي طفل أو مراهق متوافرة. أكثر من ذلك، وربّما بعيداً عن ذلك تماماً، أعدنا قراءة أنفسنا. من نحن؟ ما هي رؤيتنا ودورنا في هذه الحياة؟ هل هي الشهادة الجامعية أو المهنة أو العائلة؟ عادة ما تعمد المؤسّسات أو الجمعيّات إلى إعادة النظر في كل هذه التفاصيل بين فترة وأخرى، والفترة قد تكون سنوات.
اقــرأ أيضاً
لم يصل الفيروس إليّ. لم أجد نفسي مُجبرة على قياس درجة حرارة جسمي. حدث لي ما هو أكبر. لم أفكّر في ما أحب أو أكره. لم أُجرِ تحليلاً معمّقاً لطفولتي أو مراهقتي. ما حدث كان عفوياً، كما بدأت كورونا. تصالحت مع شخصية رفضتها لسنوات طويلة، بل صرتُ أكثر تفهماً لها.
أخبرني صديق أنه لم يعتد العيش من دون مشاهدة مباريات كرة القدم. إلا أن الحجر الصحي فرض عليه ذلك. لا مباريات جديدة إذاً، وما زال على قيد الحياة. بتّ أتعامل مع الوحدة كما تعامل هو مجبراً مع مباريات كرة القدم. ببساطة، نحن قادرون على مجاراة الأقدار والتكيّف معها، وسنجد لنا مكاناً.
ويُفترض بنا، نحن الذين قد نكون أكثر قدرة على التأقلم في نمط حياة خالٍ من البشر، أن نكون أكثر راحة، وأقل شعوراً بالغضب، وكأن شيئاً لم يُسلب منّا. وربّما، يُتوقّع أن نكون قد تحوّلنا إلى "شمّاتين" بأولئك المحبّين للناس والذين وجدوا أنفسهم بين جدران يتنقلون من شاشة إلى أخرى. كنّا جميعاً خلف شاشات لا نعرف إن كانت تُقرّب بعضنا من بعض أو تبعد بعضنا عن بعض. وبدا هذا في النتيجة أمراً شخصياً، بحسب قدرة كلّ واحد منّا على التواصل الافتراضي. وإن كان هذا التواصل جزءاً من يومياتنا، إلّا أننا لم نكن محرومين غيرَه.
ونصحَنا الأشخاص الإيجابيّون والمعالجون النفسيّون باستثمار هذه العزلة بما هو إيجابي، بدلاً من الشعور باليأس وكل ما يتبعها من مشاعر سلبية. خلال هذه الفترة، لم نُفكّر طويلاً في ما فكّرنا فيه حقاً من دون أن ننتبه. الأفكار كانت كثيرة، شئنا أو أبينا، خططنا للأمر أو لم نُخطط له.
ولا يتعلّق الأمر بمراحل حياتنا فقط. ليست مجرّد مشاهد رأيناها وأرعبنا بعضها. ليست طفولة أكثر ما نتذكره منها ليالٍ قضينا نبكي ونبحث عن معنى لحياتنا، وإن كانت التفاصيل الأساسية لأي طفل أو مراهق متوافرة. أكثر من ذلك، وربّما بعيداً عن ذلك تماماً، أعدنا قراءة أنفسنا. من نحن؟ ما هي رؤيتنا ودورنا في هذه الحياة؟ هل هي الشهادة الجامعية أو المهنة أو العائلة؟ عادة ما تعمد المؤسّسات أو الجمعيّات إلى إعادة النظر في كل هذه التفاصيل بين فترة وأخرى، والفترة قد تكون سنوات.
لم يصل الفيروس إليّ. لم أجد نفسي مُجبرة على قياس درجة حرارة جسمي. حدث لي ما هو أكبر. لم أفكّر في ما أحب أو أكره. لم أُجرِ تحليلاً معمّقاً لطفولتي أو مراهقتي. ما حدث كان عفوياً، كما بدأت كورونا. تصالحت مع شخصية رفضتها لسنوات طويلة، بل صرتُ أكثر تفهماً لها.
أخبرني صديق أنه لم يعتد العيش من دون مشاهدة مباريات كرة القدم. إلا أن الحجر الصحي فرض عليه ذلك. لا مباريات جديدة إذاً، وما زال على قيد الحياة. بتّ أتعامل مع الوحدة كما تعامل هو مجبراً مع مباريات كرة القدم. ببساطة، نحن قادرون على مجاراة الأقدار والتكيّف معها، وسنجد لنا مكاناً.